07-أكتوبر-2024
بايدن الشرق الأوسط

(AP) من زيارة جو بايدن إلى "تل أبيب" في أكتوبر الماضي

أظهر العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي هشاشة إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، في كيفية التعامل مع أخطر أزمة يشهدها الشرق الأوسط منذ عقود، حيثُ شكل الهبوط والصعود الدراماتيكي لمحاولات وقف إطلاق النار خلال الأشهر الـ12 الماضية، إحباطًا دوليًا في ظل إصرار رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، على تحقيق هدف "النصر المطلق"، المتمثل بالقضاء على حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، واستعادة المحتجزين في غزة تحت قوة السلاح.

وترى صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن دعم إدارة بايدن الدبلوماسي لـ"إسرائيل" تسبب بانقسامات في الحزب الديمقراطي، وتدفع بالمتظاهرين إلى شوارع المدن والجامعات في عديد الولايات الأميركية، فيما واجه انتقادات من خصومه الجمهوريين لعدم تقديم الدعم الكافي لنتنياهو، بما فيهم المرشح الجمهوري والرئيس السابق، دونالد ترامب، الأمر الذي قد يؤدي إلى خسارة المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس للسباق الانتخابي.

وعلى الرغم من أن انسحاب بايدن من سباق الانتخابات لم يكن نتيجة للعدوان الإسرائيلي المتواصل في غزة، إلا أن أي آمال بشأن التوصل لوقف إطلاق النار في غزة أصبحت بعيدة المنال، ما يجعله ينهي ولايته في البيت الأبيض دون أن يحقق انتصار دبلوماسي في الشرق الأوسط، بعد توقف مفاوضات وقف إطلاق النار نهاية تموز/يوليو الماضي، عندما اغتالت "إسرائيل" رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران.

أظهر العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة منذ عام هشاشة إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، في التعامل مع أخطر أزمة يشهدها الشرق الأوسط منذ عقود

ووفقًا للصحيفة الأميركية، فإن العدوان الإسرائيلي على غزة أظهر حجم العلاقة المتوترة بشكل واضح بين الولايات المتحدة من جهة، و"إسرائيل" أقرب حلفائها في الشرق الأوسط من جهة أخرى، ومع ذلك أرسلت الولايات المتحدة تعزيزات عسكرية إلى الشرق الأوسط، وهو ما ينذر في توسيع الصراع بالمنطقة، رغم أن الصراع في المنطقة لم يكن على قائمة أولويات الولايات المتحدة في صراعاتها العالمية، في إشارة إلى التوترات في بحر الصين الجنوبي، والحرب الروسية في أوكرانيا.

وكان بايدن قد دعا نتنياهو مرارًا وتكرارًا خلال الأشهر الماضية، سواء في تصريحات مباشرة على الهواء أو في أحاديثهما الخاصة من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار، رد عليها نتنياهو بالرفض بشكل دائم، كما زاد عليها باتهام الإدارة الأميركية بإيقاف شحنات الأسلحة لـ"تل أبيب"، ووفقًا لعديد التقارير فإن نتنياهو قوض لأكثر مرة محادثات وقف إطلاق النار، وإبرام صفقة تبادل للمحتجزين مع "حماس"، حيثُ كان في كل مرة يضيف مطالب جديدة، والتي بدأت مع مقترح بايدن الذي قدمه نهاية أيار/مايو الماضي، وحظي بموافقة "حماس".

ووفقًا للمسؤولين الأميركيين، عمل جيش الاحتلال على منع أو تأخير دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وفي المقابل، دفعت تصريحات الإدارة الأميركية المتكررة بشأن "التزامها بالدفاع عن إسرائيل"، نتنياهو إلى شن هجمات عنيفة في غزة والضفة الغربية المحتلة، بالإضافة إلى توسيع رقعة العدوان إلى الأراضي اللبنانية، فضلًا عن شن هجمات صاروخية في سوريا وإيران، متجاهلًا تصريحات الإدارة الأميركية التي تطالب بتجنب التصعيد في المنطقة.

من جانبها، أشارت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأميركية إلى أنه رغم الجهود التي بذلتها الإدارة الأميركية في ظل مساعي التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، "إسرائيل" ما لا يقل عن تسعة مرات، بالإضافة إلى الزيارات الثلاث لوزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، فضلًا عن زيارات المسؤولين الأميركيين العديدة، إلا أن جميعها فشلت في إحداث تحول في المفاوضات.

وتنقل الصحيفة الأميركية عن منتقدي إدارة بايدن قولهم، إن الإدارة الأميركية لم تمارس المزيد من الضغوط على نتنياهو للقبول باتفاق وقف إطلاق النار، وبدلًا من ذلك ضاعفت من إرسال المساعدات المالية والعسكرية بمليارات الدولارات، ومنحت حكومة نتنياهو الغطاء الدبلوماسي، وهو ما دفع نتنياهو لعدم التراجع عن التصعيد في الشرق الأوسط.

وفي السياق ذاته، يرى الكاتب، نيكولاس كريستوف، في مقال تحليلي نشر في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أنه في الوقت الذي كان بايدن يحاول تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وجد نفسه بدلًا من ذلك سببًا في تأجيج الحرب في الشرق الأوسط نتيجة مواصلة تزويد "إسرائيل" بالأسلحة التي تستخدمها في فلسطين ولبنان، ومن المتوقّع أن تستخدمها في سياق ردها على الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران.

وينقل كريستوف عن السيناتور الديمقراطي، كريس فان هولين، قوله: "نرى في الشرق الأوسط فشلًا سياسيًا واضحًا، وأعتقد أن ذلك يعود إلى رفض إدارة بايدن توظيف نفوذها بفاعلية لتحقيق أهدافها"، مضيفًا أن "المشكلة التي نواجهها هنا هي نمط معين من التصرفات، إذ يتجاهل نتنياهو الولايات المتحدة ويكافأ على ذلك بالمزيد من الأسلحة".

ويضيف كريستوف أن دعم بايدن غير المحدود لنتنياهو قد يضر بمصالح الولايات المتحدة على المستوى العالمي، ويذكر مثالًا على ذلك، نجاح إدارة بايدن الملحوظ في بناء التحالفات مع دول شرق آسيا لتطويق الصين، لكن سياسته في الشرق الأوسط قد تفشل كل جهوده، إذ أظهر استطلاع رأي لشعوب هذه الدول أن حرب غزة تتصدر قائمة أولويات هذه الشعوب، وأنه إذا ما اضطرت بلدانها إلى الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، فإنهم يفضلون اختيار الصين حليفة.