تثير حملات التجسس القانونية، كثيرًا من الانتقاد في أوروبا وأمريكا، حيث تتنصت بعض أجهزة الاستخبارات على آلاف البيانات من دون أبه كبير بالخصوصية، وقد مُنحت أجهزة تابعة للاستخبارات الألمانية قبل فترة تفويضًا قانونيًا، لمواصلة تجسسها على الاتصالات الهاتفية والإنترنت في مركز إنترنت معروف في مدينة فرانكفورت، وهو ما يثير جدلًا حول هذه السياسات مجددًا. يبين هذا الخبر المترجم عن صحيفة "آيرش تايم" تفاصيل هذه الحادثة.
منحت وكالة الاستخبارات الأجنبية التابعة لدائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية، تفويضًا مطلقًا لمواصلة عمليات المراقبة الجماعية للإنترنت والاتصالات الهاتفية بأكبر مركز إنترنت في العالم بمدينة فرانكفورت.
يعد تحويل نسخ من الاتصالات إلى خوادم دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية، أمرًا غير قانوني
وأقام مشغل المقر المعروف باسم (De-Cix) اختصارًا لاسم المقر "الألماني للتبادل التجاري للإنترنت" (German Commercial Internet Exchange) دعوى قضائية ضد دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية ووزارة الداخلية الاتحادية، متحديًا تجسسها على 1.200 خط اتصال من الصين وروسيا والشرق الأوسط وأفريقيا. ومع ذلك، فقد رفضت المحكمة الإدارية الاتحادية الألمانية الشكوى وسمحت باستمرار تطويق وجمع البيانات، حتى دون إبداء أية أسباب ملموسة.
ورأى مركز التوزيع De-Cix أن تحويل نسخ من الاتصالات التي تتم عبر جميع الخطوط المصنوعة من الألياف الضوئية إلى خوادم دائرة الاستخبارات الاتحادية الألمانية، يُعد أمرًا غير قانوني، وذلك لأن الاتصالات التي يجريها المواطنون الألمان يتم الاحتفاظ بها أيضًا. ومع ذلك، برر محامو الحكومة الفيدرالية بأن دائرة الاستخبارات الاتحادية استخدمت مرشحات وعوازل خاصة لانتقاء وعزل الاتصالات التي يجريها المواطنون الألمان. هذا وقد سمحت لها قوانين التنصت الفيدرالية بمراقبة "الإشارات الاستخباراتية ذات الأهمية الاستراتيجية" التي تمر عبر المركز، إلا أن دائرة الاستخبارات لم تمتلك حرية مُناقشة العمليات.
وقالت المحكمة إن مشغل مركز البيانات لا يحق له الاستشهاد بالمادة رقم 10 من القانون الأساسي لجمهورية ألمانيا الاتحادية (الدستور الألماني) في فترة ما بعد الحرب، الذي يضمن بموجبها خصوصية الاتصالات، لأنه باعتباره مشغلًا للمرفق لم يتأثر بشكل مباشر بعمليات دائرة الاستخبارات.
وأضافت المحكمة أن شرعية عمليات المراقبة التي تتم بمركز فرانكفورت من عدمها تُمثل مبعث قلق الحكومة الفيدرالية ومؤسساتها وليس مركز التوزيع De-Cix.
اقرأ/ي أيضًا: الكرملين يصعد "حرب الجواسيس" مع الغرب في الإعلام.. كيف بدأت؟
وقال الاتحاد إنه رحب باليقين والموثوقية القانونية التي قدمها الحكم الصادر عن المحكمة لكنه لا يزال غير راض. وصرح بعد صدور الحكم: "لا تتحمل إدارة مركز التوزيع De-Cix مسؤولية الانتهاكات (الدستورية) الناجمة عن التنصت على إشارات الاتصالات المحلية الألمانية من قبل دائرة الاستخبارات في مركز تبادل المعلومات عبر الإنترنت في فرانكفورت".
مراكز البيانات
وتشمل منشأة مركز التوزيع De-Cix التي تأسست في عام 1995 بمدينة فرانكفورت، 19 مركزًا للبيانات، وفي أوقات الذروة، تستهلك خوادمها كهرباء أكثر من مطار فرانكفورت، وتنقل أكثر من 6 تيرابايت من البيانات في الثانية الواحدة.
دمجت دائرة الاستخبارات في بداية عام 2009 في كابلات الألياف الضوئية أجهزة تسمى "prism"، من شأنها أن تقوم باعتراض وتحويل نسخة من جميع البيانات المارة بالشبكة إلى الخوادم الخاصة بدائرة الاستخبارات.
كشف إدوارد سنودن عن عمليات التجسس على الاتصالات التي تقوم بها المخابرات الأمريكية والبريطانية
وقد كشف إدوارد سنودن الغطاء عن عمليات التجسس على الاتصالات واسعة النطاق التي تقوم بها كل من المخابرات الأميركية والبريطانية، مما يعني أن الوكالة الألمانية لا تستخدم وحدها مثل هذه الممارسات. وحذرت دائرة الاستخبارات أنه، من دون عمليات المراقبة التي تخضع لها الاتصالات السلكية واللاسلكية في مركز فرانكفورت وغيره من مراكز تبادل البيانات عبر الإنترنت، لن تتمكن من أداء مهامها وقد تضطر إلى الإغلاق.
ومع ذلك، فقد جعل تاريخ ألمانيا الدكتاتوري في القرن العشرين، من المراقبة الجماعية قضية حساسة ودقيقة هنا. وفي ظل عدم إمكانية استئناف الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية، أعلن اتحاد مركز التوزيع De-Cix أنه سيقدم قضيته الآن إلى المحكمة الدستورية الألمانية.
اقرأ/ي أيضًا:
فضائح رأس المال.. شركات عالمية تتجسس على جماعات ونشطاء حقوقيين
شراكة إسرائيلية مع كامبريدج أناليتيكا.. الإمارات حاضرة دائمًا