تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية، عملية اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، بشكلٍ واسع، ورغم تناولها، بناءً على تقارير وتصريحات، عربية وأجنبية، في ظل عدم صدور إعلان إسرائيلي رسمي، فإن التحليلات الإسرائيلية، دارت حول نقاط محدودة، تتحدث عن أن انعكاس الاغتيال على حركة حماس أو العدوان على غزة سيكون "محدودًا"، فيما ناقشت التحليلات جزئية رد "حزب الله"، على عملية الاغتيال في لبنان.
والتركيز على "حزب الله"، يرتبط في تهديد سابق لأمينه العام، عن "رد" كبير في حال وقوع عملية اغتيال على الأرض اللبنانية.
قال الصحفي الإسرائيلي ناحوم برنيع: "هناك شيء واحد مؤكد: اغتيال العاروري ومساعديه سمير فندي وعزام الأقرع سيضر على المدى القصير بنشاطات حماس في بيروت، لكنه لن يغير الواقع. حماس منظمة أكبر من أي من شهدائها المحتملين، بما في ذلك السنوار"
وبعد أقل من يوم على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، قال رئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع، اليوم الأربعاء، إن "كل من شارك وخطط لعملية 7 أكتوبر، سيلاحقه الموساد"، وأضاف: "الموساد اليوم، كما كان الحال قبل 50 عامًا، كما حدث بعد ميونيخ. أيدينا ستلحق بهم أينما كانوا"، وذلك خلال مشاركته في جنازة رئيس الموساد السابق تسفي زامير.
ضرر قصير
وفي تعليقه على عملية الاغتيال، قال الصحفي الإسرائيلي ناحوم برنيع، إن "الاغتيالات المستهدفة لا تقاس فقط بالضربة. السؤال هو ما الذي يمكن أن تفعله هذه الخطوة: التكلفة مقابل المنفعة. ومن قرر تصفية العاروري في بيروت توقع أن يكون هناك رد فعل عنيف، سواء من حماس أو من حزب الله".
ويشير برنيع، إلى اغتيال صالح العاروري، يعني توقف مفاوضات صفقة تبادل الأسرى، مشيرًا إلى أن الاغتيال لن يخفف من موقف حماس ويدفعها باتجاه صفقة أخرى، مضيفًا: "أرجح أن يؤدي الاغتيال إلى تأخير، وربما إلى نسف، استمرار المفاوضات".
ووصف برنيع عملية الاغتيال بـ"المقامرة"، مضيفًا: "لم يكن اغتيال العاروري في صالح المفاوضات التي يجريها الأميركيون والفرنسيون في لبنان منذ الأسابيع القليلة الماضية. وشجعت إسرائيل هذه الاتصالات. وكان المتوقع هو التوصل إلى تسوية عبر الوسائل الدبلوماسية، تمنع الحرب وتسمح بالعودة إلى المستوطنات الشمالية".
وختم برنيع تحليله الموجز، بالقول: "هناك شيء واحد مؤكد: اغتيال العاروري ومساعديه سمير فندي وعزام الأقرع سيضر على المدى القصير بنشاطات حماس في بيروت، لكنه لن يغير الواقع. حماس منظمة أكبر من أي من شهدائها المحتملين، بما في ذلك السنوار"، وفق قوله.
كيف سيرد حزب الله؟
من جانبه، قال المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل: "من المفترض أن يؤدي الاغتيال إلى رد فعل قاسٍ من جانب حماس، وخاصة من لبنان. السؤال الرئيسي الآن هو كيف قد يرد حزب الله على عملية الاغتيال". مضيفًا أن "اختيار لبنان لمكان الاغتيال، ينطوي على خطر المزيد من التصعيد مع حزب الله".
واستمر هارئيل، بالقول: "في الصيف الماضي، هدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صراحة بقتل العاروري. ورد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله حينها بأنه لا يهم منظمته ما إذا كان الهدف لبنانيًا أو إيرانيًا أو فلسطينيًا؛ وأي عملية اغتيال تقوم بها إسرائيل على الأراضي اللبنانية ستثير ردًا قاسيًا من حزب الله. لكن الأمور تبدو مختلفة بعض الشيء الآن، في ظل الحرب في غزة".
وأشار هارئيل، إلى أن رد حزب الله في ظل الحرب، سيهدد بإمكانية اندلاع جبهة قتال واسعة.
وختم هارئيل تحليله، بالقول: "يرى مراقبون أن الجيش والقادة السياسيين يحاولون أولاً الحصول على صورة النصر في الحرب. لقد كان للقيادة العسكرية لحماس بشكل عام، وللسنوار بشكل خاص، قدر هائل من التأثير على تشكيل استراتيجية المنظمة في السنوات الأخيرة وعلى قرار 7 تشرين الأول/أكتوبر". موضحًا: "لكن ليس من المؤكد أن الروح القتالية للمجموعة سوف تنكسر تمامًا إذا تم اغتيالهم. وفي الوقت الحالي، فإن الجيش وجهاز الأمن الشاباك ليسا واثقين حتى من أنهما سيتمكنان من تحديد مواقع قادة حماس في غزة في المستقبل القريب".
بدوره، قال المحلل في صحيفة "هآرتس" تسفي بارئيل: "يشكل اغتيال صالح العاروري، نجاحًا استخباراتيًا وعملياتيًا، لكنه لا يقوض في الوقت الحاضر مسار الحرب التي يقودها يحيى السنوار في غزة".
وأضاف: "يبدو أن اغتيال العاروري، بالنسبة للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، هو الاختبار الأسمى لمعادلة المواجهة والردع التي وضعها ضد إسرائيل".
وأشار بارئيل، إلى أن اغتيال العاروري، لن ينعكس على الحرب، ولكنه قد يساهم في تغير على مستوى نقاشات "اليوم التالي".
معضلة حزب الله
وفي تعقيب على اغتيال العاروري، قال المسؤول السابق في استخبارات الجيش الإسرائيلي مايكل ميلشتاين، ورئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان في جامعة تل أبيب: "أن المعضلة الأساسية التي أعقبت الاغتيال ليست لحماس، بل حزب الله"، وكرر الحديث عن تصريح نصر الله السابق.
وأشار إلى أن الواقع حاليًا مغاير، مع "خطر" اندلاع حرب واسعة، منعته من الانضمام للحرب بشكلٍ كامل حتى الآن.
ورجح ميلشتاين، خطوة أبعد مدى من الواقع الراهن على الجبهة الشمالية، مضيفًا: "لكنه سيحاول على الأرجح التأكد من احتواء هذه الخطوة وعدم جر لبنان بسرعة إلى حرب شاملة".
وختم تحليله، بالقول: "أظهرت التجارب السابقة -بما في ذلك تجربة نصرالله في حرب لبنان الثانية- ليس من الممكن دائمًا السيطرة على أبعاد التصعيد منذ لحظة بدئه، وهذا يطور ديناميكية قد تدفع جميع الأطراف إلى واقع أكثر صعوبة، مما خططوا له أو رغبوا فيه".
وقال الصحفي الإسرائيلي رونين بيرجمان: "إن اغتيال صالح العاروري واثنين آخرين من كبار مسؤولي حماس في بيروت، والذي يُنسب بحسب التقارير إلى إسرائيل، يعكس الرغبة في استعادة زمام الحرب. يبدو أنه سيكون من الصعب تنفيذ عملية تحاول إلحاق الضرر في حماس وحزب الله دون خلق خطر جدي لحرب شاملة مع الآخر".
وأكد مصدرٌ قياديٌ في حزب الله، لـ"العربي الجديد"، أن "نصر الله سيتحدث، وسيوجّه رسائل حاسمة ومباشرة".
بعد أقل من يوم على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، قال رئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع، إن "كل من شارك وخطط لعملية 7 أكتوبر، سيلاحقه الموساد"
وأضاف المصدر ذاته أن "حزب الله نفذ 4 عمليات عسكرية على الحدود اللبنانية، أمس الثلاثاء، بعد اغتيال العاروري ورفاقه طاولت مواقع إسرائيلية وتجمّعات جيش العدو وأوقعت أفراده بين قتلى وجرحى، لكنها ليست الردّ بعد على ما حصل في الضاحية الجنوبية لبيروت، والردّ سيكون قويًّا".
ويشير المصدر إلى أن "حزب الله سيردّ من لبنان على الاغتيال والمقاومين يدهم دائمُا على الزناد، ولكن الردّ سيكون مدروسًا، لأن الحزب لا يريد أن يحقق للعدو مراده، إذ يعمل الإسرائيلي لجرّ الحزب إلى حربٍ، من خلال تصعيد عملياته، وخرق قواعد الاشتباك في الجنوب"، لافتًا، إلى أن "قرار الحرب ليس سهلًا، وهناك اعتبارات لها علاقة بالبلد والحرب الكبرى في المنطقة وحسابات أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار، فالحرب ليست نزهة".