تطالب عشرات الدول بإصلاح مجلس الأمن الدولي ليكون أكثر توازنًا وديمقراطيةً، حيث تغيب قارات بأكملها عن العضوية الدائمة في المجلس الذي يمتلك لوحده سلطة إلزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بقراراته. وفي أحدث صدًى لتلك الدعوات، أعلنت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا غرينفيلد عن دعم الولايات المتحدة الأميركية إنشاء مقعدين دائمين في مجلس الأمن للدول الإفريقية، بالإضافة لمقعد تتناوبه الدول الجُزُرية الصغيرة النامية.
وترى وكالة "رويترز" أنّ هذه الخطوة الأميركية تأتي في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى إصلاح العلاقات مع إفريقيا، حيث يشعر كثيرون بالاستياء من دعم واشنطن للعدوان الإسرائيلي على غزة، حيث تقود جنوب إفريقيا قاطرة دعوى الإبادة الجماعية ضدّ إسرائيلي لدى محكمة العدل الدولية.
كما تأتي الخطوة الأميركية أيضًا، وفقًا لـ"رويترز"، في سياق مساعيها لتعزيز العلاقات مع دول جزر المحيط الهادي لمواجهة النفوذ الصيني في تلك المنطقة التي تحظى بأهمية استراتيجية كبيرة في تطويق التنين الصيني.
غوتيريش: لدينا مجلس أمن يتوافق تمامًا مع الوضع بعد الحرب العالمية الثانية.. لديه مشكلة شرعية، ولديه مشكلة فعالية، ويحتاج إلى الإصلاح فعلًا
وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا غرينفيلد لرويترز إنها تأمل: "دفع هذا المقترح إلى الأمام بطريقة تمكّن من إصلاح مجلس الأمن في المستقبل"، مشيرةً إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن يدعم هذه المساعي التي تعدّ جزءًا من "إرثه"، حسب وصفها.
يشار إلى أنه وبالإضافة إلى الدعوة لإنشاء مقعدين لإفريقيا ومقعدٍ تتناوبه الدول الجزرية الصغيرة النامية، تدعم واشنطن منذ مدةٍ طويلة حصول الهند واليابان وألمانيا على مقاعد دائمة في مجلس الأمن الدولي، لكن ذلك الدعم ظلّ قوليًا ولم يتجسّد واقعيًا.
ويرى مهتمون بقضية إصلاح مجلس الأمن أن تلك الدعوات لا تعدو كونها مسكّنات أو مهدئات سياسية، تبعث بها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي خمس دول فقط، كلما تعالت نبرة المطالبات بإصلاح المجلس ونظام الأمم المتحدة بشكل عام، خاصةً مطلب إلغاء حق استخدام النقض المعروف بـ"الفيتو"، ومصادرة آراء ومواقف وتوجهات عشرات الدول من طرف 5 دول فقط، مع الإشارة إلى أنّ نظام مجلس الأمن أفرزه واقع ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهو واقعٌ شهد تغيرًا كبيرًا، لكنّ القوى الخمس (الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا) لا تأخذ ذلك بعين الاعتبار.
ومنذ مدة طويلة تطالب الدول النامية بمقاعد دائمة في مجلس الأمن الذي يعدّ الجهاز الوحيد الذي له سلطة اتخاذ قرارات تلتزم بتنفيذها الدول الأعضاء بموجب المادة 23 من ميثاق الأمم المتحدة. ولكن سنوات من المحادثات بشأن الإصلاح أثبتت عدم جدواها، ومن غير الواضح ما إذا كان الدعم الأميركي يمكن أن يحفز التحرك نحو الإصلاح المأمول.
يذكر أن مجلس الأمن الدولي يتكون من 15 عضوًا من أعضاء الأمم المتحدة ينقسمون إلى 5 أعضاء دائمين و10 أعضاء تنتخبهم الجمعية العامة لمدة سنتين، ولا يجوز إعادة انتخاب أحدهم مباشرةً لمدة أخرى، ويوجد ممثل دائم عن كل عضو في مقر الأمم المتحدة طوال الوقت لتحقيق مبدأ "الاستمرارية" الذي يعد المحرك الرئيس لإدارة مجلس الأمن.
وقبل الإعلان عن نية واشنطن دعم إنشاء مقاعد جديدة، أوضحت سفيرتها لدى الأمم المتحدة ليندا غرينفيلد لرويترز أن واشنطن: "لا تدعم توسيع حق النقض إلى ما هو أبعد من الدول الخمس التي تمتلكه".
يشار أيضًا إلى إقرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قبل يوم أمس الأربعاء بوجود مشكلة في مجلس الأمن، قائلًا: "لدينا مجلس أمنٍ يتوافق تمامًا مع الوضع بعد الحرب العالمية الثانية.. لديه مشكلة شرعية، ولديه مشكلة فعالية، ويحتاج إلى الإصلاح"، فعلًا لا قولًا فحسب.