01-نوفمبر-2024
بوتين وكيم جونغ أون

وقعت روسيا وكوريا الشمالية اتفاقية دفاع مشترك (رويترز)

تثير الشراكة الدفاعية المتنامية بين روسيا وكوريا الشمالية والصين وإيران العديد من التساؤلات والتحديات. ويرى بعض المحللين أن هذه الشراكة، التي تطورت بسرعة خلال العامين الأخيرين، تدل على بزوغ "تحالف شرقي" مناهض لنفوذ التحالف الغربي "الناتو" بزعامة الولايات المتحدة الأميركية.

توثيق التعاون

 تعود بداية التعاون في إطار التحالف الجديد، الذي أطلق عليه البعض "تحالف الشرق"، إلى الدعم الإيراني لروسيا بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، قبل أن يبلغ ذروته بتوقيع روسيا وكوريا الشمالية اتفاقيةً دفاعية نصت على تقديم المساعدة العسكرية الفورية في حال تعرض أي منهما للهجوم. وبالفعل، أكدت تقارير عدة أن بيونغ يانغ أرسلت أكثر من 1500 جندي من قواتها إلى روسيا لدعم جهودها في حرب أوكرانيا، ومن المتوقع أن يصل عدد الجنود الكوريين الشماليين إلى نحو 12 ألف جندي بحلول العام المقبل.

وقبل ذلك، قامت كوريا الشمالية، حسب معلومات كشفها وزير الدفاع السابق في كوريا الجنوبية ومستشار الأمن القومي الحالي وون سيك، بشحن نحو 6700 حاوية إلى روسيا، تتسع لأكثر من ثلاثة ملايين طلقة من قذائف المدفعية عيار 152 ملم، أو أكثر من 500 ألف طلقة من قاذفات الصواريخ المتعددة عيار 122 ملم. وبحسب تقديرات أخرى، فإن عدد الحاويات التي أرسلتها كوريا الشمالية إلى روسيا يقدر بأكثر من 13 ألف حاوية من الإمدادات العسكرية.

انخراط كوريا الشمالية بشكل مباشر في الحرب في أوكرانيا قد يمهّد لانخراط غربي مباشر أيضا

وفي منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ، تسارعت وتيرة التنسيق الدفاعي المشترك بين الصين وكوريا الشمالية بهدف مواجهة التحالف المكون من الولايات المتحدة الأميركية واليابان وكوريا الجنوبية والفلبين وأستراليا والهند.

وتعد هذه المعطيات دليلًا لدى البعض على تبلور جبهة دفاعية مشتركة تجمع موسكو وبكين وبيونغ يانغ وطهران. فبالنسبة لروسيا وكوريا الشمالية، تم بالفعل توقيع اتفاقية دفاع مشتركة في حزيران/يونيو الماضي 2024، بموجبها يتم تقديم المساعدة العسكرية الفورية في حالة تعرض أحد البلدين للهجوم. ومن غير المستبعد أن نشهد توقيع اتفاقية مماثلة بين روسيا وإيران بعد التطور الدراماتيكي الذي شهدته علاقات البلدين في الآونة الأخيرة. كما أن التوسع الأميركي العسكري في شرق وجنوب شرق آسيا، وتعزيز واشنطن للتعاون العسكري مع حلفائها في كوريا الجنوبية واليابان والفلبين والهند وأستراليا، قد يدفع الصين وكوريا الشمالية إلى تعزيز التعاون والتنسيق الدفاعي المشترك بينهما ومع روسيا.

ويشار في هذا الصدد إلى أن بكين وموسكو نفذتا في أيلول/سبتمبر الماضي واحدة من أكبر المناورات البحرية منذ الحقبة السوفياتية، حيث شاركت 400 سفينة حربية وغواصة وسفينة دعم في تلك المناورات التي سميت "المحيط 2024"، والتي نُظمت في بحري اليابان وأوخوتسك. أضيفت هذه التدريبات إلى مناورات أخرى بين القوتين النوويتين منذ عام 2012 تحت اسم "البحر المشترك" في بحر الصين الجنوبي والبحر الأصفر.

وبحسب المتابعين، فإن تنامي هذا التعاون والتنسيق بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية من شأنه أن يؤثر ليس فقط في طبيعة الصراع في أوكرانيا، بل أيضًا في معادلات الصراع في المحيط الهادئ.

التحرك الأميركي

لا تقف الولايات المتحدة وحلف الناتو مكتوفي الأيدي أمام تنامي التعاون في "محور الشرق"، فقد واصلت واشنطن وحلف شمال الأطلسي تعزيز الشراكة الدفاعية الاستراتيجية مع كوريا الجنوبية، وذلك "ضمن استراتيجية غربية ترى أن مصالح وأمن شمال الأطلسي وآسيا لم تعد منفصلة، في ظل تنامي العلاقات الروسية-الصينية، والآن الروسية-الكورية الشمالية".

ومقابل التدريبات المشتركة الصينية-الروسية، أجرت واشنطن وسيول عدة تدريبات مشتركة، كان آخرها في آب/أغسطس من العام الجاري تحت اسم "درع الحرية أولشي"، حيث شهدت مشاركة نحو 19 ألف جندي كوري جنوبي. وقد اشتملت على سيناريوهات الدفاع المدني التي تحاكي هجومًا نوويًا من كوريا الشمالية، بالإضافة إلى سيناريوهات محاكاة حاسوبية وتمارين إطلاق نار حي.