11-أغسطس-2024
الدولار الأميركي

(Getty) هيمنة الدولار الأميركي تتقلص

تسارعت مؤخرًا وتيرة التخلص من هيمنة الدولار التي بدأت منذ سنوات، ويعود التسارع في هذه الوتيرة إلى تزايد اعتماد الصين على عملتها اليوان في المعاملات العابرة للحدود.

وقد سلطت أويل برايس الضوء على هذا التحول الذي يعرفه المشهد المالي العالمي الذي بدأ يتحرر من هيمنة الدولار الأميركي عبر التقليص التدريجي لسيطرته في التجارة الدولية والتمويل الدولي أيضًا.

ابتعاد الصين عن الدولار:

يؤكّد تقرير "أويل برايس" أنّ الصين اعتمدت تاريخيًا كما العديد من الدول بشكلٍ كبير على الدولار في تجارتها الدولية. وإلى حدود العام 2010 كانت أقل من 1% من المدفوعات عبر الحدود في الصين تُسوّى باليوان، في حين كان 83% منها يتم بالدولار.

 يظل الدولار هو العملة المهيمنة في سوق الصرف الأجنبي رغم تزايد قبول اليوان عالميًا

ومع مرور الوقت، وتحديدًا في آذار/مارس 2023 تجاوز اليوان الدولار لأوّل مرةٍ في تسويات التجارة الصينية، وبحلول آذار/مارس من العام الجاري 2024 تجاوزت نسبة المدفوعات الصينية التي تُجرى باليوان 52.9%، وهو ما يمثل تصاعدًا ملحوظًا في غضون 5 سنوات فقط، حسب تقرير "أويل برايس".

ويُعزى هذا التحول، حسب التقرير، إلى عوامل عدة، لكنّ أهمّها ربما هو عامل "الرغبة المتزايدة بين الشركات الأجنبية في التجارة باليوان لتقليل تعرضها للدولار".

يشار في هذا الصدد إلى أنّ دولًا مثل البرازيل والأرجنتين بدأت في قبول اليوان للتجارة، مما عزز استخدامه الدولي وفقًا لمنصة "أويل برايس".

ولا يمكن بالضرورة إغفال دور الحكومة الصينية والبنك المركزي الصيني في هذا التحول، حيث نفّذا سياساتٍ لتسهيل استخدام اليوان في التجارة والاستثمار عبر الحدود.

مقاومة الدولار:

لم تكن رحلة صعود اليوان عبر التخلص من هيمنة الدولار مفروشةً بالورود، ففي عاميْ 2015 و2016 واجهت الصين مضارباتٍ منظمة على عملتها، الأمر الذي أجبر بنك الشعب الصيني على التدخل لدعم استقرار اليوان.

كما أدّت هذه الأزمة إلى إعادة تقييمِ إستراتيجية التخلص من هيمنة الدولار في الصين، إذ تحولت من التوسع العدواني إلى نهجٍ أكثر حذرا، وفقًا لمنصّة "أويل برايس".

ولقيادة التحول بطريقة آمنة، أعطت الحكومة الصينية الأولوية "لنظم تسوية التجارة باليوان"، لكنها شدّدت الرقابة في المقابل على "رأس المال لمنع تدفقات النقد الخارجة الزائدة"، وقد أسفرت هذه السياسة، حسب الخبراء، عن  تعزيز "حماية الاقتصاد بشكلٍ أفضل من ذي قبل، ولكنها أيضًا أدّت إلى إبطاء وصول اليوان للعالمية".

تداعيات وتطلّعات:

على الرغم من أن التوجهات نحو التخلص من هيمنة الدولار تجري على قدمٍ وساق بشكلٍ تدريجي، إلّا أنّ لهذه العملية تداعياتٍ كبيرة على النظام المالي العالمي، وفقًا لمنصة "أويل برايس".

ومن شأن تناقص الاعتماد على الدولار أن يؤدي إلى إعادة توزيع القوة الاقتصادية والنفوذ، لكن حتى اللحظة، وعلى الرغم من نمو اليوان الصيني، فإن الدولار الأميركي، يظل هو العملة المهيمنة في سوق الصرف الأجنبي، إذ يمثل 88.5% من جميع معاملات الصرف الأجنبي.

لكنّ اليوان الصيني، يبقى مع ذلك العملة الأسرع نموًا في سوق الصرف الأجنبي، بحصة 7%، وهو مؤشّرٌ دال على القبول المتزايد له، خاصةً في التجارة مع الصين.

ويرى تقرير"أويل برايس" أنه حتى في ظلّ استبعاد التخلص الكامل من هيمنة الدولار ـ على الأقل في الوقت القريب ـ فإن صعود اليوان الصيني يمثل تحوّلًا جوهريًا في المالية العالمية.

كما أنّ الجهود المستمرة التي تبذلها الصين لتعزيز استخدام اليوان في المعاملات الدولية وبناء البنية التحتية اللازمة تشير إلى أن اليوان سيلعب دورًا متزايدًا في التجارة الدولية والتمويل العالمي.

ومع ذلك، تبقى هناك تحدياتٍ تواجه اليوان الصيني مثل ضوابط رأس المال الصارمة والقلق بشأن استقرار اليوان على المدى الطويل.