أثارت الحالة في مخيّم موريا على الأراضي اليونانية التي تعيش إكراهات اقتصادية وسياسية عويصة منذ الأزمة التي عصفت بها ذات 2010، الكثير من الجدل. ما يطرح السؤال: هل يعيشُ لاجئو بلدان أوروبا الوسطى، المرتاحة اقتصاديا وسياسيا، نفس المصير؟ للإجابة عن هذا السؤال، وغيره من الأسئلة، يستضيف "ألترا صوت" ريما حسن، رئيسة "مرصد مخيّمات اللجوء" من فرنسا.
يستضيف "ألترا صوت" ريما حسن، رئيسة "مرصد مخيّمات اللجوء" من فرنسا للحديث حول أوضاع مخيمات اللجوء هناك
- من خلال اشتغالكم كرئيسة "مرصد مخيمات اللاجئين"، ما وصفكم للوضعية داخل المخيّمات بفرنسا تحت وطأة الموجة الثانية من كوفيد-19؟
اقرأ/ي أيضًا: حوار | أطباء بلا حدود: موريا في 2020 جحيمٌ متعدد الوجوه
في الأول، وجب علينَا التذكير بأنه لا يوجد أي مخيم نظامي للاجئين داخل التراب الفرنسي. بالمقابل، كل المخيمات هنا غير نظامية، بمعنى أنها لا تستفيد من الإدارة المنظّمة كباقي المخيمات. فيما اللجوء إلى تنظيم مخيّمات للاجئين، كشكل من أشكال استقبالهم، يتركز أكثر في كلّ من أفريقيا، حيث 70% من اللاجئين يعيشون داخل هذه المخيّمات، والشرق الأوسط حيث 30% منهم يعيشون داخلَ مخيمات، وآسيا بنسبة 40% من اللاجئين يعيشون داخلها كذلك. عكس كلّ من أوروبا وأمريكا، حيث نرصد وجود مخيّمات لاجئين، لكنها لا تستفيد من أي تنظيم أو رعاية تجعل منها مخيمات إنسانية.
ضف على ذلك، أننا في "مرصد مخيّمات اللجوء" لا نعتبر سياسة إقامة المخيّمات السياسة المثلى لاستقبال الأشخاص منهم في هذه الوضعية الصعبة، ولا الدورة الجحيمية لحل هذه المخيمات على التراب الفرنسي دون توفير أماكن لإيواء هؤلاء اللاجئين حلًا لوضعيتهم، بل هي تجعلهم أكثرَ عرضة للهشاشة ولكل أنواع المعاناة الأخرى. فالمخيمات غير النظامية، بهذا الشكل، تغدو تربة خصبة لتفشي عدوى كورونا، وغالبًا ما لا تتوفر هذه المخيمات على الماء الدافئ ولا الصابون، وتنعدم داخلها المساحة لتطبيق التباعد الاجتماعي واحترام الإجراءات الصحية الموصى بها.
في هذه النقطة بالتحديد، سواء داخل فرنسا أو خارجها، نعتبر أن إقامة مخيمات اللجوء، سواء كانت نظامية أم غير نظامية، دلالة على فشل سياسة الاستقبال في الدولة المظيفة، التي لا تسخّر الوسائل اللازمة لرعاية الأشخاص طالبي اللجوء على أراضيها. وفي هذا السياق، على الدولة الفرنسية اتخاذ إجراءات استعجالية لإيواء اللاجئين، وتوفير الغذاء لهم ووسائل النظافة الشخصية لوضع حدّ لتفشي الوباء بين هذه الفئة الأكثر عرضة له.
- في فرنسا، هل العنف البوليسي هو المبدأ الذي تستجيب به الجمهورية لقضية مخيّمات اللجوء؟
نحن في "مرصد مخيمات اللاجئين" ندين كلّ أشكال العنف البوليسي مهما كانت دوافعه ومبرراته. وفي هذا السياق، لا نعتبر هذه الانحرافات السلطوية (التي حدثت بفرنسا) نتيجة لفشل المقاربة الإنسانية، بل العكس، هي معبّر على إرادة سياسية هادفة إلى طمس وجود قضية لاجئين ينتظرون حلولًا ناجعة لمشاكلهم.
- ما قراءتكم لـ "الاتفاقية الجديدة للجوء" التي أعلنت عنها المفوضية الأوروبية في أيلول/سبتمبر الماضي؟
الأزمة التي تعرفها أوروبا هي أزمة استقبال أكثر من أنها موجة هجرة. في هذه السنوات الأخيرة، استطعنا أن نرصد فشل البلدان الأوروبية في الاستجابة بشكل ناجع لتحدي استقبال المهاجرين واللاجئين في ظروف تحترم إنسانيتهم وسلامتهم البدنية والنفسية. الاتفاق الجديد للهجرة واللجوء، الذي طرحته المفوضية الأوروبية في 23 أيلول/سبتمبر الماضي، يقع في صلب ضرورة تكاتف الجهود الأوروبية أمام هذه الرهانات.
على مستوى أول، يراجع هذا الاتفاق مبدأ تحميل مسؤولية معالجة طلبات اللجوء لبلد الاستقبال الأول، بصيغة أخرى، هو ينهي اتفاق دبلن الذي يقر هذا المبدأ. وعند هذه النقطة، لا يمكن لنا إلا الإشادة بهذه الإجراءات، على اعتبار أن دولًا كإيطاليا، إسبانيا أو اليونان، ليست لها القدرة على تحمل هذه المسؤولية وحدها. بالمقابل، وعلى مستوى ثاني، يهدف الاتفاق إلى تدعيم الحدود الخارجية الأوروبية وتسريع عمليات الترحيل، الشيء الذي يتعارضُ والمبادئ الأساسية لسياسات الاتحاد الأوروبي فيما يخص استقبال اللاجئين.
- في نفس السياق، يمنح الاتفاق الدول الأوروبية صلاحية إقامة مراكز إيواء اللاجئين خارج حدود الاتحاد، هذا الأمر الذي رأينا النتائج الفعلية له داخلَ المراكز التي أقامتها أستراليا في غينيا الجديدة، والتي تحوّلت إلى مراكز اعتقال بشعة. ما رأيكم في هذا المستجد الذي يتضمّنه الاتفاق؟
كما سبق وأشرنا، كـ "مرصد مخيّمات اللجوء"، لا نعتبر أن إقامة المخيمات حلًا ناجعًا لمعضلة استقبال اللاجئين، وغالبًا ما تتحوّل هذه المخيمات إلى مراكز اعتقال ومصادرة لحريّة هؤلاء الأشخاص. في هذا الصدد كذلك، وجب التذكير بأن الدفع بإقامة مخيّمات ليس مؤطرًا بأي إطار قانون دولي تجمع عليه دول العالم، كما أن تقديم تعريف لـ "مخيّم اللاجئين" لا زال محط نقاش داخل المنتظم الدولي.
ومنه، فإن سياسة بناء المخيمات تقع في صلب السياسة الأوروبية في محاولتها تصديرَ مشكل هذه المخيمات نحو الخارج، هذه السياسة التي طرحت وتطرح عدة تساؤلات حولها، وليست (كما يروج لها) نابعة عن إرادة حقيقية في تنزيل إجراءات ناجعة لحماية المهاجرين وطالبي اللجوء.