02-نوفمبر-2024
مؤشر الإفلات من العقاب

دمرت غارة إسرائيلية سيارة للصحفيين استهدفت مبنى يقيم فيه صحفيون في جنوب لبنان (رويترز)

آل المؤشر العالمي للإفلات من العقاب في تقريره السنوي الذي تصدره لجنة حماية الصحفيين إن إسرائيل جاءت في المرتبة الثانية بعد هايتي في قائمة الدول التي سُجلت فيها أكبر عدد من جرائم القتل التي استهدفت الصحفيين بشكل مباشر خلال العام الجاري. وبحسب ما ورد في تقرير اللجنة السنوي، فإن هايتي وإسرائيل "تعتبران حاليًا من أكبر المعتدين في العالم، حيث تظل جرائم قتل الصحفيين فيهما دون عقاب"، موضحة أن المؤشر "يقيس الجرائم التي لم يُكشف عن مرتكبيها نسبة إلى التعداد السكاني للبلد المعني. وهذا هو العام الأول الذي تظهر فيه إسرائيل على مؤشر لجنة حماية الصحفيين منذ استحداثه في عام 2008".

إسرائيل على رادار المؤشر للمرة الأولى 

ووثقت اللجنة مقتل سبعة صحفيين في هايتي، ما يمثل نسبة 11.7 بالمئة من التعداد السكاني، مرجعةً تسجيل هذه النسبة بين الصحفيين إلى مساهمة "ضعف جهاز القضاء الوطني، وعنف العصابات، والفقر، والاضطرابات السياسية في فشل البلد في إخضاع القتلة للمساءلة".

جاءت إسرائيل في المرتبة الثانية بعد هايتي، في قائمة الدول التي سجلت أكبر عدد جرائم قتل استهدفت الصحفيين بشكل مباشر خلال العام الجاري

وأوضحت اللجنة أن "سيطرة العصابات الإجرامية على أجزاء واسعة من البلد في أعقاب اغتيال الرئيس جوفينيل مويس في عام 2021 دفعت الصحافة نحو أزمة وجودية أجبرت العديد من الصحف على تقليص عدد العاملين فيها أو التوقف عن العمل نهائيًا". كما أدى العدوان الذي تشنه إسرائيل على غزة ولبنان منذ أكثر من عام إلى دخولها قائمة الدول الخمس الأولى في المؤشر، نتيجة استهدافها المباشر للصحفيين، مما أسفر عن مقتل ثمانية صحفيين جراء استهدافهم من قبل الجيش الإسرائيلي، وهو ما يمثل نسبة 14.9 بالمئة من التعداد السكاني في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما جعلها تحتل المرتبة الثانية على المؤشر لهذا العام. وقالت لجنة حماية الصحفيين إنها وثقت في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة "القتل العمد لخمسة صحفيين – أربعة فلسطينيين وواحد لبناني – منذ بدء الحرب، وهي تجري تحقيقات بشأن جرائم قتل مستهدفة ذهب ضحيتها 10 صحفيين آخرين على الأقل". وأضافت اللجنة الدولية موضحة أن "نظرًا لصعوبة توثيق الأحداث في الحرب، فقد يكون العدد أكبر بكثير من ذلك"، لافتةً إلى أن إسرائيل "قتلت عددًا قياسيًا من الصحفيين الفلسطينيين منذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023".

انتقادات أممية لحظر دخول الصحفيين 

وفي السياق، انتقد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في رسالة بعث بها إلى ندوة دولية للإعلام انطلقت في مكتب الأمم المتحدة في جنيف، أمس الجمعة، استمرار الحظر الإسرائيلي الذي يمنع الصحفيين الدوليين من دخول غزة، مشيرًا إلى أن الصحفيين في القطاع يتعرضون للقتل بمستوى غير مسبوق في أي صراع.

وأضاف المسؤول الأممي أن الصحفيين الذين يغطون التطورات في الضفة الغربية المحتلة تعرضوا أيضًا للقتل أو الإصابة على يد الجيش الإسرائيلي، مشددًا على أن هذا الوضع غير مقبول، وداعيًا في الوقت ذاته إلى حماية الصحفيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وكان مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة قد أحصى حتى الآن استشهاد 183 صحفيًا بقصف ونيران الاحتلال الإسرائيلي، لكن اللجنة أدرجت فقط أسماء الشهداء الذين تمكن باحثوها من إثبات استهدافهم بسبب صفتهم الصحفية، فيما سجل استشهاد 11 صحفيًا في لبنان. تغطي هذه الإحصائيات الفترة الممتدة من السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

تكريس الإفلات من العقاب 

إلى ذلك، احتلت الصومال وسوريا وجنوب السودان المراتب الثالثة والرابعة والخامسة للبلدان ذات المعدلات الأعلى في الإفلات من العقاب في العالم لعام 2024. وبحسب اللجنة فقد "ظلت هذه البلدان الثلاثة تظهر على مؤشر لجنة حماية الصحفيين لمدة عقد على الأقل"، بما في ذلك الصومال الذي ظهر على المؤشر على امتداد السنوات الـ17 التي وُجد فيها المؤشر. وأوضحت اللجنة أن البلدان الواردة في التقرير السنوي تتوزع بين عدة قارات، لكنها "تعاني جميعها من واحد أو أكثر من العوامل الهدامة التي تتيح لقتلة الصحفيين التملص من العدالة: الحروب، حركات التمرد، الحكومات الاستبدادية، العصابات الإجرامية، ونقص الفعل السياسي والقضائي". وشددت على أن هذه "العوامل الهدامة" تؤدي إلى "تأثير وخيم على حرية الصحافة. وكلما استمرت هذه الظروف، زادت احتمالية تكريس الإفلات من العقاب، وفرار الصحفيين من أوطانهم، وممارستهم للرقابة الذاتية أو تركهم للمهنة نهائيًا".

وحددت اللجنة في فترة هذا المؤشر 241 جريمة قتل ذهب ضحيتها صحفيون، حيث توجد أدلة واضحة بأن هذه الجرائم مرتبطة مباشرة بعمل الصحفيين المستهدفين، مشيرةً إلى أن العدالة تحققت في أقل من 4 بالمئة من هذه الجرائم، فيما تحققت عدالة جزئية في 19 بالمئة منها. أما بقية هذه الجرائم، التي تصل نسبتها من المجموع إلى 77 بالمئة، فلم تتحقق بشأنها أي عدالة. وصنفت اللجنة الدولية 974 جريمة قتل ذهب ضحيتها صحفيون منذ عام 1992، لافتة إلى أن العدالة الكاملة تحققت في 5 بالمئة منها فقط، فيما ظل 79 بالمئة منها دون حل. وأكدت لجنة حماية الصحفيين أن هذه الأرقام ظلت دون تغيير يُذكر في هذا العام، مشيرةً إلى أن "الإفلات من العقاب ما زال منتشرًا كما كان دائمًا"، في الوقت الذي "لا تتوفر لعائلات الصحفيين القتلى وزملائهم سوى فرصة ضئيلة لرؤية أي من مرتكبي الجرائم يخضع للمساءلة".