تُتهم ألمانيا بالتواطؤ مع الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، وذلك تزامنًا مع استمرارها في قمع المتضامنين مع غزة والتضييق على مختلف مظاهر الاحتجاج الشعبية الرافضة لحرب إسرائيل على غزة، ومواصلتها تسليح إسرائيل رغم الدعوات الحقوقية التي تطالبها بفرض حظر على إرسال الأسلحة إليها.
أمام هذه المعطيات، كان مفاجئًا ما نقلته صحيفة "بيلد" الألمانية (المجلة الأكثر انتشارًا في ألمانيا) عن مصادر مطلعة قالت إن ألمانيا تمارس: "حظرًا صامتًا أو هادئا" على بيع الأسلحة لإسرائيل.
واستدلت المصادر التي تحدثت للصحيفة، مفضلةً عدم الكشف عن هويتها، بأنّ الحكومة الإسرائيلية طلبت في العام الماضي شراء آلاف القذائف للدبابات إلى جانب طلبات الحصول على أسلحة إضافية، لكن برلين لم تتخذ قرارًا بعد بشأن البيع. مع الإشارة إلى أنها وافقت في النصف الأول من العام الجاري على بيع أسلحة إلى قطر تزيد قيمتها قليلًا عن 100 مليون يورو، الأمر الذي يمكن تفسيره، حسب الإسرائيليين، أنه سياسة كيل بمكيالين ورفضٌ مبيّت من برلين لبيع أسلحتها لإسرائيل حتى وإن لم يكن هناك قرارٌ صريح بحظر الأسلحة الألمانية على تل أبيب.
كما لفتت الصحيفة الألمانية النظر إلى أنّ إسرائيل التي تشنّ حاليًا حربًا على غزة وتواجه تصعيدًا من عدة جبهات، تعتبر أنّ شراء المعدات العسكرية والحصول عليها من الخارج يعدّ أمرًا ضروريًا لأنّ عدوانها على غزة يتغذّى على الأسلحة التي تحصل عليها من دول مثل الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وغيرهما.
أحبطت ألمانيا العديد من المبادرات الدولية ضدّ إسرائيل وحرص المسؤولون فيها على إظهار تعاطفهم ووقوفهم إلى جانبها منذ بداية الحرب
وبحسب مصادر مطلعة على صفقات التسليح المبرمة بين إسرائيل وألمانيا، فإنّ جميع طلبات إسرائيل تقريبًا منذ اندلاع الحرب على غزة لشراء أسلحة من ألمانيا قد تأخرت، ولم تتم الموافقة إلا على عدد قليل منها.
وعلى الرغم من أنه لم يتم اتخاذ قرار بعدم البيع لإسرائيل، فإن الطلبات جفّت منذ فترة طويلة، وهو ما يشبه حظر الأسلحة الفعلي، حسب مصادر صحيفة "بيلد".
ذات المعلومة والتحليل نجدهما أيضًا على موقع "شوميريم" ومجلة "بروفيل" النمساوية، اللذين أكّدا أن ألمانيا لم توافق منذ آذار/مارس الماضي على طلب واحد لتصدير أسلحة إلى إسرائيل، مقابل 20 مليون يورو العام الماضي.
وتشير ذات المصادر إلى أنه منذ بداية العام 2024، انخفض حجم تصدير الأسلحة الهجومية (مقابل المعدات الدفاعية المخصصة للحماية مثل الخوذات أو السترات) من حوالي 20 مليون يورو في عام 2023 إلى ما يقرب من 32 ألف يورو فقط منذ بداية العام الجاري.
ويأتي هذا التأخير، حسب ذات المصادر، وسط سجالات داخلية في ألمانيا بين مكتب المستشار ومجلس الأمن القومي، اللذين يدعمان بيع الأسلحة لإسرائيل، ووزارة الخارجية الألمانية التي تعارض ذلك.
ومع ذلك، تلفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" النظر إلى أنه من المهم في الوقت نفسه التأكيد على أن ألمانيا تدعم إسرائيل في المنظمات الدولية وأحبطت عددًا لا بأس به من المبادرات ضد إسرائيل، في حين أن موقفها معقد فيما يتعلق بمبيعات الأسلحة، مرجحةً أن يكون السبب في ذلك تباين المواقف بشأن ملف الأسلحة في دوائر القرار الألمانية المتعددة.
كما لفتت يديعوت أحرنوت إلى أن تصريحات القادة الألمان كانت متعاطفةً للغاية منذ اندلاع الحرب وقد عبروا عن تعاطفهم مع إسرائيل سواءً في تصريحاتهم أو في زياراتهم.
ويربط بعض المحللين هذا التعاطف والتفهم الألماني لجرائم الحرب بعقدة النازية لدى المسؤولين الألمانييين حاليًا.
ويشار إلى أنّ حكومة العمال في بريطانيا فرضت مؤخرًا حظرًا جزئيًا على مبيعات وتصدير الأسلحة لإسرائيل، ملتحقةً في تلك الخطوة بدول أوروبية بينها إسبانيا وهولندا وإيطاليا.
وتؤكد العديد من الهيئات الدولية أن استخدام إسرائيل للمعدات العسكرية الغربية في غزة أدى إلى سقوط آلاف الفلسطينيين، ويشكل خطرًا وانتهاكًا القانون الإنساني الدولي، والمعايير القانونية التي تطبقها تلك الدول لتقرير ما إذا كان ينبغي تعليق تراخيص تصدير الأسلحة.