فيما يمرّ قطاع غزّة في عامه العاشر من الحصار الإسرائيلي، يستيقظ تذمّر الشّباب ما بين الفترة والفترة الأخرى من الأوضاع السيّئة على كافّة الصّعد. وعلى الصّعيد الثقافي مثًلا: يفتقر القطاع إلى وجود معارض للكتاب، وكتب جديدة، يمكن أن تلبّي احتياجات الشبّان وتروي تعطّشهم للقراءة في مجالاتٍ عديدة.
تصل الكتب القيّمة إلى قطاع غزة بأسعار باهظة وبعد وقت طويل جدًا
وإن وجدت الكتب، فإنّها في الغالب تكون تجاريّة وليست بالقيمة بالمطلوبة ما يضّطر بهم إلى التواصل مع الأصدقاء في الخارج لإحضارها مع أي شخص استطاع الدخول إلى القطاع وبأسعار باهظة ووقتٍ طويل، كما يقولون.
يقول أسامة داوود إن أداء المكتبات الخاصّة في غزة يعتمد بشكل أساسي على إرضاء الشريحة الأكبر من القراء، التي غالبًا ما تحصر خياراتها في ثلاثة مجالات أساسيّة فقط؛ الأدب، وبشكل خاص الروايات الحديثة، والتنمية البشرية، والكتب الدينية الدعوية.
ويضيف: "بالنسبة لي كقارئ فهذا الأداء لا يرضيني، وأتمنى التركيز أكثر وأكثر على كتب الفكر والفلسفة والتاريخ والمراجع العلمية، التي يندر أن تتواجد في المكتبات الخاصة، القليلة العدد أصلًا"، ويتساءل: "أهذا بسبب ضعف الطلب من قِبل القراء؟".
بالنسبة لمكتبات الجامعة، يعلّق: "أنا لم أذهب سوى إلى مكتبتين فقط، منها مكتبة جامعة الأزهر والتي أرى أنها فقيرة بالكتب نوعًا ما، خاصّة عند مقارنة حجم وتنوّع الكتب بعدد الطلاب الكبير جدًا، على اختلاف تخصّصاتهم"، على خلاف ما يرى في مكتبة الجامعة الإسلاميّة، إذ يجدها أكبر وأغنى وأكثر قدرة على تلبية احتياجات الباحث أو القارئ العادي.
ولكن ثمّة مشكلة تواجه هذه المكتبة برأي أسامة، وتكمن في الاختفاء غير المفهوم أو المفسّر لبعض الكتب عن رفوفها، رغم أن قاعدة البيانات الإلكترونيّة تؤكّد تواجدها. ويلفت إلى أنّ غالبية هذه الكتب هي كتب فكريّة وفلسفيّة تحمل وجهات نظر تتناقض مع الاتجاه الفكري السّائد في الجامعة والذي يتبنّاه غالبية كادرها الأكاديمي.
قد يكون حصار غزة عائقًا أمام نقل الكتب لكنّه ليس من الممكن أبدًا أن يكون عائقًا أمام القراءة
بينما، تقول بنان شاهين إن لا شكّ بأن هناك ارتباطًا وثيقًا بين ذوق الشارع الغزّي وما تحتويه مكتبات القطاع من كتب. ومن جانبٍ آخر تكاد تجزم أنه إلى حد ما استطاعت المكتبات الغزيّة أن توازن بالتنوع الثقافي لترتقي بأذواق الجميع. وتتابع: "أذهب كثيرًا إلى المكتبات العامة، وإن قلّت زياراتي الدوريّة عن السنوات القادمة، لكنني أحاول ألا أنقطع عن مركز القطان، ومكتبة بلدية غزّة، ومكتبة الهلال الأحمر الفلسطيني".
وحول إرجاع المسؤولين في وزارة الثقافة أن الحصار هو الحائل دون تغذية المكتبات، تعلّق بنان: "قد يكون الحصار هو العائق الأساسي أمام نقل الكتب لكنّه ليس من الممكن أبدًا أن يكون عائقًا للقراءة، لأنها عبادة روحانية لا يستطيع أحد التحكم فيها أو منعها قسرًا".
في حين يعتبر محمود أبو ندى أن إغلاق الاحتلال للمعابر هو السبب الأهم -وليس الوحيد- في التأثير على حركة نقل الكتب. وربّما ما يهون عليه الأمر قليلاً هو مكتبة الجامعة الإسلاميّة، التي تحوي الكثير من الكتب والمصادر الجيدة والمهمة أيضًا، خصوصًا في مجالات اهتمامي.
ويرى أن المكتبات التجارية في غزة ليست بالمستوى المطلوب، كما أنّها تفتقر لعرض الكتب الجديدة والصادرة حديثًا، كما يلحظ أنّ الكثير من نسخ الكتب المعروضة في المكتبات التجاريّة في غزّة، هي كتب ذات نسخ رديئة وليست أصليّة، وتُباع بسعر أعلى من سعر النسخة الأصلية للكتاب. ما يضطر به إلى اللجوء للكتاب المصوّر، كما أن "مجانية" الكتاب المصور عامل مهم أيضًا.
وتقول إيمان صبرة إنّها تلجأ لقراءة النسخ الإلكترونيّة أحيانًا بحال عدم توافر النسخة الورقيّة، وتعزي السبب الأساسي لهذا إلى الحصار. وتضيف: "أحصل على بعض النّسخ كهدايا من أصدقاء في الخارج أحيانًا أو أقوم بطباعة النسخ الإلكترونية على ورق".
الجدير ذكره أنه يوجد في قطاع غزة ثلاث عشرة مكتبة عامة، لمدينة غزة النصيب الأكبر منها بواقع خمس مكتبات، وتعد مكتبة البلدية العمومية أكبر مكاتب غزة، وتضم في جنباتها زهاء أربعة آلاف كتاب.
اقرأ/ي أيضًا: