18-يونيو-2024
gettyimages دعوة في بريطانيا إلى وقف تسليح إسرائيل

(Getty) مظاهرة في بريطانيا تدعو إلى وقف تسليح إسرائيل

ينتشر جدلٌ كبيرٌ في بعض البلدان الغربية حول أخلاقية تزويد إسرائيل بالأسلحة على خلفية عدوانها على قطاع غزة، واتهامها المستمر بارتكاب إبادةٍ جماعيةٍ في القطاع المحاصر، وإدانتها في أكثر من موقعٍ دوليٍ بارتكاب جرائم حرب في غزة، وآخر ذلك ما كان من إدراج جيشها من طرف الأمم المتحدة في القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الطفل.

وعلى الرغم من مواجهة الدول المصدّرة للأسلحة إلى إسرائيل ـ وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا بهذه المعطيات ـ إلا أنها تصر على استمرار تزويد تل أبيب بالأسلحة، بل تشير البيانات إلى أن واشنطن وبرلين زادتا من مبيعات الأسلحة لإسرائيل بعد بدء الحرب على غزة.

لكن يبدو أن بعض أوساط المسؤولين في بريطانيا، ممن يجدون حرجًا في وضع اسم بلادهم ضمن قائمة أكثر الدول تصديرًا للأسلحة نحو جيشٍ متهمٍ بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، أرادوا أن يُظهروا صورةً مغايرةً تتمثل في تراجع إصدار بريطانيا تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.

فقد أكد مسؤولون بريطانيون لوكالة رويترز انخفاض الموافقات البريطانية على تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل بشكلٍ كبيرٍ بعد بدء الحرب في غزة، حيث انخفضت قيمة التصاريح الممنوحة لبيع المعدات العسكرية لتل أبيب بأكثر من 95%، وهو أدنى مستوًى لها في ال 13 عامًا الماضية.

يثير تزويد إسرائيل بالأسلحة جدلاً واسعًا، خاصة في ظل اتهامات لها بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة وجرائم حرب، وآخرها إدراج جيشها في القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الطفل من قبل الأمم المتحدة

يشار إلى أن رويترز استندت في هذه الأرقام، التي لم تنشر من قبل، على معلوماتٍ قدمها مسؤولون حكوميون لرويترز وبياناتٍ من وحدة مراقبة الصادرات بوزارة الأعمال والتجارة.

ووفقًا للمسؤولين البريطانيين الذين تحدثوا لرويترز فإن قيمة التراخيص التي وافقت عليها بريطانيا في الفترة من السابع من تشرين الأول/أكتوبر إلى 31 كانون الأول/ديسمبر انخفضت إلى 859 ألفا و381 جنيها إسترلينيا (1. 09 مليون دولار)، وهذا أدنى رقمٍ للفترة بين السابع من تشرين الأول/أكتوبر و31 كانون الأول/ديسمبر منذ عام 2010.

ويمكن مقارنة ذلك، حسب رويترز، ببياناتٍ رسميةٍ تظهر موافقة الحكومة البريطانية على مبيعات أسلحةٍ بقيمة 20 مليون جنيه إسترليني (نحو 25 مليون دولار) لإسرائيل لنفس الفترة من عام 2022، بما يشمل ذخائر أسلحةٍ خفيفةٍ وقطع غيار مقاتلاتٍ.

كما تظهر البيانات، التي اطلعت عليها رويترز أيضًا، أنه في الفترة نفسها من عام 2017، تمت موافقة الحكومة البريطانية على مبيعات أسلحةٍ بقيمة 185 مليون جنيهٍ إسترلينيٍ لإسرائيل، بما شمل قطع غيار دباباتٍ وصواريخ أرض جو، في أعلى رقمٍ لهذه الفترة في البيانات المتاحة للجمهور، والتي تعود إلى عام 2008.

ونبّه تقرير رويترز إلى أن بريطانيا وعلى خلاف الولايات المتحدة، لا تزود إسرائيل بالأسلحة بشكلٍ مباشرٍ، بل تصدر تراخيص للشركات لبيع الأسلحة على أساس مشورةٍ يقدمها محامون حول اتساق ذلك مع القانون الدولي.

كما نبّه تقرير رويترز أيضًا إلى أن كثيرًا من التراخيص التي تمت الموافقة عليها في الفترة التي أعقبت بدء الحرب في غزة، كانت مخصصةً لعناصر مدرجةٍ في قائمة "الاستخدام التجاري" أو العتاد غير القتالي مثل الدروع الواقية، والخوذات العسكرية ومركبات الدفع الرباعي المصفحة.

لكن وكالة رويترز أشارت إلى أنها لم تتمكن من تحديد ما إذا كان الانخفاض في قيمة التراخيص المعتمدة لإسرائيل، يرجع إلى قرارٍ من بريطانيا للحد من بيع سلع معينة، أم بسبب انخفاض الطلب من إسرائيل.

يذكر في هذا الصدد أن وزارة الأعمال والتجارة، المسؤولة عن الموافقة على تراخيص التصدير، ووزارة الخارجية رفضتا طلب رويترز بالتعليق على هذه البيانات والأسئلة المثارة حولها.

انتقادات حقوقية

انتقد أعضاءٌ في البرلمان البريطاني إلى جانب منظماتٍ لحقوق الإنسان الحكومة البريطانية بسبب نقص المعلومات المتاحة للعامة حول مبيعات الأسلحة لإسرائيل منذ بداية الحرب.

وكانت بعض الدول مثل إيطاليا وكندا وهولندا فرضت قيودًا على صادرات الأسلحة إلى إسرائيل بسبب مخاوف من كيفية استخدامها. وبالتزامن مع دعوات برلمانيين وحقوقيين لحظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.

وكانت ألمانيا قد وافقت في العام الماضي، على تصدير أسلحةٍ إلى إسرائيل بقيمة 326 مليون يورو، أي أكثر بعشر مراتٍ مما كانت عليه في عام 2022، لكن قيمة الصادرات التي حصلت على الموافقات انخفضت إلى نحو 10 ملايين يورو في الربع الأول من العام الجاري.

وأشار تقرير روبترز إلى أن ئيس الوزراء البريطاني الحالي ريشي سوناك يعد أحد أقوى المدافعين في أوروبا عن حق إسرائيل في الرد بقوةٍ هائلةٍ على حماس، وقاوم دعواتٍ لوقف عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل، لكنه قال إن الحكومة ملتزمةٍ "بنظام ترخيصٍ دقيقٍ جدًا".

هذا ومن المتوقع حسب رويترز أن تقدم بريطانيا في الأشهر المقبلة معلوماتٍ عن مبيعات الأسلحة لإسرائيل في النصف الأول من العام الجاري.

يذكر أن الحكومة البريطانية منعت في عام 2009 وقبل ذلك عام 1982 مبيعات أسلحةٍ إلى إسرائيل.