عزل البرلمان البيروفي، ليل الأربعاء، رئيس البيرو بيدرو كاستيلو، وعيّن نائبته دينا بولوارت، خلفًا له والتي أدت اليمين الدستورية كرئيسة للبلاد، يوم الخميس. وذلك بعد اعتقال الرئيس المنتخب بيدرو كاستيلو.
عزل البرلمان البيروفي، ليل الأربعاء، رئيس البيرو بيدرو كاستيلو، وعيّن نائبته دينا بولوارتي، خلفًا له
وأصبحت دينا بولوارت (60 عامًا) أول امرأة تتولى الرئاسة في البيرو، وطالبت بولوارت في أول خطاب لها "بالهدنة السياسية لتشكيل حكومة وحدة وطنية"، متعهدةً بإنقاد البلاد من الفساد وسوء الحكم، على حدّ قولها.
وتشهد البيرو اضطرابًا سياسيًا منذ وقتٍ طويل، بسبب الصراع القائم بين الرئيس بيدرو كاستيلو والكونغرس (البرلمان) الذي تسيطر عليه المعارضة، فقد جرت محاولتان سابقتان من قبل الكونغرس لعزله، كما فُتحت 6 تحقيقات ضده، ترافقت مع احتجاجات واسعة ضد حكومته، كما أدت الأزمة السياسية إلى تشكيل أربع حكومات خلال فترة لم تتجاوز ثمانية أشهر، في سابقةٍ بالبلاد.
وتطورت الأحداث بشكلٍ سريع في البيرو، بعد إعلان الرئيس كاستيلو، حل البرلمان. داعيًا في خطاب مُتلفز، أعضاء الكونغرس القادم لـ"وضع دستور جديد للأمة الواقعة في جبال الأنديز"، مؤكدًا أنه "سيحكم بمراسيم تشريعية"، وأمر بفرض حظر للتجول ليلًا، ابتداءً من مساء أمس. مستبقًا محاولة عزل جديد له.
كما تحدث كاستيلو عن أنه "سيعيد تنظيم القضاء والشرطة والمحكمة الدستورية في البلاد"، وتحدث عن نفسه قائلًا "الفلاح الذي تحول إلى رئيس، يدفع ثمن الأخطاء التي ارتكبت بسبب قلة الخبرة، لكن هناك قطاعًا معينًا من أعضاء الكونغرس لديه بند وحيد في جدول أعماله، وهو أن يعزلني من المنصب، لأنهم لم يقبلوا في نتائج الانتخابات التي قررتموها أنتم، مواطني البيرو، بأصواتكم".
وأثار قرار حل الكونغرس رفضًا واسعًا، فقد أعلنت رئيسة الوزراء بيتسي شافيز عن استقالتها وعدد من الوزراء الرئيسيين في الحكومة، بعد اتهامات بـ"انقلاب" قاده الرئيس من قبل المعارضة، كما حذرت القوات المسلحة والشرطة البيروفية من "أن الطريق الذي سلكه كاستيلو لمحاولة حل الكونغرس غير دستوري".
بدوره، أدان القضاء البيروفي حل كاستيلو للكونغرس، وأعلن عدم التزامه تحت أيّ ظرف بقرار غير دستوري، وقال رئيس المحكمة الدستورية فرانسيسكو موراليس إنّ "البيرو تريد أن تعيش في ديموقراطية، هذا الانقلاب ليس له أساس قانوني". بينما انتقدت السفيرة الأمريكية في بيرو مسعى كاستيلو، وقالت إن بلادها "ترفض تمامًا أي عمل غير دستوري للرئيس كاستيلو لمنع الكونغرس من الاضطلاع بتفويضه".
من جهته، تجاهل الكونغرس قرار الرئيس بحله، واجتمع في جلسة مساءلة للرئيس، وصوت 101 نائبًا على عزله، فيما عارض القرار 6 نواب، وامتنع 10 نواب عن التصويت. وبعد إعلان نتيجة التصويت، ألقى رئيس الكونغرس بيانًا قال فيه "دفاعًا عن ديمقراطيتنا ودستورنا، صوتت الجلسة المكتملة للكونغرس لصالح عزل الرئيس بيدرو كاستيلو"، وسط تصفيق الأعضاء، وأشار البيان إلى أن الكونغرس اختار "دينا بولوارت نائبة الرئيس، لتولي الرئاسة بشكلٍ مؤقت"، وبُرّر عزل الرئيس بـ"عجزه الأخلاقي عن ممارسة السلطة"، وهي تهمة فضفاضة تستخدم في الحديث عن قضايا النزاهة والفساد.
وفي وقت لاحق، أعلنت الشرطة البيروفية اعتقال الرئيس كاستيلو، الذي لقبته بالرئيس السابق، وأكدت في بيان صادر عنها أنها "تحترم الدستور وترفض خرق النظام الدستوري"، وحثّت "المواطنين على الهدوء والثقة في المؤسسات". من جهتها، قالت منسّقة فريق المدّعين العامّين المكلّفين في ملفّ الفساد الحكومي ماريتا باريتو، إن "كاستيلو موقوف".
وردًا على قرار الكونغرس، نزل المئات من أنصار كاستيلو إلى الشوارع احتجاجًا على عزله، ودخلوا في مواجهات مع قوات مكافحة الشعب، التي اعتقلت العشرات منهم. وكان الكونغرس قد استدعى الرئيس الأسبوع الماضي للرد على اتهامات "بالقصور الأخلاقي"، في قضايا تتعلق بالحكم. وفي تشرين الأول/ أكتوبر قدم مكتب المدعي العام شكوى دستورية ضد كاستيلو تدعي توليه زعامة "منظمة إجرامية للتربح من تعاقدات الدولة وعرقلة التحقيقات"، كما اتهمته المعارضة بالتدخل في قضية فساد يعتقد أن مقربين منه تورطوا فيها، وبـ"الخيانة" بعدما أعلن استعداده لإجراء استفتاء على منحِ منفذٍ إلى المحيط الهادئ للجارة بوليفيا التي لا تملك واجهةً على البحر.
ووصف الرئيس تلك الاتهامات بأنها "افتراء من جماعات تسعى للاستفادة منها، والاستيلاء على السلطة التي انتزعها الناس منهم في الانتخابات".
ورحب متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بتعيين بولوارت رئيسةً، قائلًا إن "الولايات المتحدة ستدعم بيرو في ظل حكومة الوحدة التي تعهدت الرئيسة بولوارت بتشكيلها". فيما عارض الرئيس البرازيلي المنتخب لولا دا سيلفا والمكسيك وهندوراس وتشيلي وبوليفيا الخطوة، فيما دعمتها كوستاريكا وبنما.
من هو كستيلو؟ ومن هي بولوارت؟
يشار إلى أن الرئيس اليساري التوجه قبل أن يتولى الرئاسة، عمل مدرسًا، وقاد إضرابًا عام 2017 بصفته قائدًا نقابيًا، وأجبر الحكومة آنذاك على الموافقة على زيادة في المرتبات، وتولى منصبه في تموز/ يوليو2021، بعد فوزه بنسبة 50,12 % من الأصوات في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية في مواجهة مرشحة اليمين كيكو فوجيموري، ابنة الرئيس الأسبق ألبرتو فوجيموري المدان بقضايا فساد مالي، وانتهاكات واسعة ضد حقوق الإنسان، ويقضي عقوبةً بالسجن لمدة 25 عامًا. أمّا كستيلو فهو ينضم إلى قائمة طويلة من رؤساء البلاد الذين تم عزلهم من منصبهم خلال 30 عامًا الماضية.
الرئيس اليساري التوجه قبل أن يتولى الرئاسة، عمل مدرسًا، وقاد إضرابًا عام 2017 بصفته قائدًا نقابيًا
وبولوارت هي محامية، ولم تكن اسمًا معروفًا في البيرو، فقد سبق وأن خسرت في انتخابات البلدية بالإضافة إلى فشلها في الحصول على مقعد في مجلس النواب، قبل أن تتمكن من مرافقة الرئيس كاستيلو خلال الانتخابات وأن تحجز مقعدًا لها كنائبة للرئيس ووزيرة، فيما ابتعدت عنه سريعًا مع بداية الخلافات بينه وبين البرلمان.