أظهر اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، هو من يحدد أجندة الشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة، مع عدم قدرة البيت الأبيض "المُحبط" بقيادة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي يقف عاجزًا عن التأثير على مجريات الأحداث، أو حتى نزع فتيل الصراع المتصاعد في المنطقة، وفقًا لشبكة "NBC News" الأميركية.
وبحسب الشبكة الأميركية، قال مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون، إن مسؤولين في إدارة بايدن، أعربوا عن شعورهم بـ"الصدمة"، جراء سلسلة الغارات الجوية التي استهدفت المقر المركزي لـ"حزب الله" في الضاحية الجنوبية لبيروت، الجمعة الماضية، ما أسفر عن اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله"، فضلًا عن شخصيات وقيادات بارزة أخرى.
الإدارة الأميركية غاضبة من توقيت العملية
وتشير "NBC News" إلى أن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، كان يتنقل بشكل مكثف بين الوفود في نيويورك، على هامش جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، في الأيام التي سبقت الهجوم الإسرائيلي الأخير، في محاولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار لمدة 21 يومًا بين "إسرائيل" و"حزب الله".
كانت إدارة بايدن واثقة للغاية من نجاح مقترح وقف إطلاق النار لدرجة أن مسؤولًا كبيرًا في الإدارة أخبر الصحفيين أن اتفاق الطرفين يبدو وكأنه "نتيجة حتمية"
وكانت إدارة بايدن واثقة للغاية من نجاح هذا المقترح لدرجة أن مسؤولًا كبيرًا في الإدارة أخبر الصحفيين أن اتفاق الطرفين يبدو وكأنه "نتيجة حتمية"، بالإضافة إلى اعتقاد المسؤولين الأميركيين والأوروبيين أنهم يقتربون من التوصل لصفقة محتملة، لكنهم فوجئوا بالصور التي بثتها المحطات التلفزيونية، وتظهر عمود دخان ضخم يتصاعد من ضاحية بيروت الجنوبية، وفقًا للشبكة ذاتها.
وتنقل "NBC News" عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن بايدن وكبار قادة وزارة الدفاع "البنتاغون"، فضلًا عن غيرهم من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، قد أعربوا عن غضبهم من "توقيت العملية الإسرائيلية".
وأضافت الشبكة الأميركية، أن الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة في لبنان، والتي أسفرت عن سقوط مئات الشهداء والجرحى منذ أسبوعين، عززت مخاوف الإدارة الأميركية من أن نهج نتنياهو العدواني قد يؤدي إلى سلسلة من ردود الفعل، مما يؤدي إلى حرب إقليمية أوسع نطاقًا قد تشمل تدخل الولايات المتحدة.
وتعليقًا على ذلك، قالت "NBC News"، إن الضربة الإسرائيلية الأخيرة في لبنان كانت أحدث مثال على كيفية اتباع نتنياهو وائتلافه الحاكم اليميني المتطرف مسارهم الخاص منذ هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، رافضين الانتقادات الدولية لارتفاع عدد الضحايا المدنيين في قطاع غزة.
بايدن احتضن نتنياهو "حرفيًا ومجازيًا"
وقالت الشبكة الأميركية، إنه في الأيام التي أعقبت السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، احتضن بايدن نتنياهو و"إسرائيل" بحرارة، "حرفيًا ومجازيًا"، معتقدًا أن الدعم الأميركي الصريح لـ"إسرائيل" سيجعلها مستعدة للاستجابة لبعض المطالب الأميركية، لكن على مدى العام الماضي، بدا أن الرئيس الأميركي ومساعديه يتمتعون بتأثير أقل على نتنياهو.
اغتيال #حسن_نصر_الله.. تحولات استراتيجية في المشهد الإقليمي.
تقرؤون أكثر عبر ألترا صوت: https://t.co/7zP3nHJr6R pic.twitter.com/PqI6nR7C3M
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) September 29, 2024
ومع ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في غزة، وجه المسؤولون الأميركيون، مرارًا وتكرارًا، نداءات في السر والعلن إلى الحكومة الإسرائيلية لتغيير تكتيكاتها في غزة، والموافقة على تسوية تسمح بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
لكن هذه النداءات، وفقًا للشبكة الأميركية، فشلت في التأثير على أقرب حليف لواشنطن في المنطقة، حتى أن التهديدات بأن الإدارة قد تقلص أو تعلق تسليم شحنات الأسلحة لم يكن لها تأثير ملموس على عملية صنع القرار لدى نتنياهو.
من جانبه، لم يكن بايدن على استعداد لوقف المساعدات العسكرية لـ"إسرائيل"، وعلى الرغم من دعوات بعض الديمقراطيين في الكونغرس للقيام بذلك، فإن الولايات المتحدة استمرت في إرسال قنابل تزن ألفي رطل، وصواريخ "هيلفاير" إلى "تل أبيب"، وفقًا للشبكة ذاتها.
وبحسب "NBC News"، قال المحللون، إنه حتى لو اتخذت الإدارة الأميركية الخطوة غير المسبوقة المتمثلة في وقف شحنات الأسلحة لـ"إسرائيل"، فإنه من غير الواضح ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى تغيير الموقف الإسرائيلي، حيث لديها بالفعل مخزونات كبيرة من الأسلحة.
ونقلت الشبكة الأميركية عن مسؤولين ومحللين غربيين، أن بايدن يبدو عاجزًا عن تغيير موقف نتنياهو، وهو ما يرجع "جزئيًا"، إلى أن "إسرائيل" لديها مجموعة مختلفة من الأهداف، ولأن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يستطيع تحمل معارضة الأصوات السياسية اليمينية المتطرفة التي تشكل جزءًا من ائتلافه الحاكم.
حزب استنزاف مستمرة
وتشير "NBC News" إلى أن "إسرائيل" والجمهوريين الذين ينتقدون موقف بايدن بشأن التصعيد في المنطقة، ينظرون إليها على أنها "ليست في محلها"، إذ يعتقد نتنياهو وأنصاره أن أفضل طريقة لمنع الحرب الأوسع نطاقًا "هي الرد على إيران ووكلائها، وذلك لرفع تكلفة أي هجوم على تل أبيب، وإجبار خصومها على إعادة النظر في مدى استفادتهم من مهاجمتها".
ونقلت الشبكة الأميركية عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله، إن "تل أبيب تأمل في أن تغنيها عملية اغتيال نصر الله عن شن غزو بري للبنان"، مضيفًا "أنهم سيستغلون الزخم الذي حصلوا عليه الآن بعد تراجع خصمهم"، على حد تعبيره.
🎥 ارتفاع جنوني في أسعار الإسكانات يسبب أزمة للنازحين من جنوب وشرق #لبنان. pic.twitter.com/5eT3yqs5yb
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) September 29, 2024
وأعرب المسؤول الإسرائيلي عن "امتنانه" للدعم الذي قدمته الولايات المتحدة للدفاع عن "إسرائيل ضد الصواريخ القادمة من إيران ووكلائها"، لكنه قال أيضًا، إن "تل أبيب تقاتل وحدها" ضد ما وصفه بـ "التهديد الوجودي" الذي تشكله تلك الجهات.
وقال الزميل البارز في مؤسسة كارنيغي للسلام، آرون ديفيد ميلر، لـ"NBC News"، إن "الصراعات التي تتكشف الآن بين إسرائيل وحماس في غزة، وإسرائيل وحزب الله في لبنان، وإسرائيل وإيران، هي حروب استنزاف مستمرة".
وأضاف ديفيد ميلر، أنه "لا يوجد وضع نهائي مستقر، كما لا توجد جهود دبلوماسية يمكن أن تنهي حروب الاستنزاف هذه، بشكل نهائي"، معتبرًا أن من سيقرر الخطوات التالية، هم "نتنياهو وزعماء إيران وحماس وزعيم حزب الله المستقبلي، وليس بايدن".