اعترفت وزارة الخارجية العراقية بوجود وساطة يقودها رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بين تركيا والنظام السوري. ويأتي هذا الإعلان بُعيد إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي، من برلين، استعداده للقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد ودعوته إلى زيارة تركيا، أو عقد اللقاء في بلد ثالث.
إلا أنّ التطبيع التركي مع النظام السوري يواجه صعوبات وعوائق في ظلّ إصرار النظام على بعض الشروط وعدم تقديم أنقرة لأيّ تنازل حتى اللحظة. ويمكن الحديث عن أربعة عوائق تحول دون التطبيع بين أنقرة والنظام السوري.
عائق الانسحاب من الشمال السوري
يقف هذا الشرط الذي يتمسك به النظام السوري عائقًا عمليًا أمام تطبيع العلاقات التركية مع النظام، فهذا الوجود العسكري لتركيا في تلك المنطقة قدّم لأنقرة: "فرصة التوغل في الشمال لدرء خطر حزب العمال الكردستاني وأذرعه السورية، حزب الاتحاد وقوات سورية الديمقراطية (قسد)"، بحسب صحيفة وموقع "العربي الجديد".
يرى متابعون للشأن السوري أنّ إتمام تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري، سيعني تخليًا تركيًا عن المعارضة السورية، وهذا من شأنه أن يُثبت على تركيا مبدأ "البيع والشراء" مع الجهات التي تتعامل معها وتدعمها
وتجدر الإشارة إلى أنّ محاولة ربط النظام لهذا الشرط بالمنطلقات السيادية هو أمرٌ محطّ شبهة وغير جدي. فالمناطق التي توغلت فيها القوات التركية: "كانت أساسًا تحت سيطرة المعارضة السورية وقوات سوريا الديمقراطية"، وهذه الأخيرة سمح لها النظام السوري نفسه: "بالتمدد في الشمال الشرقي في البلاد، ردًا على مساندة أنقرة للمعارضة السورية بعد اندلاع الاحتجاجات على نظام بشار الأسد".
اللاجئون السوريون في تركيا
إحدى الأسباب المفتاحية لفهم إصرار تركيا على مغازلة النظام السوري هو قضية اللاجئين السوريين على أراضيها، خاصةً في ظل ما يتعرضون له من عنصرية وتضييق. لكن النظام السوري ما يزال مصرًا: "على عدم إعادة اللاجئين رغم كل المبادرات الدولية لهذا الشأن حتى من قبل حلفائه الروس، ويرجع هذه الإصرار لأسباب مذهبية في المقام الأول، فمعظم اللاجئين من لون وطيف واحد، وسياسية في المقام الثاني، كون الغالبية من اللاجئين يؤيدون الحراك ضد رئيس النظام بشار الأسد. وأخيرًا، أسباب اقتصادية تتعلق بعدم قدرة النظام على توفير الاحتياجات والخدمات وبنى تحتية للناس الذين بقوا في مناطق سيطرته، فكيف بأعداد اللاجئين الضخمة".
التخلي عن المعارضة السورية
يرى متابعون للشأن السوري أنّ إتمام تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري سيعني تخليًا تركيًا عن المعارضة السورية، وهذا من شأنه أن يُثبت على تركيا مبدأ "البيع والشراء" مع الجهات التي تتعامل معها وتدعمها، مع العلم أنّ الرئيس التركي أردوغان طالما اتهم من طرف خصومه بالبراغماتية والانتهازية، بعيدًا عن ما "يدّعيه" من مبدئية تجاه القضايا التي يساندها.
وفي ظل السياسة الخارجية التدخّلية لتركيا، في أكثر من بلد وموقع، لا سيما ليبيا وكردستان العراق وأذربيجان وبعض دول إفريقيا، سيكون التخلي عن المعارضة السورية مؤشرًا على عدم جدية الدعم التركي ومبدئيته بالنسبة للمعتمدين عليه. وتحرص حكومة أردوغان، حسب متابعين، على: "عدم ترك هذا الانطباع عنها لدى أي جهة تريد إنشاء علاقات مع تركيا"، وفق "العربي الجديد".
المعطى الإقليمي والدولي
أفادت مصادر أن طهران ما تزال ترفع الفيتو ضدّ تطبيع علاقات النظام مع تركيا، وتشير معلومات المصادر إلى أن طهران ضغطت على حليفها في دمشق لعدم إتمام التطبيع، وهو ما يفسّر نسبيًا تمسك النظام بالشروط التي يزعم أنه متشبث بها لآخر لحظة.
ويضاف لهذا العائق عائق آخر دولي يتمثل في الموقف الغربي الصارم في حلف "الناتو" ضدّ النظام السوري بسبب تحالفه مع طهران وموسكو. ومهما يكن من خلاف، لا يمكن لتركيا، وهي عضو في "الناتو"، أن تقدم تحالفها الظرفي مع روسيا على تحالفها الاستراتيجي مع الغرب.