21-نوفمبر-2024
شاحنات مساعدات في دير البلح

(Getty) يسطوا لصوص المساعدات شاحنات الإغاثة بدعم وحماية جيش الاحتلال

وسط المجاعة وشح الموارد والإغاثة، تحترف مجموعة عصابات سرقة المساعدات الإنسانية الموجهة إلى المحتاجين في قطاع غزة، عبر الهجوم بشكلٍ منظم وجماعي على الشاحنات والمخازن. واللافت للانتباه في هذه الظاهرة أن تلك العصابات تحظى بتسهيلات ودعم من الاحتلال الإسرائيلي، الذي لا يكتفي بقتل المدنيين وتهجيرهم، وتدمير البنية التحتية، ومنع المساعدات من الوصول إلى مناطق شمال غزة، والتشدد في دخول تلك المساعدات من المعابر التي يُحكم عليها سيطرته؛ بل يضيف إلى ذلك كله دعم واحتضان لصوص المساعدات الذين ينتظمون ضمن عصابات وينتشرون في أماكن متفرقة من القطاع.

ومن الواضح أن الاحتلال يهدف من خلال توفير الدعم والحماية لعصابات سرقة المساعدات إلى مضاعفة معاناة الغزيين، وتعزيز سياسة التجويع التي انتهجها منذ عدة أشهر، إذ لا يسمح يوميًا إلا بدخول عدد محدود من شاحنات المساعدات المحملة بالمواد الغذائية والأدوية، متجاهلًا مطالب المنظمات الدولية التي تؤكد حاجة غزة إلى أكثر من 500 شاحنة مساعدات يوميًا على الأقل.

أبرز عصابات لصوص المساعدات

أفادت مصادر حكومية في قطاع غزة أن عصابة شادي الصوفي وعصابة ياسر أبو شباب تعتبران أكبر عصابتين تمتهنان سرقة المساعدات الإنسانية والإغاثية.

تحتاج غزة إلى أكثر من 500 شاحنة مساعدات يوميًا، لكن الاحتلال لا يسمح سوى بدخول عدد محدود جدًا

ويتقاسم زعيما هاتين العصابتين الماضي الإجرامي، فكلاهما مدان سابقًا، بل إن أحدهما، وهو شادي الصوفي، محكوم عليه بالإعدام بسبب جريمة قتل قبل العدوان الإسرائيلي على غزة، واستفاد من حالة الانفلات الأمني للخروج من السجن كسائر المساجين في القطاع.

بدوره، أدين ياسر أبو شباب قبل الحرب في قضايا عديدة، أبرزها الاتجار بالمخدرات. وتجدر الإشارة إلى أنه بجانب عصابتي "شادي الصوفي وياسر أبو شباب"، توجد عصابات أخرى صغيرة تحترف هي الأخرى السطو على المساعدات، والمضاربة بأسعارها في السوق. وجميع أفراد هذه العصابات أيضًا، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، من أصحاب السوابق والأحكام القضائية.

ويمثل هؤلاء، بالإضافة إلى فئات من التجار الذين يستغلون حالة الفوضى والانفلات الأمني للإثراء، أمراء حرب يُثرون على حساب الجياع ومآسي المدنيين في زمن الحرب.

أماكن النشاط الرئيسية

تعد منطقة جنوب شرقي غزة أهم منطقة تنشط فيها عصابات السطو على المساعدات الإنسانية، والسبب في ذلك وقوع معبر كرم أبو سالم هناك. فعلى طول تلك المنطقة الممتدة من المعبر في رفح وحتى منطقة القرارة في خان يونس، تتربص العصابات الإجرامية بالمساعدات، مع الإشارة إلى أن العصابات التي يتركز نشاطها بالقرب من معبر كرم أبو سالم ومعبر رفح تحظى بحماية إسرائيلية أكبر من نظيراتها، فوجودها بقرب القوات الإسرائيلية يحميها من ملاحقة الأجهزة الأمنية في غزة.

المحطة الثانية التي تكثر فيها عمليات السطو هي شارع صلاح الدين الذي يربط شمال غزة بجنوبها، فقد شهد هذا الشارع الذي يعد ممرًا رئيسيًا لشاحنات المساعدات وقوع عدد من "هجمات العصابات الإجرامية للسيطرة على المساعدات".

الدعم الإسرائيلي لعصابات سرقة المساعدات

أكد أهالي في جنوب غزة أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قامت مؤخرًا برفع مستوى التسهيلات التي تقدمها لعصابات سرقة المساعدات، لتسهيل مهماتهم في الهجوم على الشاحنات التي تدخل من المعابر الإسرائيلية محملة بالأغذية والأدوية ومواد أخرى.

وبحسب شهادات الأهالي فإن جيش الاحتلال "يمنح مجموعات منظمة من اللصوص فرصة الوصول إلى مناطق قريبة من توغل دباباته ونقاط تمركزه دون استهدافها، وذلك كي يتسنى لأفراد تلك العصابات نهب الشاحنات، بعيدًا عن مناطق تواجد أفراد الشرطة الفلسطينية وعناصر التأمين التابعة للمقاومة".

وفي هذا الصدد، أكد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إسماعيل الثوابتة، في تصريحاتٍ صحفية "وصول معلوماتٍ بأن عصابات خارجة عن القانون تقوم بالتنسيق مع الاحتلال لمعرفة موقع تحرك شاحنات المساعدات وأنواعها؛ من أجل السطو عليها وسرقتها تحت نظر الطيران الإسرائيلي"، مضيفًا أن "هذه العصابات المنفلتة تعمل في مساحة جغرافية لا تستطيع الطواقم الشرطية التحرك فيها، بسبب خطورة الوضع الأمني، لذلك فإنها تتحرك تحت نظر الاحتلال، بهدف تعزيز سياسة التجويع المتعمد للأهالي".

وتابع الثوابتة قائلًا "حاولنا منذ اللحظة الأولى معالجة هذه الإشكالية مع الفئة الخارجة عن القانون، ومنذ أشهر طويلة، ونجحنا بشكل نسبي في هذا الأمر، ولكن ما زالت المشكلة قائمة إلى يومنا هذا".

وشدد على أن "الحكومة تبذل كل الجهود في إطار معالجة المواقف الميدانية مع هذه العصابات الخارجة عن القانون"، مشيرًا إلى أن "الكثير منهم سلموا أنفسهم للأجهزة الحكومية وأبدوا تراجعهم عن هذه السلوكيات وتعهدوا بعدم تكرارها".

وتعهد الثوابتة ضمن سياسة طمأنة الغزيين، الذين يسعى جيش الاحتلال عبر سياسة التجويع إلى تحريضهم ضد المقاومة، بأن "بعمل الحكومة بكل الطرق المتاحة وبشتى الوسائل من أجل تحييد جميع العصابات الخارجة عن القانون، لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها من أهالي غزة".

وتجدر الإشارة هنا إلى مهاجمة الأجهزة الأمنية مؤخرًا لإحدى عصابات السطو على المساعدات المتعاونة مع الاحتلال جنوب غزة، وأسفر الهجوم عن قتل عدد من عناصر العصابة، قبل أن تتدخل القوات الإسرائيلية وتهاجم القوة الأمنية لتأمين هروب اللصوص التابعين لها.