19-يوليو-2024
ترامب وشي جين بينغ

ترامب وشي جين بينغ (رويترز)

تتابع بكين بحذرٍ شديد الانتخابات الرئاسية الأميركية التي قد تعيد أحد أكثر الرؤساء الأميركيين تشدّدًا نحوها، وهو المرشح الجمهوري دونالد ترامب. ويتوقع خبراء صينيون أن تكون العهدة الثانية لترامب، حال فوزه، أكثر شراسةً تجاه التنين الصيني، الأمر الذي سيتسبب بالضرورة بمشاكل لبكين ومصالحها، لا سيما الاقتصادية منها.

ويرى الباحث الصيني في مركز الدراسات الأميركية، جان جيا دونغ، في حديث لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، أنّ ترامب: "قد يجعل مواجهة الصين أكبر أولويات سياسته الخارجية إذا أعيد انتخابه"، مشيرًا إلى أنه وبخلاف سياسة الحزب الديمقراطي التي تشدد على التوازن تجاه الصين، فإن الجمهوريين وترامب أكثر تحفّزا للمواجهة، والسبب في ذلك أن الأخيرين، أي ترامب والجمهوريين: "يركزون أكثر على مصالح أميركا وأمنها، وترامب يعتقد أنه بغض النظر عن نتائج الحروب في أوكرانيا وغزة، فإنها لا تشكل تهديدًا للولايات المتحدة ولن تقلب مكانتها في العالم، عكس ما يعتقده الديمقراطيون وبايدن".

الديمقراطيون بحاجة لمعجزة لمنع عودة ترامب

تحت هذا العنوان، بثّت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية الحكومية مخاوف بكين من عودة الـ"ترامبية". فالديمقراطيون، بأدائهم الحالي، بعيدون عن منع ترامب من العودة للبيت الأبيض بسبب تذبذب مستويات أداء بايدن من جهة، وحالة الانقسام التي بدأت تتفاقم في صفوف الحزب الديمقراطي حول ترشح الرئيس الحالي. يضاف إلى ذلك اعتقاد الصحيفة أن محاولة اغتيال ترامب أثناء تجمع انتخابي الأسبوع الماضي رفعت أسهمه عاليًا وجعلته قريبًا من حسم السباق الرئاسي حتى قبل أن يبدأ. ولذلك، فالديمقراطيون، حسب الصحيفة الحكومية الصينية، بحاجة لمعجزة فعلية لمنع عودة ترامب لحكم أميركا من جديد.

مرت علاقات بكين مع واشنطن بأسوأ محطاتها في ولاية ترامب الرئاسية الأولى، حيث تم قطع قنوات التواصل وأغلقت القنصليات وتبادل البلدان الاتهامات

وعادت الصحيفة الصينية الحكومية للتذكير بما طبع علاقة البلدين في ولاية ترامب الأولى التي امتدت بين عامي 2017 إلى 2021، حيث كان التصادم سيد الموقف، إذ دأب ترامب على وصف الصين بأنها"منافس استراتيجي"، وبناءً على ذلك شن حربًا تجارية ضد المصالح الصينية بدأها بوضع تعريفة إضافية على 250 مليار دولار من الواردات الصينية. وفي المقابل، وضعت الصين ضرائب جديدة على 110 مليار دولار من السلع الأميركية.

وتضيف الصحيفة الصينية الحكومية أنّ علاقات البلدين مرّت بأسوأ محطاتها بعد ذلك: "مع انقطاع قنوات التواصل وإغلاق قنصليات وتبادل الاتهامات وفرض عقوبات على أفراد ومؤسسات وكيانات اقتصادية وعسكرية. واستمر هذا الإرث مع إدارة جو بايدن التي ظلت تنظر إلى الصين باعتبارها تهديدًا استراتيجيًا، وإن كانت العلاقات قد شهدت خلال فترة حكمه درجة من الاستقرار مقارنة بحقبة ترامب".

وقد أكّد الباحث في العلاقات الدولية بمركز ونشوان للدراسات الاستراتيجية، جيانغ لي، نفس فرضية المواجهة، حيث قال في تصريحٍ لـ"العربي الجديد" إن عودة ترامب: "تعني تجدد الصدام بين الصين وترامب وإعادة اجترار جميع السياسات والقرارات السابقة التي اتخذها خلال ولايته الأولى ضد الصين"، مضيفًا: "لا شك في أن ترامب سيسعى في حال فوزه إلى إحاطة نفسه بوزراء لديهم مواقف متشددة من بكين، أمثال وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، والسيناتور ماركو روبيو، وهما معروفان بموقفهما المتشدد تجاه الصين".

وتابع الخبير الصيني: "ربما يدل على ذلك اختياره في مؤتمر الحزب الجمهوري جي دي فانس، نائبًا للرئيس، فهو أيضًا من الشخصيات الأميركية التي تناصب الصين العداء، ولديه سجل من الأيديولوجية العدوانية تجاهها".

أمّا الأستاذ في معهد الدراسات السياسية في جامعة جينان، شياو لونغ، فقلّل من تأثير نتائج الانتخابات الأميركية على بكين، على اعتبار أنه لا فرق بين سياسة وأجندة الجمهوريين والديمقراطيين حين يتعلق الأمر بالصين، قائلًا في تصريحٍ لـ"العربي الجديد": "إن كلًا الحزبين لديهما وجهات نظر ومقاربات متفاوتة وخلافات في العديد من الملفات والقضايا، لكنهما يتفقان تمامًا بشأن مواجهة الصين وطريقة التعامل معها، ولعل المثال الأبرز أن بايدن ألغى في بداية حكمه جميع القرارات التي اتخذها سلفه ترامب، أو أنه حاول إعادة ترميم ما أفسدته الإدارة السابقة في السياسة الخارجية، لكنه أبقى على العقوبات المفروضة على بكين باعتبارها قرارات صائبة تصب في مصلحة واشنطن، وفي ذلك ترجمة لصدام الصين وترامب واستمراريته".