تنطلق قمة مجموعة السبع السنوية، اليوم الجمعة، مع مجموعة عقوبات جديدة على روسيا، وسط التأكيد على الاستمرار في دعم أوكرانيا وتجديد الالتزام بتقديم الدعم لها، فيما تركز القمة من جهة أخرى على المنافسة الاقتصادية مع الصين، وزيادة نفوذها.
وفي خطوة رمزية، زار الرئيس الأمريكي جو بايدن رفقة عدة قادة، موقع سقوط القنبلة النووية في هيروشيما من قبل الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى المتحف المخصص للحدث والنصب التذكاري، فيما انتهت الزيارة، التي كانت محاولة للتأكيد على ضرورة السلام، بدون أي تعليقات من الرئيس الأمريكي أو اعتذار.
إلى جانب ملف أوكرانيا والصين، ستحضر الضغوط على الهند وملف التهديد النووي
وجاء في بيان القمة، التأكيد على التزام "بدعم أوكرانيا ماليًا، وعسكريًا ودبلوماسيًا مهما تطلب الأمر"، وشدد البيان على أنه "لا يمكن تحقيق السلام في أوكرانيا دون انسحاب كامل وغير مشروط للقوات الروسية"، مؤكدًا على النجاح في "منع روسيا من استخدام الطاقة سلاحا ضدنا وضد العالم بأسره".
ويعقد قادة دول مجموعة السبع الكبرى اجتماعهم السنوي، اليوم الجمعة، في مدينة هيروشيما، ووصل معظم قادة الدول إلى هيروشيما أمس الخميس، وأجرى بعضهم اجتماعات فردية، مع انتظار وصول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عقب انتهاء كلمته في جامعة الدول العربية.
وإلى جانب الاتحاد الأوروبي الذي يشارك كل عام في اجتماعات القمة، تمت دعوة 8 دول أخرى هذا العام لحضور القمة، من بينها الهند، والبرازيل، وأستراليا، وإندونيسيا، وكوريا الجنوبية، وفيتنام.
ونقلت وكالة "رويترز"، عن مسؤول أمني أوكراني كبير، بأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، سيسافر إلى اليابان لحضور قمة مجموعة السبع في هيروشيما بشكل شخصي، بعدما كان مقررًا أن يلقي خطابًا في اجتماع المجموعة عبر تقنية الفيديو، وقال أمين مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أوليكسي دانيلوف: "سيتم تحديد أمور مهمة للغاية هناك، وبالتالي فإن وجود رئيسنا هو أمر ضروري للغاية للدفاع عن مصالحنا".
تشديد للعقوبات على روسيا
وسيسعى قادة الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا وكندا، خلال اجتماعهم، لفرض المزيد من العقوبات، ومحاولة زيادة نفوذها في عدة دول أخرى، والظهور ضمن جبهة موحدة لمواجهة روسيا والصين.
وستهيمن على جدول أعمال القمة، الحرب في أوكرانيا المستمرة منذ حوالي 15 شهرًا، إذ يتوقع أن يتم تشديد العقوبات على روسيا.
وأعلنت بريطانيا، اليوم الجمعة، عن حزمة جديدة من العقوبات على قطاع التعدين في روسيا تستهدف واردات الألمنيوم، والنحاس، والنيكل، كما سيتم حظر استيراد الماس الروسي، وهي صناعة بلغت قيمة صادراتها 4 مليار دولار عام 2021، وفقًا لبيانات الحكومة البريطانية.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك: "كما تظهر العقوبات التي أُعلِنت اليوم، تظل مجموعة الدول السبع موحدة في مواجهة تهديد روسيا وثابتة في دعمها أوكرانيا".
بدوره، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، اليوم الجمعة، إن الاتحاد الأوروبي سيستهدف تجارة الألماس الروسية المربحة.
وأعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، عن "جهود مهمة تهدف إلى تقييد وصول روسيا إلى حدٍّ كبير للمنتجات الضرورية لتعزيز قدراتها القتالية في ساحات المعارك".
وأوضح سوليفان أن "المناقشات ستتركز حول تشديد العقوبات على روسيا، التي أدت حتى الآن إلى انكماش الاقتصاد الروسي في الفصل الأول من العام 2023"، مضيفًا أن "العقوبات ستمنع نحو 70 كيانًا من روسيا ودول أخرى من الحصول على الصادرات الأمريكية عبر إدراجها في اللائحة التجارية السوداء، إضافة إلى نحو 300 عقوبة جديدة ضد أفراد وكيانات وسفن وطائرات".
وعلى هامش اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي جو بايدن مع رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، أمس الخميس، أعلن بايدن أن مجموعة السبع تدافع عن "قيم مشتركة، خصوصًا دعم الشعب الأوكراني الذي يدافع عن أرضه التي تتمتع بالسيادة، ضد الغزو الروسي الوحشي".
من جهته، قال المستشار الألماني أولاف شولتس أمام الصحافيين، أمس الخميس، إن المحادثات ستشمل أيضًا: "معرفة كيف يمكننا منع الالتفاف على العقوبات"، وأضاف "أعتقد أن هذه المسألة ستحل بشكل جيد جدًا، وبطريقة براغماتية جدًا".
العلاقة مع الصين
كما سيخصص اجتماع الدول السبع جزءًا من مناقشاته لبحث سبل مواجهة "الإكراه الاقتصادي" الذي تمارسه الصين، من خلال تنويع الإنتاج وشبكات الإمداد، في وقت أبدت فيه حكومة بكين استعدادها لفرض قيود على التجارة.
ومن المتوقع، أن يندد قادة الدول السبع بسياسة الصين الاقتصادية، والسعي إلى تخطي الخلافات بشأن الموقف الواجب اعتماده حيال الصين، خاصةً أن دول أوروبية ترفض قطع العلاقات مع الصين، مثل فرنسا وألمانيا، رغم رفض ما يوصف بـ"سياسة الإكراه الاقتصادي".
وتحاول فرنسا أن تأخذ موقفًا مستقلًا، عن العلاقة المتوترة بين الولايات المتحدة والصين. كما أشار رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، إلى أنه من "مصلحة الاتحاد الأوروبي الحفاظ على تعاون مستقر وبناء مع الصين"، مشيرًا إلى أن "الاتحاد الأوروبي سيدعو الصين لتكثيف الضغط على روسيا لوقف عدوانها العسكري في أوكرانيا".
بدوره، قال المستشار الألماني أولاف شولتز، "نريد تنظيم علاقات التوريد العالمية، والعلاقات التجارية والاستثمارية بطريقة لا تزداد فيها المخاطر بالاعتماد على دول بعينها".
وواحد من الأهداف يتمثل في تقليل الاعتماد على التصنيع الصيني ومساعدة الشركات الأمريكية والأوروبية على التنافس في اقتصاد الطاقة الجديد. حيث دعم بايدن تشريع القوانين التي تركز على أشباه الموصلات والبنية التحتية ومصادر الطاقة منخفضة الانبعاثات.
وبحسب صحيفة الغارديان، من غير المرجح أن يكون هناك مواقف موحدة حول كيفية الرد على النفوذ العسكري والاقتصادي المتنامي للصين، مع إصرار مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على أن مجموعة السبع "ليست معادية للصين".
في المقابل، ستبحث القمة في الضغوط الصينية والتهديدات المتواصلة ضد تايوان.
الضغط على الهند
وستكون القمة فرصة لقادة مجموعة السبع للحديث بشكل مباشر مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، عن العلاقات الوثيقة التي تربط بلاده مع روسيا، وقد رفضت الهند حتى الآن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويعتبر الهند من بين أكبر الاقتصادات النامية الكبرى التي تتم دعوتها إلى حضور القمة، إذ تحاول مجموعة السبع كسب ود الدول المشككة بالنهج المتبع بشأن حرب روسيا على أوكرانيا، بالإضافة لكبح نفوذ الصين.
التهديد النووي
في الفترة التي سبقت القمة، تحدث رئيس الوزراء الياباني كيشيدا عن رغبته في "عالم خالٍ من الأسلحة النووية"، على الرغم من أن النشطاء يشيرون إلى فشل اليابان في التوقيع على معاهدة الأمم المتحدة لعام 2021 التي تحظر امتلاك واستخدام من الأسلحة النووية.
وقال كيشيدا، قبيل الزيارة الجماعية المخطط لها إلى متحف السلام: "أعتقد أن الخطوة الأولى نحو أي جهد لنزع السلاح النووي هي تقديم تجربة مباشرة لعواقب القصف الذري ونقل الحقيقة بحزم".
يتزايد الضغط للإشارة إلى الأسلحة النووية في القمة، حيث دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، قادة مجموعة السبع هذا الأسبوع إلى الإعلان أنهم لن يستخدموا الأسلحة النووية "في أي ظرف من الظروف".
افتتاحية القمة، جاءت بالتأكيد على فرض عقوبات إضافية على روسيا
ويرغب كيشيدا في استخدام القمة للضغط والدعوة للالتزام بالشفافية بشأن المخزونات النووية وخفض الترسانة النووية، ومع ذلك التوقعات بتحقيق اختراق في هذا الموضوع مستبعدة.
وقال مسؤولون أمريكيون إن واشنطن لن تدفع بجدول أعمال مستقل بشأن الأسلحة النووية في هيروشيما، بينما قالت مصادر حكومية ألمانية رفيعة المستوى إن نزع السلاح النووي ليس أولوية قصوى، مضيفةً أنه "مهم بشكل أساسي لليابان"، وفق الغارديان.