23-سبتمبر-2024
عمق الأراضي اللبنانية

سحب الدخان تتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت مرجعيون في جنوب لبنان (رويترز)

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات مكثفة استهدفت عدة بلدات ومناطق في جنوب لبنان، بالتزامن مع تهديدات بشن هجوم واسع جديد على أنحاء لبنان، اليوم الاثنين، فيما دوت صافرات الإنذار في عدة مواقع وبلدات في الجليل الغربي والجليل الأعلى في شمال الأراضي المحتلة.

وكان جيش الاحتلال قد أعلن، اليوم الاثنين، أنه هاجم أكثر من 300 هدفًا في لبنان باستخدام عشرات الطائرات الحربية المقاتلة، في الوقت الذي أفادت وزارة الصحة اللبنانية، في سلسلة بيانات، بأن الغارات الإسرائيلية أسفرت عن سقوط 50 شهيدًا، وإصابة ما لا يقل عن 300 آخرين بجروح، في حصيلة غير نهائية للعدوان الذي يطال مختلف بلدات ومدن الجنوب اللبناني.

القصف يطال 80 كم من الحدود

وقال المتحدث العسكري باسم جيش الاحتلال، دانيال هاغاري، في مؤتمر صحفي، اليوم الاثنين، "رصدنا في الساعات القليلة الماضية خطط حزب الله لمهاجمة مواطني إسرائيل. وقريبًا، سنهاجم أهدافًا معادية في لبنان لإزالة التهديد"، مشيرًا إلى أن الموجة الجديدة من الغارات ستكون على طول 80 كم من الحدود.

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات مكثفة استهدفت عدة بلدات ومناطق في جنوب لبنان، بالتزامن مع تهديدات بشن هجوم واسع جديد على أنحاء لبنان

وزعم هاغاري أنه "منذ أكثر من 20 عامًا، نشر حزب الله الأسلحة داخل المنازل، وهكذا حوّل جنوب لبنان إلى ساحة قتال"، وأضاف مدعيًا "يخزن حزب الله صواريخ كروز وصواريخ أخرى ومنصات إطلاق وطائرات بدون طيار داخل منازل المدنيين. نراقب هذه العمليات ونحدد أماكن الأسلحة وندمرها بضربات دقيقة".

وفي محاولة لرفع المسؤولية عن احتمال قتل مدنيين، دعا هاغاري المدنيين اللبنانيين إلى الابتعاد عما قال إنها مواقع لـ"حزب الله" دون أن يحددها، وقال: "إلى جميع سكان القرى في لبنان، سنهاجم قريبًا أهدافًا إرهابية في لبنان. وندعو كل مَن يقترب من العقارات أو داخل المنازل، حيث يخفي حزب الله أسلحة، إلى الابتعاد عنها فورًا"، وفق تعبيره.

وكان جيش الاحتلال قد استبق موجة القصف العنيف الذي طال عمق الأراضي اللبناني، بنشر مقطع فيديو يزعم فيه وجود منصات إطلاق صورايخ بين المنازل في بلدات جنوب لبنان، داعيًا سكان هذه البلدات للابتعاد، في صيغة مشابهة لسياسة الإبادة الجماعية التي ينتهجها في العدوان المتواصل على غزة منذ 11 شهرًا.

من جانبه، نقل موقع "واينت" العبري عن مصدر أمني إسرائيلي لم يسمه، أن "الجيش سينفذ هجومًا واسع النطاق في مختلف أنحاء لبنان في ساعات الظهيرة"، وأضاف أن "حزب الله قد يرد بتوسيع نطاق إطلاق الصواريخ على إسرائيل".

إلى ذلك، أكد وزير الأمن في حكومة الاحتلال، يوآف غالانت، أن "هذه مرحلة جديدة في القتال، وسيتعين على الإسرائيليين إظهار رباطة جأش في الأيام المقبلة"، وتابع مشيرًا إلى أنه "أجرى تقييمًا للوضع فيما يتعلق باستعداد الجبهة الداخلية لسيناريو هجمات مكثفة"، بحسب القناة الـ12 العبرية.

وأشار غالانت إلى أن "صمود الجبهة الداخلية هو المفتاح الذي يمكن الجيش الإسرائيلي من القتال وإلحاق الأذى بالعدو"، وتابع مضيفًا: "نكثف هجماتنا في لبنان، وتسلسل العمليات مستمر حتى نحقق أهدافنا المتمثلة في إعادة سكان الشمال بأمان إلى ديارهم".

رسائل واتصالات تطالب سكان الجنوب بالمغادرة

وفي السياق، أفادت مراسلة "التلفزيون العربي" في جنوب لبنان، جويس الحاج خوري، بأن جيش الاحتلال نفذ أحزمة نارية على القرى الحدودية اللبنانية وصولًا إلى الساحل، وأضافت أن الغارات استهدفت البلدات التي تقع على الطريق الرئيسي الذي يؤدي إلى بلدات جنوب لبنان، في محاولة لقطع الطريق أمام التحركات داخل المناطق الجنوبية.

وطالت الغارات بلدات في محافظات النبطية، وصور، وبنت جبيل، وجزين، ومرجعيون، والزهراني، وبلدات في محافظتي الهرمل والبقاع الغربي، فيما أفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية بأنّ طيران الاحتلال شن أكثر عشرات الغارات على بلدات محافظة النبطية، إضافة إلى غارات كثيفة على البقاع الشمالي وجرود الهرمل.

وقالت مصادر محلية لـ"ألترا صوت"، إن القصف طال عمق الأراضي اللبناني، بما في قضاء صور، ومحيط مدينة صيدا، وأضافت المصادر أن العديد من السكان بدأوا بحزم حقائبهم من أجل النزوح إلى مناطق أكثر أمنًا، خوفًا من استهداف جيش الاحتلال للجسور الرئيسية التي تربط مدن وبلدات الجنوب بالطرق الرئيسية مع العاصمة بيروت.

في المقابل، شن "حزب الله" قصفًا صاروخيًا طال مناطق مختلفة في شمال الأراضي المحتلة، فيما أفاد شهود عيان لـ"التلفزيون العربي"، بأن سحب الدخان تتصاعد من أكثر من موقع في الجليل الأدنى جراء رشقة صاروخية من لبنان.

وأفاد مراسل "التلفزيون العربي"، أحمد جرادات، بأن صفارات الإنذار دوت في الجليل الأعلى خشية تسلل طائرة مسيّرة، مضيفًا أن صفارت الإنذار دوت أيضًا في مدينة صفد التي جرى إدخالها إلى نطاق المناطق التي يستهدفها "حزب الله".

وأكد جهاز الإطفاء الإسرائيلي أن سبع فرق تعاملت مع حرائق في عميعاد شمال طبريا جراء قصف صاروخي من لبنان، في الوقت الذي قالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن القبة الحديدية أقرت في اعتراض جميع الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأدنى.

إلى ذلك، وجه الاحتلال الإسرائيلي رسائل تحذيرية عبر الشبكة الثابتة إلى مواطنين في بيروت وعدد من المناطق، تطلب منهم إخلاء أماكن وجودهم سريعًا، وجاء في الرسائل التي وصلت إلى الهواتف المحمولة أيضًا "إذا أنت متواجد بمبنى به سلاح لحزب الله، ابتعد عن القرية حتى إشعار آخر".

من جانبه، قال وزير الإعلام اللبناني، زياد ماكاري، في تدوينة على منصة "إكس"، "في إطار الحرب النفسية التهويلية التي يعتمدها العدو الإسرائيلي، تلقى عدد كبير من المواطنين في بيروت والمناطق رسائل هاتفية عشوائية موحدة عبر الشبكة الأرضية، تدعو المجيب الى إخلاء مكان وجوده"، وأضاف ماكاري "كان مكتبي أيضًا في وزارة الإعلام أحد الذين تلقوا الرسالة".

وكان مراسل "التلفزيون العربي"، مراد البطش، قد أشار إلى أن جيش الاحتلال لم يعطِ المواطنين الراغبين بمغادرة بلدات الجنوب المساحة الزمنية الكافية بعد عديد المكالمات التي وصلت للمنازل تطالبهم عبر المجيب الآلي بمغادرتها على الفور، فيما أكدت مصادر "ألترا صوت"، أن العديد من سكان الجنوب لا يمكنهم مغادرة بلداتهم بسبب استهداف مقاتلات الاحتلال المتواصل للطرق الرئيسية المؤدية إلى بيروت.

ومنذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بدأ "حزب الله"، بالاشتراك مع الفصائل الفلسطينية، شن عمليات عسكرية ضد القواعد العسكرية لجيش الاحتلال في شمال الأراضي المحتلة، رد عليها الاحتلال بقصف قرى وبلدات الجنوب الواقعة على "الخط الأزرق" الفاصل مع جنوب لبنان، فضلًا عن شنه غارات متفرقة في عمق الأراضي اللبنانية، وصولًا إلى العاصمة بيروت.

ويقول "حزب الله" إن جبهة الجنوب المشتعلة هي "جبهة إسناد" للفصائل الفلسطينية في غزة، ويربط توقف المواجهات على الجبهة الشمالية بالتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.