28-مايو-2024
أوضاع مزرية يعيشها النازحون من رفح (AP)

(AP) أوضاع مزرية يعيشها النازحون من رفح

يصر الاحتلال الإسرائيلي على الاستمرار في هجومه الواسع على مدينة رفح، على الرغم من التحذيرات الدولية من أن الهجوم سيلحق أضرارًا كبيرة بحق أكثر من مليون فلسطيني نازح بالمنطقة.

ولنقل ما يحدث على الأرض، تنقل مراسلو وكالة "أسوشيتد برس" في عين المكان، وأعدوا تقريرًا عن الأوضاع المزرية التي يعيشها النازحون في خيم تمتد لأكثر من 16 كلم على طول ساحل غزة، وفي الشواطئ، وفي المساحات الفارغة والحقول وشوارع المدينة.

يشير التقرير إلى أن العائلات تحفر خنادق لاستخدامها كمراحيض.  في حين يبحث الآباء عن الطعام والماء، بينما يفتش الأطفال داخل حاويات القمامة والمباني المدمرة بحثًا عن قطع من الخشب أو قصاصات الورق المقوى لإحضارها لأمهاتهم من أجل حرقها للطهي.

وعلى مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، دفع الهجوم الإسرائيلي على رفح ما يقرب من مليون فلسطيني إلى النزوح مجددًا. ومعظمهم نزح عدة مرات بفعل العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ قرابة 8 أشهر، الذي أدى إلى تدمير واسع للبنية التحتية في القطاع وانتشار للمجاعة وفق تصريحات صادرة عن الأمم المتحدة.

وساء الوضع مؤخرًا بسبب النقص الكبير من كميات الغذاء والوقود والاحتياجات الأخرى التي توزعها الأمم المتحدة وهيئات الإغاثة العاملة في القطاع. وهو ما دفع بالفلسطينيين إلى السعي بمفردتهم لإيجاد الأساسيات التي تمكنهم من البقاء على قيد الحياة.

يتحدث محمد أبو رضوان، وهو مدرس يعيش مع زوجته وأطفاله الستة وأفراد من عائلته، للوكالة قائلًا: "الوضع مأساوي، لديك 20 شخصًا في الخيمة، بدون مياه نظيفة ولا كهرباء. ليس لدينا شيء".

وأضاف: "لا أستطيع أن أشرح ما هو شعور العيش من خلال النزوح المستمر، وفقدان أحبائك، كل هذا يدمرنا عقليًا".

دفع الهجوم الإسرائيلي على رفح ما يقرب من مليون فلسطيني إلى النزوح مجددًا. ومعظمهم نزح عدة مرات بفعل العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ قرابة 8 أشهر

نزح أبو رضوان من رفح بعد فترة وجيزة من بدء الهجوم الإسرائيلي على المدينة، حيث اقترب القصف من المنزل الذي كان يحتمي فيه. دفع هو وثلاث عائلات أخرى 1000 دولار مقابل عربات لنقلهم إلى ضواحي خانيونس، واستغرق الأمر يومًا من المبيت في الخارج قبل أن يتمكنوا من تجميع المواد لخيمة مؤقتة. وبجانب الخيمة، حفروا خندقًا كمرحاض، وعلقوا بطانيات وملابس قديمة حوله من أجل الخصوصية.

تقول مجموعة "ميرسي كوربس" الإنسانية: "تضطر العائلات عادة إلى شراء الخشب والقماش لخيامها، والتي يمكن أن تصل إلى 500 دولار، دون احتساب الحبال والمسامير وتكلفة نقل المواد".

وبحسب الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة فإن السلطات الإسرائيلية، التي تسيطر على جميع نقاط الدخول إلى غزة، سمحت بدخول أعداد أكبر من الشاحنات التجارية الخاصة إلى القطاع.

ومع ذلك، فإن معظم الفلسطينيين النازحين لا يستطيعون تحمل تكاليف شراء المواد. فلم يتلق الكثيرون منهم رواتبهم منذ شهور ومدخراتهم تنفد. حتى أولئك الذين لديهم أموال في البنوك لا يمكنهم في كثير من الأحيان سحبها لأن هناك القليل جدًا من الأوراق المالية في القطاع. فيلجأ الكثيرون إلى السوق السوداء التي تأخذ عمولة تصل إلى 20% للتحويلات النقدية من الحسابات المصرفية.

وفي الوقت نفسه، انخفض عدد القوافل الإنسانية التي تحمل إمدادات للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة لتوزيعها مجانًا إلى أدنى مستوى تقريبًا منذ بداية العدوان.

وكانت تدخل عدة مئات من الشاحنات يوميًا، لكن هذا المعدل انخفض إلى 53 شاحنة يوميًا منذ 6 أيار/مايو، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "أوتشا" التي تؤكد أن هناك حاجة إلى دخول حوالي 600 شاحنة يوميًا لتفادي المجاعة بالقطاع.

تقول رئيسة العمليات المجلس النرويجي للاجئين في غزة، سوزي فان ميغن: "كما نرى، لا يوجد شيء إنساني في هذه المناطق".

لا يوجد في منطقة المواصي، التي لجأ إليها النازحون من رفح مطابخ خيرية أو أسواق للأغذية، ولا حتي مستشفيات تعمل، فقط عدد قليل من المستشفيات الميدانية وحتى الخيام الطبية الصغيرة التي لا يمكنها التعامل مع حالات الطوارئ، ولا تمرر مسكنات الألم والمضادات الحيوية إلا إذا متوفرة لديهم.

منطقة المواصي هي عبارة عن كثبان رملية في منطقة ساحلية بدون موارد مائية أو أنظمة صرف صحي. وتشير كورس إنه مع انتشار النفايات البشرية بالقرب من الخيام وتكديس القمامة، يعاني الكثير من الناس من أمراض الجهاز الهضمي مثل التهاب الكبد والإسهال، فضلًا عن الحساسية الجلدية والقمل.

وقال أحد عمال الإغاثة الذين نزحوا من رفح، إنه محظوظ ويمكنه تحمل تكاليف استئجار منزل في دير البلح. وأضاف: كثير من الناس الذين يراهم في مرضى في الشوارع، والرائحة الكريهة مثيرة للاشمئزاز، جراء مياه الصرف الصحي وأكوام القمامة".

تظهر صور الأقمار الصناعية التي تم التقاطها الأسبوع الماضي، عدد كبير خيام الجديدة تمتد على طول الساحل من شمال رفح مباشرة إلى خارج دير البلح.

يقول تامر سعيد أبو خير إنه يخرج في الساعة 6 صباحًا كل يوم للعثور على المياه، وعادة ما يعود حوالي الظهر إلى الخيمة خارج خانيونس حيث يعيش هو وما يقرب من عشرين من أقاربه. أطفاله الثلاثة، الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و10 أعوام، هم مرضى دائمًا، لكنه قال يعترف بأنه يرسلهم لجمع الحطب لنار الطهي، على الرغم من أنه يخشى من أنهم سيصادفون قنابل غير منفجرة في المنازل المحطمة.

يواجه والده المسن صعوبة في الحركة، لذا عليه استخدام دلو لقضاء حاجياته، ويجب على أبو الخير أن يدفع بانتظام لنقله إلى أقرب مستشفى لغسيل الكلى.

قالت زوجته لينا أبو الخير: "الخشب مكلف، والماء مكلف، وكل شيء مكلف". انهارت في البكاء وقالت: "أخشى أن أستيقظ يومًا ما وقد فقدت أطفالي وأمي وزوجي وعائلتي".