اعترف رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيف كوخافي، بقصف قافلة أسلحة إيرانية على الحدود السورية العراقية. ولم يحدد كوخافي التوقيت الدقيق لعملية القصف لكنه كان يشير غالبًا إلى الهجوم الذي حصل في سوريا، ونسبته صحيفة وول ستريت جورنال لإسرائيل في أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الجاري، ولم تتحمل إسرائيل المسؤولية عن الهجوم في حينه.
اعترف رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيف كوخافي، بقصف قافلة أسلحة إيرانية على الحدود السورية العراقية
وبحسب التقارير الإعلامية فإن القافلة المستهدفة كانت تنقل أسلحة إيرانية، بما في ذلك صواريخ نوعية، فيما أدت الغارة إلى مقتل 12 عنصرًا من الحرس الثوري الإيراني وميليشيات إيرانية أخرى.
وتحدث كوخافي خلال مؤتمر عقد في جامعة رويخمان (مركز هرتسيليا سابقًا)، وأضاف أن جيش الاحتلال لديه "معلومات استخباراتية كاملة لضرب الشاحنة رقم 8 ضمن قافلة مكونة من 25 شاحنة، لأنه كان يعلم أن هذه الشاحنة تحتوي على الأسلحة الإيرانية".
ووصف كوخافي العملية قائلاً، إن الجيش الإسرائيلي "بحاجة إلى إرسال سلاح الجو إلى الموقع الصحيح وأن طائرات سلاح الجو الإسرائيلي كانت بحاجة إلى الهروب من صواريخ أرض- جو، دون ارتكاب أي خطأ"، نظرًا لاستخدام المضادات الأرضية.
وأضاف كوخافي "عليهم أن يهاجموا ويضربوا الأهداف (دون أن تسقطهم صواريخ أرض- جو)، وفي بعض العمليات أن يتجنبوا قتل الأشخاص الذين لا ينبغي قتلهم". في إشارةٍ من كوخافي إلى مقاتلي حزب الله الذين تتجنب إسرائيل مهاجمتهم باستمرار.
وأشار كوخافي إلى هذا المثال، في محاولةٍ منه لإظهار "الثورة التي قام بها في ربط المعلومات الاستخباراتية بالعمليات العسكرية خلال سنوات تواجده في منصب رئيس الأركان".
وقال كوخافي إن "المعركة بين الحروب" لم تكن محكمةً دائمًا وأن طهران تنجح أحيانًا في تهريب الأسلحة إلى سوريا وحزب الله في لبنان، لكنه أضاف أن إيران فشلت في تأسيس وحدات عسكرية بالقرب من الجولان المحتل. معتبرًا أن هذه العمليات تبعد إيران عن الدخول في صراع واسع مع دولة الاحتلال.
ماذا وراء التبني؟
تأتي تصريحات كوخافي مغايرةً للنهج السائد إسرائيليًا في التعامل مع الغارات في سوريا، حيث تحصل الغارات بدون تبني رسمي لها ضمن "سياسة الغموض"، ورغم أنها السر المكشوف في المنطقة، وسبق وأن قال عنها المعلق العسكري لصحيفة معاريف طال ليف رام "من يقف خلفها واضح [الغارات] ولا أحد يعتقد أن الجيش البلجيكي هو من نفذ القصف غير أن سياسة الغموض تهدف إلى عدم استفزاز إيران ورفع مستوى التوتر".
أي أن عدم تبني عمليات القصف في سوريا يهدف إلى عدم وضع "الإصبع في العين" كما يوصف إسرائيليًا. لكن ما الذي اختلف الآن ودفع كوخافي إلى تبني عملية القصف؟
يوشك كوخافي على نهاية فترته في رئاسة أركان جيش الاحتلال، وذلك بعد خدمة استمرت أربعة أعوام في هذا المنصب، قبل أن يدخل إلى فترة تبريد تستمر 3 سنوات يمنع خلالها من الترشح للانتخابات حال رغبته الانخراط بالعمل السياسي في دولة الاحتلال. ويبدو أن كوخافي يرغب في القيام بدعاية سياسية مبكرة. وذلك لأن الاعتراف الرسمي مغاير لتصور المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إجمالًا الذي سبق وانتقد رئيس الوزراء السابق نفتالي بينت بعد حديثه عن عمليات عسكرية موجهة ضد إيران، خلال فترة ولايته.
وسبق أن تحدث رئيس الأركان السابق وعضو الكنيست الحالي غادي أيزنكوت عن الضربات العسكرية في سوريا، بشكلٍ علني في نهاية فترة خدمته برئاسة أركان جيش الاحتلال. رغم أن جيش الاحتلال لم يتبنى إلّا عددًا محدودًا من الغارات التي وجهت إلى القوات الإيرانية في سوريا.
جانب آخر يشكل دافعًا وراء هذا التبني، هو محاولة أفيف كوخافي إظهار نتائج عمله في جيش الاحتلال. ويمكن أن نستشف ذلك، من خلال تركيزه على الربط بين الاستخبارات والعمليات، وهي أفكار طرحها باستمرار قبل توليه رئاسة الأركان، وتحدث عنها بعد تجربته في الانتفاضة الثانية خلال اقتحام مدينة نابلس والبلدة القديمة فيها، حين أشار إلى أنه اكتشف وجود معلومات استخبارية لم تصل إليه في الميدان، وهو ما حاول التركيز عليه خلال فترة ولايته.
هذا الاعتراف يأتي بعد استخدام روسيا للطائرات المُسيّرة الإيرانية في حربها على أوكرانيا، باعتباره كسرًا للتوازنات القائمة بين تل أبيب وموسكو، فقد تجنبت الأولى الإدانة الكاملة للحرب الروسية في أوكرانيا، فيما سمحت الأخيرة باستمرار حرية العمل الإسرائيلي في سوريا ضمن التنسيق القائم. كما أنه يأتي في سياق التأكيد على الطرح الإسرائيلي المستمر باعتبار أن إيران تشكل "خطرًا عالميًا"، وهذا ما قامت عليه حملة إسرائيل ضد الاتفاق النووي مع إيران. وهو ما تحاول التأكيد عليه في الآونة الأخيرة، ومن الممكن أن يكون طرح كوخافي ضمن هذا السياق.
الأبرز في كل ذلك هو العمل البري الذي يستهدف خلق تغييرات في الحدود مع الجولان المحتل، باعتبارها فرصةً لتثبيت أمر واقع سوف يستمر لسنوات
وبعيدًا عن كل الأسباب المحتملة التي يمكن أن تفسر اعتراف كوخافي، فإن نشاط دولة الاحتلال في سوريا يشهد ذروةً كبيرةً في هذا العام، فقد تكثفت الغارات التي استهدفت عمليات نقل الأسلحة بالإضافة لضرب المضادات الأرضية، كما نفذت دولة الاحتلال عدة عمليات قصف خلال ساعات النهار وهو أمر نادر الحدوث، والأبرز في كل ذلك هو العمل البري الذي يستهدف خلق تغييرات في الحدود مع الجولان المحتل، باعتبارها فرصةً لتثبيت أمر واقع سوف يستمر لسنوات.