صوتّت محكمة العدل الدولية في لاهاي على أنّ وجود الاحتلال الإسرائيلي غير شرعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحظي القرار الذي صوت عليه أعضاء المحكمة، اليوم الجمعة، بموافقة 11 صوتًا مقابل أربعة أصوات، فيما اتهم وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، العدل الدولية بأنها "معادية للسامية".
وقال رئيس محكمة العدل الدولية في لاهاي، نواف سلام، الذي قرأ رأي المحكمة الاستشاري بشأن التبعات القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967، إنّ: "المحكمة تبحث التداعيات القضائية للممارسات السياسية وانعكاسها على الأراضي المحتلة"، لافتًا إلى أنّه: "لا حدود لحرية المحكمة بإبداء رأيها بشأن مدى تناقض الممارسات السياسية والقانون الدولي".
وأوضح سلام أن: "من اختصاص المحكمة إبداء رأيها الاستشاري بشأن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية"، معتبرًا أنّ: "الأراضي الفلسطينية المحتلة تمثل أراضي ذات وحدة وتواصل وسيادة يجب احترامها"، لافتًا إلى أنّ: "الرأي الاستشاري الحالي لا يشمل الحرب التي اندلعت في غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023"، في إشارة إلى بدء العدوان على غزة.
أكّدت العدل الدولية أن الأراضي الفلسطينية المحتلة تمثل أراضي ذات وحدة وتواصل وسيادة يجب احترامها
ورأت العدل الدولية: "أن استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية لفترة زمنية طويلة لا يغير وضعها القانوني"، مشيرةً إلى أنّه: "لا يمكن لسلطات الاحتلال أن تقوم بتهجير سكان المناطق المحتلة"، وشدّد سلام على أنّ: "واجبات إسرائيل في الأراضي المحتلة تخضع لمعاهدة 1959 بشأن معاملة المدنيين بزمن الحرب".
وأكّد سلام على أنّ: "إسرائيل تخلت عن التزاماتها في معاهدة مكافحة التمييز العنصري المبرمة عام 1965"، مشيرًا إلى أنّ: "ممارسات إسرائيل بعد احتلالها لأراضٍ فلسطينية (في الضفة الغربية) عام 1967 انتهكت حق تقرير المصير".
وقال سلام إنّ: "الاحتلال عليه واجب وصول السكان إلى المواد الغذائية والمياه، وفي حالة إسرائيل تستخدم هذه الموارد لصالح المستوطنين"، وأضاف أنّ: "الاحتلال حالة مؤقتة من أجل الاستجابة لضرورة عسكرية، ولا يمكن نقل ملكية السيادة إلى قوة الاحتلال".
وشدّد رأي العدل الدولية على أن: "إسرائيل قامت بفرض قوتها كقوة احتلال بطريقة تتنافى مع اتفاقية جنيف الرابعة"، موضحًا أن: "سياسات إسرائيل في المناطق (ج) من الضفة الغربية دفعت الفلسطينيين إلى مغادرة أماكن سكنهم وهذه إجراءات غير قانونية".
وأكّد رأي العدل الدولية أنّ: "مصادرة الأراضي الفلسطينية وهدم المباني ونقلها إلى المستوطنين لا يظهر أن الاحتلال مؤقت"، مضيفًا أنّ: "المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية تنتهك القانون الدولي".
وتابع سلام الذي قرأ رأي العدل الدولية مشيرًا إلى أن: "ممارسات إسرائيل خلقت بيئة طاردة للسكان الفلسطينيين خاصة في مناطق (ج) والقدس الشرقية"، وتابع أنّ: "الممارسات والسياسات الإسرائيلية في القدس والضفة الغربية تهدف لضمّ بعض الأراضي المحتلة بصورة دائمة".
وأعاد سلام التذكير بأن الدول الأعضاء في العدل الدولية: "تدين الفصل العنصري وسياسات إسرائيل بحق الفلسطينيين التي تعد انتهاكًا للمادة الثالثة من اتفاقية مكافحة التمييز العنصري"، لافتًا إلى أن: "قضية شرعية وجود إسرائيل في الأراضي المحتلة سنتطرق لها لاحقًا".
وأكمل سلام مشدّدًا على أنّ: "حق تقرير المصير للفلسطينيين يتطلب وجود دولة ذات حدود وسيادة"، مؤكدًا أنّ: "وجود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة مخالف للقانون ويجب إنهاؤه بأسرع طريقة ممكنة".
وخلصّ الرأي الاستشاري للعدل الدولية إلى أنّه على: "الأمم المتحدة بحث التدابير لوضع حد للوجود الإسرائيلي غير الشرعي بالأراضي المحتلة"، وطالبت سلطات الاحتلال بـ: "التوقف فورًا عن أنشطة الاستيطان وإخلاء المستوطنات القائمة".
كما شدّد الرأي الاستشاري للعدل الدولية على وجوب تقديم سلطات الاحتلال: "تعويضات عن الأضرار التي لحقت بالأشخاص المتضررين في الأراضي المحتلة"، داعيًا إياها إلى: "وضع حد للاحتلال وإنهاء وجودها غير الشرعي في الأراضي الفلسطينية".
رئيس محكمة العدل الدولية: إسرائيل ملزمة بوقف سياساتها غير القانونية ووقف الأنشطة الاستيطانية وتعويض المتضررين وإنهاء وجودها في الأراضي الفلسطينية المحتلة في أسرع وقت ممكن pic.twitter.com/I5PeXEJWLs
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 19, 2024
وردًا على مضمون القرار الذي اعتبر أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية غير شرعي، قال بن غفير، في تصريحات نقلتها وكالة "الأناضول" عن صحيفة "إسرائيل اليوم"، إن: "قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي يثبت للمرة الألف أن هذه منظمة سياسية ومعادية للسامية بشكل واضح"، وأضاف: "لن نتلقى منهم وعظًا أخلاقيًا، فقد حان وقت الحكم والسيادة"، على حد تعبيره.
وكانت اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بالمسائل السياسية وإنهاء الاستيطان، قد اعتمدت قرارًا في 11 تشرين الثاني/نوفمبر قدّمته دولة فلسطين لطلب فتوى قانونية ورأي استشاري من محكمة العدل الدولية.
وطلبت الفتوى القانونية إيضاح: "الآثار القانونية الناشئة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن احتلالها طويل الأمد للأرض الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967"، بالإضافة إلى: "استيطانها وضمّها لها بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيّير التكوين الديمغرافي لمدينة القدس الشريف وطابعها ووضعها".
كما يشمل طلب الفتوى معرفة: "كيفية تأثير سياسات إسرائيل وممارساتها على الوضع القانوني للاحتلال، والآثار القانونية المترتبة على هذا الوضع بالنسبة لجميع الدول والأمم المتحدة".
خلصّ الرأي الاستشاري للعدل الدولية إلى أنّه على الأمم المتحدة بحث التدابير لوضع حد للوجود الإسرائيلي غير الشرعي بالأراضي المحتلة
وكانت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية قد ذكرت في مقال نشر، اليوم الجمعة، أنّ: "وزارتي العدل والخارجية في إسرائيل متشائمتان"، حيال الرأي الاستشاري المرتقب صدوره عن محكمة العدل الدولية، وفقًا لوكالة "الأناضول".
وأضافت أنّ: "هناك أيضًا قلق من أن القرار (المرتقب) سيزيد من تعقيد إسرائيل في الساحة الدولية وقد يؤدي إلى عقوبات إضافية غير تلك التي رأيناها في الأشهر الأخيرة ضد المستوطنين".
وتابعت أن: "مثل هذا الحكم الصادر عن محكمة العدل يمكن أن يقود العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم إلى اتخاذ خطوات عملية ضد إسرائيل"، مشيرةً إلى أن التقديرات في إسرائيل هو أنّ الرأي الاستشاري سيكون "ما بين سيء للغاية ورهيب".