06-أكتوبر-2024
مسن فلسطيني يسير بجانب منزل مدمر في خانيونس

يساوي حجم الركام في غزة حجم الهرم الأكبر في مصر 11 مرة (رويترز)

بعد عام على الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، وإلى جانب ما لحق بالقطاع من أضرار غير مسبوقة وأزمات إنسانية كارثية، يواجه سكانه أيضًا تحديات هائلة في التعامل مع ما خلّفه القصف من أنقاض تُقدر بعشرات الملايين من الأطنان.

ولا تقتصر هذه التحديات على صعيد إزالتها فقط، رغم صعوبة العملية، وإنما على مستوى المخاطر الصحية الناجمة عما تحتويه من مواد سامة مثل "الأسبستوس"، وجثث (يتجاوز عدد المفقودين 10 آلاف شخص)، وقنابل غير منفجرة، إضافةً إلى نقص الموارد والمعدات اللازمة للعمل على إزالتها، والأهم وقف الحرب التي تدخل عامها الثاني دون أفق واضح لنهايتها.

يمثّل الركام الذي خلّفه القصف الإسرائيلي على غزة، ويقدّر بنحو 42 مليون طن، تهديدًا صحيًا طويل الأمد لأهالي القطاع المنكوب

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، هناك 42 مليون طن من الركام في قطاع غزة، ما يعني 14 ضعف كمية الأنقاض المتراكمة في غزة بين عام 2008 وبداية الحرب الحالية قبل عام، وأكثر من 5 أضعاف الكمية المتبقية من معركة الموصل في العراق بين عامي 2016 و2017. وأوضحت هيئات أممية أنه إذا تم تجميع هذه الأنقاض، فإن حجمها سيكون مساويًا لحجم الهرم الأكبر في الجيزة، أكبر الأهرام في مصر، 11 مرة.

وبحسب بيانات الأقمار الصناعية التابعة للأمم المتحدة، فقد تضررت أو دُمِّرت ثلثي مباني غزة التي بُنيت قبل الحرب، أي أكثر من 163 ألف مبنى وفق تقديرات أولية. وكان حوالي الثلث عبارة عن مباني شاهقة الارتفاع.

وأشارت وكالة "رويترز" إلى أن الأمم المتحدة تخطط لإطلاق مشروع تجريبي مع السلطات الفلسطينية في خانيونس ودير البلح، في جنوب ووسط القطاع، لبدء إزالة الركام على جانب الطريق خلال الشهر الجاري. وقال أليساندرو مراكيتش، رئيس مكتب غزة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي يشارك في رئاسة مجموعة عمل تقودها الأمم المتحدة لهذا الغرض: "التحديات هائلة. ستكون عملية ضخمة ولكن في الوقت نفسه من المهم أن نبدأ الآن".

وأوضح مراكيتش أن الحطام يحتوي على جثث لم يتم انتشالها بعد، ويصل عددها إلى 10 آلاف وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة، عدا عن القنابل التي لم تنفجر، ما يجعل من الركام مصدر تهديد واسع الانتشار بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

ولفت برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن ما يقدّر بنحو 2.3 مليون طن من الركام ربما يكون ملوثًا، وأن ألياف "الأسبستوس" يمكن أن تسبب سرطان الحنجرة والمبيض والرئة عند استنشاقها. وكانت منظمة الصحة العالمية قد سجلت ما يقرب من مليون حالة التهاب حاد في الجهاز التنفسي في قطاع غزة خلال العام الفائت، من دون أن تحدد عدد الحالات المرتبطة بالغبار، الذي يشكل مصدر قلق كبير، إذ يمكن أن يلوث المياه والتربة ويؤدي إلى أمراض الرئة.

وذكرت "رويترز" أن الأطباء يخشون من ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان والعيوب الخلقية بسبب تسرب المعادن في العقود المقبلة. ولفت متحدث باسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن لدغات الثعابين والعقارب، التي ستنشط أسفل الركام، تشكل مصدر قلق كبير إلى جانب التهابات الجلد الناجمة عن ذباب الرمل.

ونقلت "رويترز"، في تقرير، عدة شهادات صادمة لغزيين عن الركام، بينهم طفل يبلغ من العمر 11 عامًا يجمع قطعًا من سقف بيته المنهار ليقوم والده بطحنها واستخدامها لصناعة شواهد قبور لضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة.