بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي، توسيع عدوانه البري باتجاه جنوب غزة، في ظل استمرار العدوان في شمال غزة، دون تحقيق "الأهداف الإسرائيلية".
وما قبل الهدنة المؤقتة، عملت إسرائيل على التحريض على خانيونس، باعتبارها "الهدف العسكري" المقبل. وفي صباح يوم الأحد، بدأ جيش الاحتلال في التقدم باتجاه شمال خانيونس، في نمط شبيه بالعدوان على الشمال.
وبعد استئناف جيش الاحتلال، للحرب نفذ مجموعة كبيرة من الغارات العنيفة على جنوب القطاع، في تمهيد لذروة جديدة من العدوان. ومن المتوقع أن يؤدي العدوان إلى تفاقم الظروف المعيشية الصعبة في منطقة تضررت بالفعل على نطاق واسع بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية، وأعاقها انقطاع الاتصالات المنتظم واكتظت بالمدنيين النازحين الذين يعانون من انتشار الأمراض ونقص المياه والغذاء والوقود والمعدات الطبية، بالإضافة إلى العدد الكبير من الشهداء، بفعل القصف الإسرائيلي.
قال المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل: "لقد أدى شهرين من القتال إلى إضعاف حماس بشكل كبير، ولكن خلاصة القول هي أنها مستمرة في القتال ولا تظهر أي علامات على أي استعداد لإلقاء أسلحتها"
التحرك الأخير؟
يتحدث قادة جيش الاحتلال والمستوى السياسي في إسرائيل، عن عدم وجود وقت يقيد العدوان على غزة. لكن الكاتب الإسرائيلي ناحوم برنيع يشكك في ذلك، بالقول: "العملية البرية للجيش الإسرائيلي في منطقة خانيونس لن تكون قابلة للمقارنة في نطاقها وقوتها بالعملية البرية في شمال قطاع غزة. بالتأكيد لا: لقد حان الوقت لخفض التوقعات"، مشيرًا إلى أن العدوان على خانيونس من الصعب استمراره لمدة أكثر من عشرة أيام إلى أسبوعين.
وأضاف، أن العملية الإسرائيلية لم تنجح في شمال غزة على مدار 59 يومًا، ومن المشكوك في نجاحها خلال فترة زمنية أقصر بكثير في خانيونس.
ويشير برنيع، إلى إمكانية الضغط الأمريكي، وانعكاسه على الخطط والقرارات العسكرية، خاصةً مع "انزعاج" الولايات المتحدة من مشاهد الدمار في غزة. بالإضافة إلى عدم رغبة تل أبيب في نقاش "اليوم التالي" بشكلٍ جدي. موضحًا: "اعتمادنا على الولايات المتحدة أكبر مما ترغب الحكومة في الاعتراف به"، ولهذا يعطيه وزنًا كبيرًا في تحليله.
وأضاف برنيع: "إذا افترضنا أن التحرك البري في خان يونس سيبدأ، فمن المرجح أن يكون التحرك الأخير. ولا يمكننا أن نمدها إلى رفح: فالنازحون ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه. المرحلة الثانية من الحرب، التي بدأت بالدخول البري إلى الشمال، ستنتهي على الأرجح في خان يونس".
ويعتقد برنيع، أن الخطوة الثانية ما بعد العدوان على خانيونس، ستكون "إنشاء المنطقة العازلة" في غزة، معلقًا على ذلك بالقول: "لن يوفر هذا الشريط الكثير من الأمن - فالمنطقة ضيقة للغاية ومكتظة بالسكان".
وعن نقاش "اليوم التالي"، يختم برنيع بالقول: "غالبًا ما يناقش مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والجيش الإسرائيلي اليوم التالي- لكن الاستنتاجات لا تُعرض في مجلس الوزراء: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يرفض. فالسياسة الداخلية تفوق الحاجة إلى الأمن. الحكومة، وربما أيضاً مزاج معظم الإسرائيليين بعد 7 أكتوبر، لا تتماشى مع متطلبات الواقع".
الحرب تتواصل.. حماس لم تستسلم
من جانبه، قال المعلق العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل: "لقد أدى شهرين من القتال إلى إضعاف حماس بشكل كبير، ولكن خلاصة القول هي أنها مستمرة في القتال ولا تظهر أي علامات على أي استعداد لإلقاء أسلحتها".
أمّا عن توسيع العدوان على قطاع غزة، أضاف هارئيل: "اختيار خان يونس ليس صدفة. ومن الواضح أن الهدف منها هو الضغط على السنوار وكبار مسؤولي حماس المحيطين به. فبعد أن دمرت إسرائيل رموز حكم حماس في مدينة غزة، فضلًا عن قواعدها ومواقعها الأمامية ومكاتبها الحكومية، فإنها تضرب الآن قيادة المنظمة بشكل مباشر. ومع ذلك، اقتراب القوات الإسرائيلية من المدينة، سيزيد الخطر على المدنيين وستصبح الجهود المبذولة لتوصيل المساعدات إليهم أكثر تعقيدًا".
واستمر بالقول: "مع استمرار القتال وتزايد تعقيده، ستركز إسرائيل بشكل متزايد على ضرورة ضرب السنوار. هناك قدر كبير من الرمزية في الأمر، حيث أن السنوار هو المخطط والمنفذ لـ 7 أكتوبر . ولكن هناك أيضًا سبب عملي لاستهدافه، لأنه كان الشخص الذي قاد حماس إلى سياستها المتشددة تجاه إسرائيل. والفكرة هي أنه إذا تمت إزالة السنوار وربما دائرته المباشرة، فإن التنظيم سيفقد الرغبة في مواصلة القتال".
قال ناحوم برنيع: "إذا افترضنا أن التحرك البري في خان يونس سيبدأ، فمن المرجح أن يكون التحرك الأخير. ولا يمكننا أن نمدها إلى رفح"
وفي تعليقه على هذه الجزئية، قال: "مع ذلك، فإن الطريق نحو هذا الهدف ليس واضحًا. علاوة على ذلك، لدى إسرائيل تقليد في البحث عن ’صور نصر’ رمزية لا تؤدي عادة إلى نصر فعلي".
ويتحدث هارئيل عن الضغط الأمريكي في جزئية "اليوم التالي"، بالقول: "تتفاقم هذه المشكلة بسبب رفض نتنياهو العنيد أن يناقش مع الأميركيين ما سيحدث في قطاع غزة في اليوم التالي لهزيمة حماس (وهو ما لن يتحقق بالضرورة على أية حال) وإصراره على أن السلطة الفلسطينية لن تكون قادرة على الاستسلام. جزء من الحل. وتحاول إدارة بايدن الالتفاف على المشكلة من خلال مناقشة التغييرات التي ستشهدها السلطة الفلسطينية، لكن الخلافات ليست دلالية".
أمّا عن وقف إطلاق النار وموقف الولايات المتحدة، قال هارئيل: "خلافًا للكثيرين في إدارته، فإن الرئيس ليس مستعدًا للدعوة إلى وقف إطلاق النار لأن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تقوض التبرير الذي قدمه لحرب إسرائيل. والسؤال هو ما إذا كان سيتمسك بهذا الموقف إذا تعثرت المعركة في جنوب غزة. إن غياب هدف استراتيجي واضح للحرب يعني أن الجيش يفتقر إلى الوضوح، ويجعل من الصعب التنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة وقد يؤدي إلى تآكل الصبر الدولي".