الترا صوت – فريق التحرير
قال المفكر العربي والمدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، عزمي بشارة، في منشور عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن حركة النهضة ارتكبت العديد من الأخطاء السياسية بوصفها حزبًا سياسيًا ظل منذ الثورة جزءًا من الائتلافات الحاكمة المتغيرة.
قال المفكر العربي عزمي بشارة إن حركة النهضة ارتكبت العديد من الأخطاء السياسية بوصفها حزبًا سياسيًا ظل منذ الثورة جزءًا من الائتلافات الحاكمة المتغيرة
ورغم أن النهضة كان لها منجزات "لناحية الإصلاح الفكري، التمسك بالديمقراطية، رفض الإملاء الديني القسري والتكيف مع علمانية الدولة، البراغماتية السياسية، الاستعداد لتقديم التنازلات في اللحظات التي بدا فيها الانتقال إلى الديمقراطية مهددًا، وغيرها" فإنها حسب بشارة ارتكبت العديد من الأخطاء أيضًا، بما في ذلك أنها "تمسكت بالسلطة بأي ثمن، حتى حين كان يجب أن تنتقل إلى المعارضة، وحتى حين كان الطريق الوحيد هو بناء تحالفات انتهازية ليس فقط في نظر الجمهور الواسع بل أيضًا في نظر قواعدها الاجتماعية".
اقرأ/ي أيضًا: عزمي بشارة: لا يزال هناك أمل بإنقاذ الديمقراطية التونسية
وأشار المفكر العربي إلى أن ثمن التحالف مع نداء تونس كان المساومة على العدالة الانتقالية ومكافحة الفساد. كما كان على النهضة ونداء تونس "واجب انتخاب محكمة دستورية، فهي ضرورة ماسة في نظام رئاسي برلماني مختلط. ولكنهما لم يقوما بهذا الواجب، كانت النهضة عموما تشك بالقانونيين والنخب العلمانية، وتخشى تكرار تجربة الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي". كما كان عليهما "تغيير طريقة الانتخابات بوضع عتبة انتخابية ووضع قانون يمنع السياحة الحزبية وتشويه صورة الأحزاب. ولكن استمرار طريقة الانتخابات القائمة أسهم إسهامًا أساسيًا في تعطيله".
كما ركزت النهضة، حسب بشارة، هجومها في الانتخابات الأخيرة على نبيل القروي إلى درجة شيطنته، و"كان المستفيد الوحيد هو المرشح المنافس سعيد الذي لم تنطق ضده بكلمة نقد واحدة، وهو الفاقد لأي برنامج والذي يصرح علنًا بمواقف مناهضة للدستور والنظام البرلماني. والأنكى والأمر أنها ما لبثت أن تحالفت مع من شيطنته، فبدت بذلك جزءًا من نظام حزبي فاسد لا تهمه المبادئ والقيم بقدر ما تهمه السلطة ومنافعها. خسرت النهضة بذلك مرة أخرى جمهورًا سبق ان أيدها، ولكنها لم تكسب جمهور القروي. وفقدت تبريرات النهضة فاعليتها هذه المرة. التحالف مع السبسي (الذي لم يكن بحاجة للتحالف مع النهضة إذ كان لديه تحالف أغلبية في البرلمان من دونها) كان لإنقاذ الانتقال الديمقراطي، فما هو تبرير التحالف مع قلب تونس؟ البقاء في السلطة".
وفي نفس السياق، أشار إلى أنه "سبق أن تحالفت النهضة مع يوسف الشاهد ضد حزبه وضد من عينه (السبسي) ومع ذلك لم تكسبه حليفًا لها، فهو سياسي وصولي لا غير، فاستفاد منها ولم تستفد منه. وحاولت أن تكرر ذلك مع المشيسي الذي انقلب على من عينه، فأدت المحاولة إلى أزمة شلت الدولة طوال عام كامل. حكومة مدعومة من النهضة غير قادرة على العمل، رئيس يفعل كل شيء لشل حكومة قامت عكس مشيئته، وبرلمان مشغول بالمناكفات والمشاكسات كما تبدو صورته".
وبشأن أجندة الرئيس قيس سعيّد، فقد أشار عزمي بشارة أنها لم تكن ضد النهضة التي دعمته في الجولة الثانية من الانتخابات، فـ"ليست هذه معركته الأساسية، بل كانت معركته ضد البرلمان لصالح نظام رئاسي فردي، ولكن سهل عليه تصوير المعركة على أنها معركة ضد الأحزاب والنخب السياسية عمومًا (وهذا جوهر الخطاب الشعبوي)، أما التركيز على النهضة فيسهل استقطاب فئات واسعة لديها موقف متأصل ضد النهضة، وإن كانت غير متعاطفة مع شعبوية الرئيس وتفضل الفرنسية الفصحى على لغته".
كما أبدى بشارة استغرابه من أن النهضة تفاجأت من وجود أجندة مناهضة للنظام البرلماني لدى سعيد، مع أنها كانت معلنة، و"الغريب أيضًا أنها لم تتمكن من التعامل مع شعبوية سعيّد التي لم تتجاهلها فحسب في الانتخابات، بل تعاطفت معها". كما أنه
وحين تصدت النهضة لخوض المعركة مع سعيّد، لم تدرك حسب بشارة "مدى سوء صورة البرلمان في الشارع التونسي (هيئة من دون فاعلية في حل قضايا الشعب ومكان للمناكفات والتهريج، وأصحاب المصالح الفردية المتنقلين من حزب إلى آخر)، وكم تدهور وضعها في الشارع. وظهرت النهضة وكأنها تمثل صورة الأحزاب المتردية كلها حين أصرت على رئاسة البرلمان، والإصرار على أن يكون رئيس الحركة (وليس غيره) هو رئيس البرلمان، وقيادة ائتلاف يدعم حكومة معطلة. ولو كانت في المعارضة لكانت في وضع أسلم بكثير، ولو بقي رئيس الحركة خارج هذه المعمعة لكان أفضل له وللحركة".
قال عزمي بشارة إن الأحزاب الأخرى ارتكبت "أخطاء أكثر فداحة بالتأكيد، ولكن النهضة كانت الحزب الثابت في الخارطة التونسية منذ الثورة، والأكثر تواجدًا في السلطة"
واختتم بشارة حديثه بالقول إن الأحزاب الأخرى ارتكبت "أخطاء أكثر فداحة بالتأكيد، ولكن النهضة كانت الحزب الثابت في الخارطة التونسية منذ الثورة، والأكثر تواجدًا في السلطة، وإليه وجهت سهام الخطاب الشعبوي".
اقرأ/ي أيضًا:
حالة من التخبط في ظل الغموض الذي يحيط بالبلاد جراء قرارات قيس سعيّد