تناقلت تقارير نشرتها وسائل إعلام عبرية أن المبعوث الأميركي، عاموس هوكشتاين، يعمل على صياغة مسودة اتفاق بين لبنان وإسرائيل تنص على انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، في الوقت الذي من المقرر أن يصل هوكشتاين إلى تل أبيب اليوم الخميس لبحث بنود مقترح حكومة الاحتلال، قبل عرضه على الحكومة اللبنانية.
وجاءت هذه التقارير المسربة بعد ساعات قليلة من تصريح الأمين العام الجديد لحزب الله، نعيم قاسم، في كلمة مسجلة قال فيها إن "الحزب مستعد لوقف الحرب، ولكن بشروط تراها قيادته مناسبة له"، والتي ترفض، وفقًا لمصادر في الحزب، إجراء أي مفاوضات قبل وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى رفض إدخال أي تعديلات على القرار الأممي رقم 1701، وكذلك فرض حصار جوي وبحري وبري على لبنان.
تسريبات لمسودة اتفاق صاغها هوكشتاين
وقالت هيئة البث العبرية، أمس الأربعاء، إن "هوكشتاين يعكف على صياغة مسودة اتفاق بين إسرائيل ولبنان تقضي بانسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان خلال أسبوع، شريطة استئناف العمليات العسكرية في حال خرق الاتفاق"، مضيفة أن المقترح يدعو كلًا من لبنان وإسرائيل إلى الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 1701، مع تنفيذ هدنة تستمر لمدة 60 يومًا، على أن يبدأ الجيش اللبناني بالانتشار في الجنوب وقت انسحاب القوات الإسرائيلية منه.
يعمل المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، عاموس هوكشتاين، على صياغة مسودة اتفاق بين إسرائيل ولبنان من المقرر بحثها مع حكومة الاحتلال، اليوم الخميس، في تل أبيب
وبحسب الهيئة العبرية، فإن المسودة أشارت إلى أن "الاتفاق المزمع بين الطرفين لن يمنعهما من حق الدفاع عن نفسيهما حال خرق الآخر للاتفاق، وأنه يُمنع انتشار السلاح في الجنوب اللبناني إلا بإشراف من الحكومة اللبنانية نفسها"، وشددت المسودة على منح الحكومة اللبنانية الصلاحيات اللازمة "لتنفيذ قرار منع حزب الله من التسلح، مع مراقبة وتفكيك المنشآت العسكرية التي لا تعترف بها الحكومة لإنتاج الأسلحة، فضلًا عن تفكيك أي بنية تحتية مسلحة لا تتوافق مع القرار 1701".
ولفتت مسودة المبعوث الأميركي إلى أن "الولايات المتحدة ودول وهيئات دولية أخرى من المقرر أن تشرف على تنفيذ بنود الاتفاق بين لبنان وإسرائيل"، لكن صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية نقلت عن مصدر سياسي قوله: "المسودة المشار إليها، والتي تم تسريبها قديمة، وليست ذات صلة".
وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنى القرار 1701 في عام 2006، والذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل بعد حرب استمرت 33 يومًا بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي، ويهدف إلى إنشاء منطقة خالية من التواجد المسلح في جنوب لبنان باستثناء الجيش اللبناني وقوات "اليونيفيل" لحفظ السلام.
ضرورة تطبيق القرار الأممي بالكامل
وفي هذا السياق، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، في مقابلة مع "تلفزيون الجديد" اللبناني، أمس الأربعاء، أن لبنان يشترط دخول "الجيش اللبناني فورًا إلى المناطق التي سينسحب منها الجيش الإسرائيلي، ونحن نحتاج إلى عتاد وأسلحة للجيش اللبناني"، مشيرًا إلى أن "الجيش اللبناني يحتاج إلى وقت للتموضع المطلوب في جنوب لبنان، وهذا الأمر سيكون فوريًا بالتعاون مع القوات الدولية".
وأشار ميقاتي إلى أن "المطلوب هو وقف إطلاق النار وتقديم ضمانة أميركية، وبعدها يمكن الحديث بالتفاصيل"، مؤكدًا أن "في البداية يجب وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان ومن ثم انتخاب رئيس جديد للجمهورية"، مشددًا على أن "المصلحة الوطنية تقتضي وجود استقرار في لبنان، ويجب نزع فتيل أي خلافات مستقبلية".
وأوضح ميقاتي أنه ينبغي على لبنان "الارتكاز على مضمون وثيقة الوفاق الوطني التي تؤكد بسط الدولة اللبنانية سيادتها على أراضيها كافة"، لافتًا إلى أن "القرار 1701 طوق نجاة لأنه يؤدي إلى استقرار طويل الأمد في جنوب لبنان، ويجب تطبيقه بالكامل".
وشدد ميقاتي على تمسك بلاده "بوقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته مع تعزيز دور الجيش في جنوب الليطاني"، مؤكدًا أن الحكومة، بحضور معظم أعضائها، بما في ذلك الوزراء الذين يمثلون حزب الله، وافقوا على ذلك، وهناك تأكيد على دور الجيش في إزالة أي مظاهر مسلحة في جنوب الليطاني.
وجدد ميقاتي التأكيد على أن شروط لبنان واضحة، وتتمثل في "تطبيق القرار 1701 ونشر الجيش اللبناني في الجنوب وتعزيز وجوده هناك، ونحن على استعداد لذلك"، مشيرًا إلى أن "هوكشتاين لم يؤكد بعد زيارته للبنان بعد قدومه إلى إسرائيل مباشرة من الولايات المتحدة، ونأمل أن تحمل الأيام المقبلة أمورًا إيجابية".
وأضاف ميقاتي: "لدينا تفاؤل حذر، واتصالاتي الدولية كانت تصبّ لدعم وقف إطلاق النار وتأكيد استعداد لبنان لتطبيق القرار 1701"، معتبرًا أن "تحرك هوكشتاين إشارة أمل أتمنى أن تؤدي إلى وقف لإطلاق نار"، وأبلغه هوكشتاين بأن "الأمور اليوم أفضل من الأمس".
رفض لبناني مسبق للشروط الإسرائيلية
وفي سياق تسريبات الإعلام العبري المتداولة بشأن مسودة الاتفاق، أفاد موقع "واللا" بأن من بين الشروط التي أدرجتها إسرائيل في المسودة المطالبة بالحفاظ على حرية "عمل" جيش الاحتلال في لبنان بحجة تطبيق التسوية إذا لم يطبقها الجيش اللبناني أو قوات اليونيفيل، بالإضافة إلى تعزيز القوات الدولية.
وتعليقًا على التسريبات المتداولة، أوضح مراسل "التلفزيون العربي"، أحمد درواشة، أنه رغم استباق الولايات المتحدة وإسرائيل زيارة هوكشتاين إلى تل أبيب بنشر هذه التسريبات "المتفائلة"، إلا أن "معظم التحليلات في إسرائيل تشير إلى أنه لن يكون هناك أي تقدم جدي أو إبرام لأي صفقة على الحدود اللبنانية قبل اتضاح نتائج الانتخابات الأميركية".
وأشار درواشة إلى أن من بين النقاط المطروحة في مسودة الاتفاق "يتضح أن إسرائيل لا تزال تضع شروطًا صعبة، ولا تزال متمسكة بتعنتها خلال الفترة الماضية، منها اشتراط أو طلب اعتراف لبناني بحق إسرائيل في شن غارات داخل الأراضي اللبنانية"، لافتًا إلى أن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن لبنان سيرفض هذه الشروط.
من جانبه، قال مراسل "التلفزيون العربي" في بيروت، صابر أيوب، إن "المسودة التي تم تسريبها تستند إلى قاعدة متفق عليها، وهي قاعدة القرار الأممي رقم 1701، لكن المخاوف تكمن في إضافة شروط من الجانب الإسرائيلي فيما يتعلق بحق إسرائيل في تنفيذ غارات مستقبلية، وهو ما يمثل خرقًا لميثاق الأمم المتحدة وانتهاكًا للسيادة اللبنانية".
وأشار أيوب إلى أنه "سيكون هناك رفض واضح من الجانب اللبناني لأي شروط ربما ستحاول إسرائيل فرضها على لبنان لضمان حرية شن غارات مستقبلية، حتى في حال وقف إطلاق النار"، مشيرًا إلى أن استمرار العمليات القتالية قد يُصعِّب من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وكان مصدر من حزب الله قد أكد في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن الحزب "يثق بالحراك السياسي الذي يقوم به رئيس البرلمان نبيه بري، ولن يقبل إلا بما هو في مصلحة لبنان"، مجددًا التأكيد على موقف الحزب الثابت بأن "الأولوية تبقى لوقف النار، ولا مفاوضات تحت النار".