استمرارًا في مسلسل العنصرية، الذي يلعب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، دور البطل فيه، نشر صباح يوم الأحد الماضي مجموعة تغريدات، عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر، دعا فيها مجموعة من نائبات الحزب الديمقراطي في مجلس النواب لم يسمهن إلى مغادرة البلاد والعودة من حيث أتين. في حين أن النائبات اللاتي لم تذكر أسماؤهن، يعتقد على وجه قاطع أنهن النائبة أليكسندريا أوكاسيو كورتيز من ولاية نيويورك، والنائبة إلهان عمر من ولاية مينيسوتا، والنائبة رشيدة طليب من ولاية ميتشغان، والنائبة آيانا بريسلي من ولاية ماساتشوستس.
ثلاث من الأربع نائبات، ولدن في أمريكا! في حين أن الصومالية إلهان عمر هي الوحيدة التي ولدت خارج حدود الولايات المتحدة، وبعيدا عن الأحقية التي منحها الدستور الأمريكي لأي حاصل على الجنسية، حتى وإن عن طريق الهجرة وليس الميلاد، أن يشغل اي منصب حكومي باستثناء منصب رئيس الدولة ونائب الرئيس، فإن عنصرية ترامب تتأكد حينما نعلم أن 12 عضوًا من بين أعضاء الكونغرس الـ 535 ولدوا خارج الولايات المتحدة، في حين أن ترامب وجوقة العنصريين من ورائه لا تتحدث إلا عن هاته النائبات.
ثلاث من الأربع نائبات، ولدن في أمريكا! في حين أن الصومالية إلهان عمر هي الوحيدة التي ولدت خارج حدود الولايات المتحدة!
في المقابل عقدت النائبات الديمقراطيات الأربعة مؤتمرًا صحفيًا في داخل مقر الكونغرس ردًا على ما وصفنه بإساءة ترامب لهن، فأدانت النائبة إلهان عمر هجوم ترامب العنصري تجاه مشرعات ملونات، وهو ما يعبر، بحسب عمر، عن أجندة القوميين البيض، في حين دعت النائبة من الأصول الفلسطينية، رشيدة طليب، ببدء محاكمة برلمانية للرئيس بهدف عزله.
في حين قالت النائبة بريسلي أن تغريدات ترامب الداعية لكراهية الأجانب لن تدعها تصمت، وأما النائبة كورتيس فعبرت عن أسفها للطريقة التي يشعر بها ترامب تجاه الأشخاص الملونين والمهاجرين المتجنسين بالولايات المتحدة، ودعت إلى تجاوز مفاهيم ترامب عن أميركا.
اقرأ/ي أيضًا: من جدار المكسيك إلى جدار فيسبوك.. فوبيا ترامب من اللاجئين
تصريحات النائبات الأربع، وعشرات الردود السلبية من مختلف المستويات السياسية الرسمية والشعبية لم تثنِ ترامب عن التمسّك برأيه العنصري، فعاد أمس ليؤكد، عبر تصريحات صحفية قال فيها: "إذا لم تكن سعيدًا في الولايات المتحدة وإذا كنت تشتكي طيلة الوقت فتستطيع ببساطة أن ترحل"، ومعبرًا عن تجاهله إذا ما كانت التغيردات تعد عنصرية وتعبر عن أفكار الذين يؤمنون بتفوق العرق الأبيض، لأن مجموعة كبيرة من الناس تتفق معه، على حد تعبيره.
حلقات أخرى من مسلسل ترامب العنصري
ابتدأت الحلقة الأولى في عنصرية ترامب المرتبطة بكرسي الرئاسة الأمريكي (إذ إنه يحمل سجلًا حافلًا من العنصرية أثناء حياته الإعلامية والمهنية السابقة) مع حملته الانتخابية، إذ بدأ بمهاجمته للرئيس السابق باراك أوباما، وتحديدا انحداره من أصول إفريقية، مطالبًا إياه بوثائق ولادته على الأرض الأمريكية، وفيما بعد ارتكزت حملته على مواجهة تدفق الهجرة، واصفًا المهاجرين القادمين من المكسيك بمهربي المخدرات والمغتصبين، والتي انعكست فيما بعد على سياساته المرتبطة بالجدار الذي يعتزم بناءه على طول الحدود الجنوبية، كما وصف المهاجرين في إحدى المرات بقوله: "لن تصدقوا كم أنّ هؤلاء الناس أشرار، ليسوا بشرًا، إنهم حيوانات".
استمر مسلسل العنصرية بعد وصول ترامب للبيت الأبيض، وخاصة ما يرتبط بنظرته العدائية للإسلام والمسلمين، فبالإضافة للكثير من التعليقات المعادية للجاليات الإسلامية، في ولاية نيوجيرسي خاصة، قام بحظر مجموعة من الدول ذات الأغلبية المسلمة من الدخول إلى الولايات المتحدة، كما قام بتخفيض حاد لأعداد المهاجرين من الدول الإسلامية الأخرى، وخصوصًا اللاجئين القادمين من سوريا.
في يناير من عام 2018، صرح ترامب بأنه يفضل استقبال مهاجرين ذوي بشرة بيضاء من دول أوروبا الغربية على سواهم وقال: "لماذا يأتينا كل هؤلاء الأشخاص من دول حثالة؟" مشيرا إلى دول إفريقية وهايتي والسلفادور. وتابع: "ما حاجتنا إلى المزيد من الهايتيين؟ أخرجوهم، يجدر بنا استقبال أشخاص من دول مثل النرويج".
أما على المستوى الداخلي فلم يختلف الأمر كثيرًا، إذ ساوى مجموعات عنصرية تنادي بتفوق العرق الأبيض وتدعو للنازيين الجدد، وبين مجموعات خرجت في مظاهرات معادية، فما كان من ترامب إلا أن يقول: "أشخاص طيبون جدا من الجانبين"، واصفا الطرفين على حد سواء: "عرض مشين للحقد والتعصب والعنف من عدة أطراف"، وما قاله أيضًا بحق إقليم بورتوريكو، منتقدًا الوضع السياسي هناك.
ردود الأفعال على تصريحات ترامب
لعل رد الفعل الأقصى كان تصويت مجلس النواب الأمريكي، أمس الثلاثاء، بأغلبية لصالح قرار يدين تصريحات ترامب، مصنفًا إياها في خانة العنصرية، كما و"شرّعت وزادت الخوف والكراهية تجاه الأميركيين الجدد والأشخاص الملونين"، وبجانب الأغلبية الديمقراطية التي تشكل مجلس النواب، انضم أربعة نواب جمهوريين ونائب مستقل واحد للأغلبية الديمقراطية.
في حين اعتبرت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، أن تغريدات ترامب تصب في المجرى الداعي لتفوق العرق الأبيض، واصفة إياه بأنه "يريد أن يجعل أميركا بيضاء مرة أخرى"، كما وصفتها بالمشينة والمثيرة للاشمئزاز.
أدان الحزب الديمقراطي، وبعض مرشحيه لسباق الانتخابات الأمريكية القادمة، تصريحات ترامب، واصفين إياها بالعنصرية
من جانبه، أدان الحزب الديمقراطي، وبعض مرشحيه لسباق الانتخابات الأمريكية القادمة، تصريحات ترامب، واصفين إياها بالعنصرية، وعلى رأسهم بيرني ساندرز، أبرز مرشحي الحزب الديمقراطي. أما إليزابيث وارن النائبة الديمقراطية والمنافسة لساندرز في الانتخابات القادمة، فقد قالت: "لنكن واضحين حول ماهية التعليق الخسيس، إنه هجوم عنصري وكره للأجانب وجّه إلى عضوات ديمقراطيات بالكونغرس، إن أميركا بلدهن بغض النظر إذا كان ترامب يدرك ذلك أم لا، يجب أن يعاملن باحترام وسأحرص على ذلك إذا انتخبت رئيسة للبلاد". كما أدان مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) تعليقات ترامب، وقال المدير التنفيذي نهاد عوض: "محزن أن نرى ساكن البيت الأبيض ينتقل من دعم وتشجيع الأوصاف العنصرية إلى استخدامها بنفسه".
أما على المستوى الخارجي فقد قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، عبر المتحدث باسمها، بأن تغريدات ترامب "غير مقبولة بتاتًا".
اقرأ/ي أيضًا:
أطفال محتجزون في أقفاص.. ممارسات منزوعة الإنسانية على الحدود الأمريكية
سرقة أطفال المهاجرين على الحدود الأمريكية.. جريمة ترامب لردع الهجرة