طالب قادة الطلاب الذين قادوا الاحتجاجات في بنغلادش بتولي الحائز على جائزة نوبل للسلام وصاحب بنك الفقراء، محمد يونس، الحكومة المؤقتة بعد يوم من الإطاحة برئيسة الوزراء الشيخة حسينة وتولي الجيش السلطة.
وأكد قائد حركة "طلاب ضد التمييز"، ناهد إسلام، رفضهم تولي الجيش السلطة، مشيرًا إلى أنهم قرروا أن يتم تشكيل حكومة مؤقتة يكون الحائز على جائزة نوبل الدكتور محمد يونس رئيسها، وقد وافق الأخير على العرض.
وكتب قائد آخر لحركة "طلاب ضد التمييز" يدعى آصف محمد على منصة فيسبوك: "نثق بالدكتور يونس".
في المقابل، أفاد أحد مساعدي يونس، في وقت متأخر من مساء الإثنين، بأنه لم يتلق حتى اللحظة أي عرض من قيادة الجيش لرئاسة حكومة مؤقتة.
طالب قادة الاحتجاجات في بنغلادش بتولي الحائز على جائزة نوبل للسلام وصاحب بنك الفقراء، محمد يونس، الحكومة المؤقتة بعد يوم من الإطاحة برئيسة الوزراء الشيخة حسينة
ويُعد الخبير الاقتصادي محمد يونس، المقيم حاليًا في أوروبا، من المعارضين لنظام حكم الشيخة حسينة، وقد اتهم سياسيي البلاد بأنهم مهتمون فقط بجمع المال.
ويعود الفضل ليونس في تقديم المساعدة لملايين البنغاليين، خاصة النساء، عبر منح مصرفه قروض صغيرة دون ضمانات، ساعدت في انتشالهم من الفقر.
وحصل يونس وبنك "غرامين" (بنك الفقراء) الذي أسسه، على جائزة نوبل للسلام عام 2006، لجهودهم من خلال منح قروض صغيرة ساعدت على خلق تنمية اقتصادية واجتماعية للفئات الفقيرة.
وقالت لجنة نوبل: إنه "لا يمكن تحقيق سلام دائم ما لم تجد مجموعات كبيرة من السكان طرقًا للخروج من الفقر"، وقد أظهر يونس وبنك "غرامين"، أنه حتى "أفقر الفقراء يمكنهم تحقيق تنميتهم الخاصة".
ولد محمد يونس في 28 حزيران/يونيو 1940، في قرية اثوا الواقعة جنوب شرق ولاية البنغال الشرقية، التي أصبحت جزءًا من باكستان عام 1955، ثم أصبحت تابعة لبنغلاديش عام 1971.
هو الثالث بين تسعة إخوة لعائلة مسلمة، كان والده يعمل صائغًا، وهو ما وفر ضمن له تعليمًا جيدًا.
تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة "لامابازار" الابتدائية، وأكمل تعليمه الثانوي في مدرسة بمدينة شيتاغونغ.
التحق بجامعة دكا لدراسة الاقتصاد، وتخرج منها عام 1961، وعين محاضرًا في الاقتصاد بكلية شيتاغونغ. أنشأ خلال تلك الفترة مصنعًا للتعبئة والتغليف.
وفي عام 1957 حصل على منحة من مؤسسة "فولبرايت" لدراسة الدكتوراه في جامعة فاندربيلت بولاية تينيسي الأميركية.
عاد إلى بنغلاديش عام 1972، وعُين بلجنة التخطيط في الحكومة، لكنه استقال والتحق منها بجامعة شيتاغونغ، حيث عين رئيسًا لقسم الاقتصاد،
وفي تلك الفترة تعرضت بنغلاديش لمجاعة كبيرة، أدت إلى وفاة مليون ونصف بنغالي.
في عام 1976، قام يونس بجولة لزيارة الأسر الأكثر فقرًا، في محيط القرى المجاورة لجامعة شيتاغونغ، اكتشف أن القروض الصغيرة يمكن أن تحدث فارقًا لهؤلاء الفقراء، خاصة لما وجد أن مجموعة من النساء يصنعن من الخيزران أثاثًا، بالاعتماد على القروض لشراء المواد الخام، وهو ما أثر على أرباحهن.
ففي تلك الفترة كانت البنوك توفر قروضًا صغيرة بفائدة معقولة، بسبب ارتفاع المخاطر الاقتراضية على البنوك نفسها، لكن يونس كان يملك فكرة أخرى تقوم على ضرورة توفير القروض للفقراء مقابل مدة سداد طويلة. وبدأ بتطبيق فكرته عبر إقراض 42 امرأة 27 دولارًا.
وفي كانون الأول/ديسمبر 1976، نجح يونس في الحصول على قرض من الحكومة عن طريق بنك "جاناتا" لإقراض الفقراء في قرية جوربا، كما أمن قروض من بنوك أخرى، حيث وصل عدد المقترضين 28 ألفًا بحلول عام 1982، ومن هنا بدأت فكرة تأسيس بنك "غرامين".
في تشرين الأول/ أكتوبر 1983، نجح يونس في تحويل المشروع التجريبي في قرية جوبرا إلى مصرف سماه بنك "غرامين"، وأعاد هيكلة المصرف وحوله إلى مؤسسة مستقلة.
وكانت ميزة المصرف أنه لا يطلب ضمانات للحصول على قرض، وتتم جميع المعاملات المصرفية، باستثناء صرف القروض، في اجتماعات المقترضين في المراكز على مستوى القرية.
كان من أولويات البنك تمكين المرأة وإشراكها في الأنشطة الاقتصادية، وكان نحو 98 % من المقترضين نساء، وأثرت هذه القروض على حياتهن وحسنت ظروف عيشهن.
في عام 2017، بلغ عدد فروع بنك "غرامين" أكثر من 2600 فرع في 40 منطقة من مناطق بنغلاديش، وبلغ عدد المقترضين أكثر من 9 ملايين، بمعدلات استرداد مرتفعة للغاية تتراوح ما بين 97 % إلى 99.6 %.
وينشط البنك في 94 % من قرى بنغلاديش، وتغطي نشاطاته 81 ألفًا و678 قرية، ويقدم الخدمات لحوالي 45 مليون بنغالي.
امتلك البنك 40 مكتب تدقيق، و2568 مكتبًا فرعيًا، ويبلغ عدد موظفيه حتى كانون الثاني/يناير 2024 نحو 22 ألف موظف.
في المقابل، لم ترق نشاطات البنك لحكومة البنغلاديش، فقد أرغمه البنك المركزي في عام 2011 على التنحي عن رئاسة بنك "غرامين"، بحجة تجاوز سن التقاعد الإلزامي المحدد بـ 60 عامًا.
كما اتهمته الشيخة حسينة بأنه "يمص دماء الفقراء".
بالإضافة إلى ذلك لم تتوقف متاعب يونس القانونية مع القضاء، ففي كانون الثاني/يناير الماضي، قضت محكمة العمل في بنغلادش بالسجن 6 أشهر بحقه بتهمة انتهاك قوانين العمل في البلاد.
وفي حزيران/يونيو الماضي، أصدرت محكمة خاصة في بنغلاديش، أمرًا بسجن يونس و13 آخرين، بتهم اختلاس أموال تزيد قيمتها عن مليوني دولار من صندوق رعاية العمال لشركة "غرامين تيليكوم"، أكبر شركة للهاتف المحمول في البلاد. ويمتلك يونس حصة تقدر بـ 34.2 % من الشركة التابعة لعملاق الاتصالات النرويجية "تيلينور".
وفي آب/أغسطس من العام الماضي، وجه أكثر من 170 من قادة العالم والحائزين على جائزة نوبل رسالة مفتوحة إلى الشيخة حسينة، طالبوها بتعليق جميع الإجراءات القانونية بحق محمد يونس.
وقال القادة، الذين كان من بينهم الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، والأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، وأكثر من 100 من الحائزين على جائزة نوبل: إنهم "يشعرون بقلق عميق إزاء التهديدات الأخيرة للديمقراطية وحقوق الإنسان في بنغلادش".