06-نوفمبر-2024
ترامب

دونالد ترامب (رويترز)

كسب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب السباق الرئاسي، بعد تفوّقه على مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، وبذلك أصبح ترامب الرئيس الجديد للولايات المتحدة. خبرٌ لم يعجب الكثيرين من قادة العالم، خصوصًا في الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك أتت ردود فعل هؤلاء الزعماء مرحّبة بالرئيس الجديد شكلًا، ومشوبة بالقلق والحذر مضمونًا.

قلقٌ أوروبي وتجاهل روسي

سارع قادة الاتحاد الأوروبي والناتو إلى الترحيب بالرئيس الأميركي المنتخب، لكن فوز ترامب أثار مخاوف كبرى لدى أكثرهم.

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد محادثة مع المستشار الألماني أولاف شولتز، على ضرورة العمل من أجل "أوروبا أكثر اتحادًا وقوة وسيادة"، مشيرًا إلى أهمية التعاون مع الولايات المتحدة، لكن مع "حماية المصالح والقيم الأوروبية".

كذلك تزايد الشعور بالحاجة الملحة لإعادة تقييم مسألة "الدفاع" في الاتحاد الأوروبي، وفور فوز ترامب بالانتخابات، عقد وزيرا الدفاع الفرنسي والألماني قمة طارئة في باريس لمناقشة تداعيات هذا التطور على الأمن الأوروبي.

وتأتي هذه الخطوة في وقت حساس، فقد شهدت فترة ولاية ترامب الأولى توترات ملحوظة بين الولايات المتحدة وأوروبا، حيث اتهم ترامب الدول الأوروبية بتقليل الإنفاق الدفاعي واعتمادها على القوة العسكرية الأميركية، مستهدفًا بشكل خاص ألمانيا التي وصفها بأنها "متأخرة" في هذا المجال.

سارع قادة الاتحاد الأوروبي والناتو إلى الترحيب بالرئيس الأميركي المنتخب، لكن فوز ترامب أثار مخاوف كبرى لدى أكثرهم.

وفي بريطانيا، هنأ رئيس الوزراء، كير ستارمر، دونالد ترامب على "فوزه التاريخي في الانتخابات"، وقال: "بصفتنا أقرب الحلفاء، فإننا نقف جنبًا إلى جنب للدفاع عن قيمنا المشتركة للحرية والديمقراطية والمبادرة". وأضاف ستارمر في بيان على منصة "إكس": "إن العلاقة الخاصة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة ستستمر في الازدهار".

ومع ذلك، ووفقًا لصحيفة "الغارديان"، واجه ستارمر ضغوطًا في مجلس العموم البريطاني من قبل زعيم حزب المحافظين الجديد، بشأن تعليق سابق لوزير في حكومته، حيث سبق لوزير الخارجية الحالي، ديفيد لامي، أن وصف دونالد ترامب في عام 2018 بأنه "مختل عقليًا، يكره النساء ويتعاطف مع النازيين الجدد"، وتم سؤال ستارمر إن كان سيعتذر من ترامب أم لا.

وعلى صعيد الاتحاد الأوروبي، هنّأت رئيسة المفوضية الأوروبية، أوروسلا فون دير لاين، ترامب بانتخابه رئيسًا للولايات المتحدة، ونشرت في حسابها على منصة "إكس" بيانًا، عبّرت فيه عن تهانيها "الحارة"، وجاء فيه: "إن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أكثر من مجرد حليفين، نحن مرتبطون بشراكة حقيقية بين شعبنا، والتي توحد 800 مليون مواطن. لذا، دعونا نعمل معًا على أجندة عبر أطلسية قوية قادرة على تحقيق الأهداف المرجوة منها".

كذلك حلف شمال الأطلسي "الناتو" الرئيس الأميركي المنتخب، وذلك بتغريدة لأمينه العام "مارك روته" على حسابه في منصة "إكس"، جاء فيها: "لقد هنّأت دونالد ترامب على انتخابه رئيسًا للولايات المتحدة، وسوف تكون زعامته مرة أخرى مفتاحًا للحفاظ على قوة تحالفنا، وأتطلع إلى العمل معه مرة أخرى لتعزيز السلام من خلال القوة من خلال الناتو".

تصريحات القادة الأوروبيين وزعماء الناتو والاتحاد الأوروبي، تخفي في طياتها مزيدًا من القلق، وهو ما كشفه صراحة رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، فبعد أن هنأ ترامب بالفوز، وتمنى استمرار "العلاقات الممتازة بين السويد والولايات المتحدة"، في تغريدة على حسابه بمنصة "إكس"، حذّر من أن ولاية ترامب الثانية ستشكل مخاطر على مجموعة من القضايا، بما في ذلك المساعدات الأمريكية لأوكرانيا والتجارة مع أوروبا.

رئيس الوزراء السويدي
رئيس الوزراء السويدي

وأكد رئيس الوزراء السويدي أمام الصحفيين أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين من شأنها أن تخلف عواقب وخيمة على التجارة الأوروبية، وقال كريسترسون: "إن هذا الخطر يعني الكثير بالنسبة لدولة تعتمد بشكل كبير على الصادرات والتجارة، مثل السويد".

لسان حال رئيس الوزراء السويدي يمثل أغلب قادة الاتحاد الأوروبي والناتو، وهناك أمر آخر غير الشأن الاقتصادي يقضّ مضجع الأوروبيين، ألا وهو حسب كريسترسون مخاطر "انخفاض الالتزام تجاه أوكرانيا"، فقال: "لقد لاحظنا حقيقة أن الولايات المتحدة هي حتى الآن أكبر مساهم عسكري في أوكرانيا".. "سنفعل ما بوسعنا للتأكيد على إرادتنا في الحفاظ على الالتزام الأميركي، لا توجد قضية لها نفس الأهمية الوجودية للدول في جزءنا من العالم مثل أوكرانيا".

وقال كريسترسون إن أوروبا والسويد بحاجة إلى تعزيز دعمهما لأوكرانيا، من أجل إقناع الولايات المتحدة بالحفاظ على مستويات مساعداتها، وأضاف رئيس الوزراء السويدي: "عندما نفعل ذلك ونكون مستعدين لزيادة هذا الدعم، فإن ذلك يفيد أيضًا علاقتنا بالولايات المتحدة، كلما تصرفنا بشكل أكثر فعالية، كلما أصبح موقفنا أقوى عندما نطلب ونأمل في استمرار الدعم القوي عبر الأطلسي لأوكرانيا".

وبالمجمل وصف رئيس الوزراء السويدي هذه الملفات الحساسة بين ترامب والاتحاد الأوروبي بالمخاطر، وقال: "نحن نرى هذه المخاطر، وقد خططنا لهذه المخاطر، لقد خططنا لفترة طويلة لسيناريوهات مختلفة، وتطورات اجتماعية مختلفة، ونحن مستعدون جيدًا لهذا".

وفي أوكرانيا، ثمة شعور بخيبة الأمل جراء خسارة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، خاصة بعد الدعم الكبير الذي قدمه الديمقراطيون لكييف خلال الحرب مع روسيا، ومع ذلك، سارع رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي على تقديم التهاني لترامب، ونشر تغريدة على حسابه في منصة "إكس" أشاد خلالها بالفوز "المذهل"، وقال فيها :"إنني أتطلع إلى تهنئة الرئيس ترامب شخصيًا، ومناقشة سبل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين أوكرانيا والولايات المتحدة".

وتخشى أوكرانيا من التقارب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، على الرغم من تأكيدات الأخير في حملته الانتخابية على قدرته في إحلال السلام في أوكرانيا، لكنّه في الوقت نفسه كان يندد بقيمة المساعدات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة لأوكرانيا.

إلا أن ردّة فعل موسكو على فوز ترامب قد تمنح الأوكرانيين بعضًا من الطمأنينة، حيث قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، في مؤتمر صحفي، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يخطط لإجراء أي مكالمات هاتفية مع واشنطن.

وقال بيسكوف في إشارة إلى دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا: "نحن نتحدث عن دولة غير صديقة متورطة بشكل مباشر وغير مباشر في حرب ضد دولتنا". وزاد بأن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة وصلت بالفعل إلى "أدنى مستوى تاريخي غير مسبوق، ولا يمكن أن تسوء الأمور أكثر من ذلك".

بوتين
لم يهنئ بوتين دونالد ترامب على نجاحه في الانتخابات

موقع "بوليتيكو" وصف خطوة بوتين هذه بالمعادل الدبلوماسي للصفعة على الوجه، خصوصًا بعد حملة الإطراء من ترامب على الزعيم الروسي ووعوده بالتفاوض من أجل نهاية سريعة للحرب، على شروط قد تكون مواتية لموسكو.

وبحسب "بوليتيكو، لم يمنح تصرف بوتين الفرصة لتسجيل استيائه من واشنطن فحسب، بل يوفر أيضًا لمحة عن الكيفية التي يخطط بها الكرملين للضغط أكثر على الرئيس الأميركي المنتخب.

بعض الزعماء الأوروبيين كانوا سعداء بالفعل حيال فوز ترامب بالانتخابات الأميركية، خصوصًا أولئك الذين يقودون أحزاب اليمين المتطرف، ويتفقون مع ترامب بملفات تخص الهجرة واللاجئين، ومن بينهم رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، والذي استبق فوز ترامب رسميًا، ونشر صورة له على حسابه في منصة "فيسبوك" وهو يتابع نتائج الانتخابات الأميركية، قال فيها إن ترامب يتجه نحو فوز رائع.

الأمر ذاته فعلته رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، والتي قالت في تغريدة على منصة "إكس": بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن الحكومة الإيطالية، أتقدم بخالص التهاني لرئيس الولايات المتحدة المنتخب دونالد ترامب.

وأضافت: "إيطاليا والولايات المتحدة دولتان شقيقتان، يربطهما تحالف لا يتزعزع وقيم مشتركة وصداقة تاريخية. إنها رابطة استراتيجية، وأنا متأكدة من أننا سنعززها الآن بشكل أكبر، عمل جيد أيها الرئيس".

توازن صيني

ردود الفعل الصينية تجاه انتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة كانت متوازنة، وقال المتحدث باسم الخارجية، ماو نينج، في مؤتمر صحفي دوري في بكين، في تصريحات نقلتها "رويترز": "سياستنا تجاه الولايات المتحدة متسقة"، و"سنستمر في النظر إلى العلاقات الصينية الأمريكية والتعامل معها وفقًا لمبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين".

لكن الاستراتيجيين الصينيين قالوا إنهم يتوقعون المزيد من الخطاب الناري والتعريفات الجمركية المحتملة من ترامب، على الرغم من أن البعض قال إن سياسته الخارجية الانعزالية قد تمنح بكين فراغًا لتوسيع نفوذها العالمي، وفقًا لما أفاد به محللون للوكالة.

أفراح لا تخلو من التطرف والشعبوية في إسرائيل

سارع القادة الإسرائيليون إلى تقديم التهاني بنجاح دونالد ترامب في سباق الانتخابات، وكان من أوائل المهنئين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث نشر تهنئة رسمية موجهة إلى ترامب وزوجته ميلانيا، وأشاد بما وصفه بـ"أعظم عودة في التاريخ". وأضاف نتنياهو: "إن عودتك التاريخية إلى البيت الأبيض تمثل بداية جديدة لأميركا، وتعزز التحالف العميق بين إسرائيل وأميركا".

وتوالت التهاني من وزراء بارزين في الحكومة، حيث هنأ وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد، يسرائيل كاتس، ترامب على فوزه، ونقلت صحيفة "يديعوت أحرنوت" عن كاتس أن "هذا النصر التاريخي يمثل فرصة لتعزيز التحالف الأميركي-الإسرائيلي، واستعادة الرهائن، وهزيمة محور الشر الذي تقوده إيران". وزعم وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد أن التعاون مع إدارة ترامب سيجلب الأمان والاستقرار للمنطقة.

ترامب
صورة نشرها نتنياهو في حسابه على منصة "إكس"

كما أثارت عودة ترامب إلى البيت الأبيض فرحة واسعة في أوساط اليمين الإسرائيلي، إذ وصف إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال، الفوز بأنه "وقت النصر المطلق"، وحسب صحيفة "يديعوت أحرنوت"، فقد صعد بن غفير إلى منصة الكنيست مبتسمًا، وقال ردًا على سؤال طرحه أحد أعضاء الكنيست: "هذا هو وقت السيادة، هذا هو وقت النصر المطلق، هذا هو الوقت المناسب لسن عقوبة الإعدام للإرهابيين، هذا هو الوقت المناسب لجميع أنواع القوانين، أنا متأكد من أن رئيس الولايات المتحدة سيرى ذلك"، و"تهانينا لدولة إسرائيل وبعون الله - حتى النصر المطلق".

لم تتوقف الاحتفالات عند التصريحات فحسب، فقد شهد الكنيست مشاركة من بعض أعضائه احتفاءً بفوز ترامب، حيث أدى عضو الكنيست، سيمحا روثمان، "صلاة الشكر" في بداية جلسة لجنة الدستور، متمنيًا "التوفيق" للرئيس الأميركي المنتخب.

كما قال وزير القدس مئير باروش إن "قلب الملك بيد الله"، في إشارة إلى اعتقاده بأن ترامب سيواصل دعم إسرائيل، سيما وأنه افتتح السفارة الأميركية في القدس خلال عهدته السابقة، وقال حسبما نقلت "يديعوت أحرونوت": "الرئيس ترامب أثبت في ولايته السابقة أنه صديق حقيقي للشعب اليهودي ومدينة القدس، نصلي جميعًا ونتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في الفترة القادمة بقوة أكبر".

ردود فعل متباينة في الشرق الأوسط

عربيًّا، رحّب أغلب القادة والزعماء بعودة ترامب إلى سدّة الحكم، وأفصحوا عن تطلعاتهم لمزيد من التعاون في الملفات الاقتصادية والأمنية.

 في وقت بيّنت فيه حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن موقفها من الإدارة الأميركية الجديدة "يعتمد على مواقفها وسلوكها العملي تجاه شعبنا الفلسطيني وحقوقه المشروعة وقضيته العادلة".

وأضافت الحركة في بيانها الرسمي: "سلكت الإدارة الأمريكية السابقة مسارًا منحازًا للاحتلال والعدوان، عبر منح مجرمي الحرب الصهاينة غطاءً سياسيًا وعسكريًا، للمضيّ في أبشع حروب الإبادة التي عرفها التاريخ الحديث، ما ثبّت دورها كشريكٍ كامل في قتل عشرات الآلاف من أبناء شعبنا من أطفال ونساء وشيوخ".

فيما قال الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، في كلمة متلفزة، إن الحزب "لا يعول على الانتخابات الأميركية"، وهو يشبه ما صرحت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، والتي نقلتها شبكة "بي بي سي"، وجاء فيها أن نتائج الانتخابات لن تؤثر على الوضع الاقتصادي الإيراني، ما يعكس هذا الموقف قلق إيران من عودة ترامب إلى سياسة "الضغط الأقصى"، التي شملت فرض عقوبات اقتصادية صارمة على إيران ودعم إسرائيل ضدها.