سترات صفراء تقترب من سنتها الثانية في الشارع، ونقابات ساخطة على الحكومتين المتعاقبتين. كلّ هذا منضافٌ لما طبع السنة التي نودع من كارثة صحية، دفع ثمنها الفرنسيون عدد إصابات تعدى المليون، جائحة فيروس كورونا الجديد. فيما لا يقارنُ كلّ هذا بالفاتورة الاجتماعية للأزمة، راسمة مشهدًا من الهشاشة والفقر اللذين يترصّدان شريحة مهمة من الشعب الفرنسي، واقتصاد البلاد يمرّ بأحلك فتراته.
عن طبيعة العلاقة التي تجمع فرنسا بالإسلام، وعن تصاعد الخطاب المعادي للهجرة والمسلمين، يحاور "ألترا صوت" آلان غريش، الكاتب الصحفي الفرنسي ومدير موقع Orient XXI
ليس لهذا التذكير المقتضب بما تعيشه فرنسا من مصاعب داخلية من هدف، إلا إلقاء الضوء على الشروط الموضوعية التي طبعت ولاية الرئيس إيمانويل ماكرون كأحد أكثر الولايات الرئاسية قلقًا في تاريخ الجمهورية، إن لم تكن أكثرَها على الإطلاق. كما الظروف الي خرج تزامنًا معها ماكرون بخطابه لـ "محاربة الانعزالية الإسلامية"، وهو الخطاب المثير للجدل والذي أعاد سؤال الإسلام والأقلية المسلمة في البلاد إلى الطفو على سطح الرأي العام.
اقرأ/ي أيضًا: بعد هجوم نيس الإرهابي.. فرنسا ترفع حالة التأهب القصوى
للإجابة عن هذا السؤال وعن طبيعة العلاقة التي تجمع فرنسا بالإسلام، وعن تصاعد الخطاب المعادي للهجرة والمسلمين، يحاور "ألترا صوت" آلان غريش، الكاتب الصحفي الفرنسي ومدير موقع Orient XXI.
- مصطلح "Séparatisme" كان الكلمة المفتاح لخطاب ماكرون في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر، والذي دخل الساحة الإعلامية لأول مرة عبر ذلك الخطاب، لدرجة أن هذا الإعلام في قسمه العربي لم يجد للكلمة مقابلًا واحدًا بل اثنين: هناك من ترجمه بـ "انفصالية" و هناك كذلك من ترجمه "انعزالية". كيف تفهم هذا المصطلح؟
من الأجدر طرح هذا السؤال على ماكرون، لأننا نحن أيضًا نجد عسرًا في فهم هذا المصطلح. لكن هناك مقال لأوليفيي روا، وهو باحث كبير في الإسلاميات، يربطُ فيه بين مصطلح "الانفصالية" الذي برز عبر خطاب الرئيس وقانون سنة 1905 الذي جاء ليفصلَ الكنيسة عن الدولة، إذن فالقانون الذي أتى لإقرار اللائكية سميَ بـ "قانون الفصل". فيما إيجاد تعريف عام للمصطلح يبقى صعبًا نوعًا ما، بل حتى ماكرون ذات نفسه ليس متأكدًا من استعماله، وأقر بذلك حين قالَ إن القانون الذي سيطرح في الفاتح كانون الأول/ ديسمبر القادم لن يتضمن مصطلح "الانفصالية".
عدا هذه الإشكالات الدلالية، هناك جانبان مهمان يحيل عليهما الخطاب: قبل كل شيء، أن السلطة ورئيسها إيمانويل ماكرون يفترضان وجود ضرورة لسن قانون متعلق بالمسلمين، والواقع أن ماكرون أعلنها بعظمة لسانه كون الانعزالية التي يقصدها إسلامية، إذن فالأمر متعلق مباشرة بالمسلمين. بالمقابل، وكما تعلمون نحن في بلد يعيش أزمة صحية خطيرة، يعيش تصاعدًا مهمًا في معدلات الفقر، مشاكل اجتماعية بالجملة، مشاكل الصحة والتعليم.. إلخ. بالتالي يصعب علينا تصديق أن تكون أولوية حكومة ما في ظل كل هذه الظروف هي التطرق لـ "الانعزالية الإسلامية" وما يقع داخل الأوساط المسلمة.
ولا نعرف حقا إذا ما كان الأمر له علاقة بتهديدات التطرف، لأن هذا المصطلح يحتاج تفسيرًا هو الآخر، أم متعلق بالجريمة، أم هو مزيج من هذا كله.. إذن، حتى قبل الاضطلاع على محتوى هذا القانون الذي وعد به ماكرون، المشكلة تكمن في كونه غير ضروري في الوقت الراهن، وأنه يهدف فقط إلى التعتيم على المشاكل الحقيقية التي تعيشها البلاد، بمعنى أنه يجعل من المسلمين فزاعة لتهريب النقاش العام عن تلك المشاكل الحقيقية.
- لكن هل ترى أن هناك خطرًا حقيقيًا لما يًسمى بـ"الانعزالية الإسلامية" داخل فرنسا؟
حسب ما أفهمونا، فهذه "الانعزالية " تعني إرادة العيش على تراب الجمهورية لكن خارج قوانينها. فيما الحقيقي في الأمر هو وجود أحياء شعبية، فقيرة في معظمها، الجزء الكبير من ساكنتها هم جاليات مهاجرة، جاليات مسلمة على وجه التحديد، بمختلف أصولها ووضعياتها المختلفة -عكس النظرة السائدة عند الفرنسيين على أن هذه الجالية المسلمة وحدة متجانسة- تعيش وضعية صعبة داخل هذه الأحياء الهامشية. إذن، فالحقيقة أنهم ليسوا هم من انعزلوا عن الجمهورية، بل الجمهورية هي من انسحبت من حياتهم، وتركتهم يعيشون في وضعية الحرمان تلك، دون خدمات اجتماعية، دون خدمات صحية، دون مصالح عمومية ولا وجود للشرطة.. هي ذي الانعزالية الحقيقية، لكن الدولة هي من تتحمل مسؤولية حدوثها.
آلان غريش: ليس المسلمون من انعزلوا عن الجمهورية، بل الجمهورية هي من انسحبت من حياتهم، وتركتهم يعيشون في وضعية الحرمان تلك، دون خدمات اجتماعية، دون خدمات صحية، دون مصالح عمومية
ومن داخل هذا الوضع، نعم هناك بعض الجماعات المتشددة –السلفية بالأساس- تحاول التوسع، مستغلة التهميش وانسحاب الدولة من هذه الأحياء. لكن حتى هذه الجماعات بدورها تمثل ظاهرة شاذة، وأقلية داخل الأقليات المسلمة. فمثلا عندنا في استطلاع رأي سابق سألوا الفرنسيين إذا ما كانوا سعداء بالعيش في البلاد، الجواب كان أن 85 في المئة أجابوا "نعم"، مقابل 15 في المئة قالوا "لا". المفاجئ هو أن نفس نتائج هذا الاستطلاع انطبقت على المسلمين عندما طرح عليهم السؤال.
بالتالي ليس هناك مشكل خاص بالمجتمعات المسلمة في فرنسا، إلا ذلك المرتبط بالفقر والهشاشة الاجتماعية، هذا من جهة. ومن جهة، أخرى هناك الخطاب الذي يردده بعض من هم في السلطة، وحتى بعض المثقفين وبعض المنابر الإعلامية، يغدي عند بعض المسلمين إحساسًا بأنهم غير فرنسيين. بما في ذلك خطاب ماكرون الأخير - وكنا واضحين في وصفه هكذا- كأنه يقول للمسلمين "أنتم لستم فرنسيين"، فهذا هو السبب الحقيقي الذي يغذي الانعزالية.
- نلاحظ وجودَ خطاب عنصري صريح معادٍ للمسلمين يطغى داخل الإعلام الفرنسي. حتى أنه، على سبيل المثال، اسم كـ إيريك زيمور، الذي أدين في أكثر من مرة بقضايا نشر خطاب عنصري، دائم الحضور على بلاتوهات القنوات الفرنسية. فيما يقول البعض إن مرد هذا إلى العلاقات التي ربطت الجمهورية بالديانة الإسلامية. من ناحية تاريخية ما طبيعية هذه العلاقات، وكيف تساهم سياقات تطورها في تأسيس واقع اليوم؟
هي حكاية طويلة جدًا، وللجواب على هذا السؤال يجب أن نعود إلى الحقبة الاستعمارية، أي إلى العلاقة التي ربطت من جهة فرنسا كقوة استعمارية بالعشرات من الدول الجديدة ذات الساكنة المسلمة، ليس في شمال إفريقيا فحسب، بل حتى في إفريقيا جنوب الصحراء والشرق الأوسط. حيث السؤال الأساسي وقتها كان معرفة الكيفية التي سيتم التعامل بها مع هذه الديانة، خاصة وأن الإسلام مثّل بالنسبة للقسم الكبير من هذه الشعوب عامل مقاومة ضد ذلك الاستعمار. لهذا فالدولة دائمًا تأرجحت بين الإرادة في بناء شكل من الإسلام يكون دائمًا في خدمة الاستعمار، وبين محاربته كعنصر معادٍ لمصالحها.
ما نعيشه في الوقت الراهن مشابهٌ بعض الشيء لما تمّ ذكره، صحيح أن الوضعية مختلفة تمامًا، لكن الخلفية الكولونيالية لا زالت حاضرة، بمعنى الحديث عن المسلمين كأشخاص ذوي وضعية خاصة، كمشتبه بهم، وغير قادرين على أن يكونوا فرنسيين بشكل تام.. بالمقابل، وجب علينا أن نفهم بأننا بصدد الحديث عن أشخاص في أغلبهم يحملون الجنسية الفرنسية، وفيهم من يحملها منذ ثلاث أجيال، والذين نشكك بشكل مستمر في انتمائهم إلى الجمهورية.
بطبيعة الحال ماكرون لن يقول هذا بصراحة، لن يقول أن الفرنسيين المسلمين ليسوا فرنسيين، لكنّ إذا ما نظرنا للخطاب السائد الذي نسمعه، والذي يسمح بانتشاره في وسائل الإعلام، وإذا ما علمنا بأن ماكرون اتصل بشكل شخصي مع اسم كإيريك زيمور الذي -وكما ذكرت سابقًا- مدان لأكثر من مرة بتهمة العنصرية. كل هذا يعزز النظرة إلى المسلمين كغرباء عن الجمهورية، ومناقضين لحضارتنا وثقافتنا الفرنسية.
- لكن ماذا يمنع فرنسا من الاعتراف بجرائمها الاستعمارية وإطلاق مصالحة شاملة مع موروثها الاستعماري؟
هذه أيضًا حكاية طويلة، أعتقد أنها مرتبطة بعدم قدرة فرنسا على إقامة حداد على روح تلك الحقبة، وأن تتخطى المسألة الكولونيالية، بكل ما مثلته لها وبكل الجرائم التي ارتكبت باسمها. فيما عملية إنهاء هذه الكولونيالية الفرنسية اتسمت بعنف كبير، حيث أن النهاية الرسمية للاستعمار كانت باستقلال الجزائر، وفي نفس الوقت اتسمت بنوع من الإنكار ورفض الاعتراف بما وقع، بمعنى أنه لم يكن هناك نقاش داخل المجتمع حول هذا الاستعمار أو حول حرب الجزائر، بل وحتى مصطلح الحرب كان محذورًا، وانتظر الأمر إلى حدود السبعينات ليتم الاعتراف بأنها كانت حرب فعلية.
هكذا، شيئًا فشيئًا، كان هنالك عمل دؤوب على الذاكرة، وهو أمر جديد إذا ما عدنا ثلاثين أو أربعين سنة إلى الوراء، حيث أصبح الموضوع الآن معترفًا به وقابلًا للنقاش، ويقدم فيه المؤرخون عملًا مهمًا. لكن في نظري أن المجتمع الفرنسي إلى الآن لم يحل مشاكله بعد مع موروث تلك الحقبة من تاريخه، وهذا ينعكس بشكل كبير على العلاقات بين فرنسا والجزائر على وجه التحديد، لأن الاستعمار في الجزائر عرف ممارسة عنف دموي خلفت آثارًا وخيمة.
- في إطار هذا العمل الأكاديمي، خرجتم رفقة مجموعة من الباحثين في مواضيع ال‘سلام والعالم الإسلامي بردٍ على خطاب ماكرون، حذرتم خلاله من دراسة للإسلام في خدمة أجهزة الدولة. أي حاجة لفرنسا ماكرون اليوم لدراسة الإسلام؟
لطالما كان لدى فرنسا، حتى أثناء الحقبة الاستعمارية، مدرسة استشراقية - بطبيعة الحال كانت متحيزة- انكبت على دراسة الإسلام، وكان هنالك أيضًا باحثون كبار في هذا الشأن، غير أن عملهم اقتصرَ بالأساس على المجال الثقافي. وهناك كذلك مدرسة علوم اجتماعية متطورة جدًا اختصّت في دراسة العالم العربي والاسلامي، وتضم هي الأخرى عددًا من الكفاءات المحترمة. لكن السؤال هو وجود خطر تحوير هذا البحث الأكاديمي إلى منزلقات أيديولوجية، وهو أشبه قليلًا بما قام به ماكرون بفكرته لإنشاء مؤسسة للإسلامولوجيا، فقد منحنا انطباعًا بأن هناك إرادة لتوجيه الأبحاث في المجال.
مثلما حصل بالفعل خلال السنوات العشر الأخيرة مع الدراسات حول الإرهاب، حيث تمّ توجيه عدد كبير من البحوث، واستثمار أموال طائلة وتعبئة عدد كبير من الباحثين، الذين وجدوا أنفسهم في الأخير يشتغلون لتأكيد ما تريد أجهزة الدولة تسويقه: أي وجود تهديدات إرهابية وأننا في حالة حرب.. إلخ.
لدينا انطباع أن هذا ما يريده ماكرون، بالأخص مع توجه معظم الباحثين في الإسلامولوجيا - مع وجود استثناءات- لدحض خطاب الانعزالية والتهديد الإسلامي، فيما يريد هو بالمقابل ضخ المال لتطوير لتصبح العلوم الاجتماعية في خدمة أجهزة الدولة. لكن لا أظن أنه سينجح بتمرير هذا الأمر، لأن هناك مقاومة كبيرة من الباحثين والباحثات الفرنسيين.
- في مناسبتين من أصل خمس انتخابات رئاسية أخيرة، يتوجه الفرنسيون نحو مكاتب الاقتراع للتصويت كي لا يصعدَ رئيس يميني متطرف: الأولى مع شيراك وجان ماري لوبان والثانية مع ماكرون ومارين لوبان. مع ذلك، وفي المناسبتين يشرع الرئيسان المنتخبان (شيراك/ماكرون) في تبني خطاب يستهدف المسلمين. هل هناك رابطٌ بين الظاهرتين؟
بطبيعة الحال - وحتى إن لم أجهر بها بداية لكنني أرى أنه من الضرورة الإشارة إليها - فبالنسبة لي خطاب ماكرون الأخير خطاب انتخابي، وهو في صدد تجهيز نفسه الآن لرئاسيات 2022، ويأمل بهذه الطريقة أن يحصد بعض الأصوات المائلة إلى اليمين.
إذا سمحت لي، فقط أود توضيح نقطة مهمة فيما يخص الخطاب المعادي للمسلمين. هناك اعتقاد سائد بأن مارين لوبان أكثر وجه شائع حمل هذا الخطاب، لكن الانطباع الحاصل الآن هو أنها ليست أكثرهم تطرفًا، مقارنة بسياسيين آخرين من اليمين التقليدي أو حتى من اليسار الذين تبنوا خطابًا متطرفًا في عدائه للمسلمين. وقد أشرنا سابقًا لإيريك زيمور كمثال لكن هناك آخرون أيضًا كآلان فينكلكروت وغيرهم ممن يتبنون هذا الخطاب الذي كان، قبل سنوات قليلة، خطابًا هامشيًا والآن أصبح هو السائد. وفي السابق كنا نتحدث عن مصطلح "لَوبَنة العقول La Lepénisation des esprits" (أي جعلها تتبنى نفس التوجه السياسي لعائلة لوبان)، يظهر لي أن الأشخاص الذين كنا نصفهم بذلك أصبحوا الآن أكثر عداءًا للمسلمين من لوبان ذات نفسها.
إذن هناك ظاهرة مقلقة، تتحمل بعض المنابر الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي المسؤولية في تناميها. وحقيقة إنه لأمر مثير للاهتمام أن يكون إيريك زيمور، الذي أدين قضائيًا في مرتين أو ثلاث بالعنصرية، مرحبًا به في بلاتوهات عدد من القنوات الفضائية الكبيرة في فرنسا دون أدنى حرج من ذلك.
- يمكننا اعتبار الولاية الرئاسية الحالية أحد أكثر فترات الحكم قلقًا في تاريخ فرنسا الجمهورية، إن لم تكن أكثرها على الاطلاق، حيث دفع الرئيس ماكرون ثمن هذا القلق جزءا مهمًا من شعبتيه. كيف خسر ماكرون هذه الشعبية وبأي طريقة يريد استرداد هذه الكتل الناخبة من يدي خصومه السياسيين؟
ماكرون هو ظاهرة فريدة داخل الساحة السياسية الفرنسية، فهذه أول مرة يصل فيها مسؤول سياسي، بلا حزب سياسي يقف خلفه، ليس إلى فرض نفسه فحسب بل إلى إحداث شرخ داخل النظام السياسي بأكمله: فكك اليمين من الداخل وهو الآن مشرذم إلى أقسام، فكك اليسار وقزم سطوة الحزب الاشتراكي. لقد أحدث فعلًا ساحة دمار سياسي، وهي التي منحته فرصة الفوز، مع الاعتقاد الذي ساد عند من دعموه بأن لا يكون هناك يسار أو يمين في الساحة السياسية الفرنسية، وأن يكون الاختيار خارج ثنائية اليسار واليمن السياسي، وهذا "فانتازم" قديم داخل الحياة السياسية الفرنسية.
لكن كل هذا فشل في الحقيقة، حيث تبين أنه لا يمتلك برنامجًا آخر غير برنامج اليمين، عدا بعض النقاط من برنامجه التي أجابت عن بعض الإشكالات الاجتماعية، لكن وحتى قبل السترات الصفراء كان هناك عدد من الاحتجاجات، سواء حول مشروع إصلاح التقاعد أو إصلاح منظومة الدعم المالي للأشخاص دون عمل، وشيئًا فشيئًا أخدت الأمور في الاتضاح على أنه سياسي يميني بساياسات يمينية، كلفه ذلك فقدان قسم من مسانديه في اليسار، وهذا ما يحاول استعادته الآن بخطابه عن التحديات الأمنية والعداء ضد المسلمين.
أفكار مارين لوبان المحملة بالعداء للمهاجرين والجاليات المسلمة في طريقها لتصبح رأي الأغلبية
لكن المثير هو أنه سنة 2017، أثناء حملته الانتجابية التي نافس فيها مرشح اليمين فراسوا فيون، رفض الدخول في هذه المزايدات المعادية للمسلمين، وكان فرانسوا فيون هو من اعتمد ذلك الخطاب خلال حملته. وما أعتقده شخصيًا هو أن ماكرون لا يؤمن حقًا بما يقول، فهو أكثر تأثرًا بالثقافة الأنجلوساكسونية، وبالنسبة له فإن النموذج الأمريكي – أي طائفتين تعيشان جنبا إلى جنب- هو نموذج جيد. لكن هنا، وكما قلت، هي دوافع انتخابية تدفع إلى البحث عن حصد أصوات في اليمين، ومن ثمة التحضير لمقابلة محتملة مع مارين لوبان في الدور الثاني من الانتخابات القادمة، والتي سترغم اليسار بالمقابل على منحه أصواتهم لأنهم لا يريدون لوبان رئيسة للجمهورية، وبالتالي يضمن حظوظه في ولاية ثانية.
لكنها لعبة خطيرة، لأنه في الحقيقة وكما سبق وأن ذكرت، فإن أفكار مارين لوبان المحملة بالعداء للمهاجرين والجاليات المسلمة في طريقها لتصبح رأي الأغلبية، وهذا أمر مقلق في المستقبل.