الترا صوت – فريق التحرير
يفتتح الصحفي ديفيد هالبفينجر تقريره المنشور في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بعنوان "عالم منهك يحبس أنفاسه بينما تختار الولايات المتحدة رئيسها"، بالقول إنه "إذا كان بإمكان العالم التصويت في الانتخابات الرئاسية يوم الثلاثاء، فستكون إسرائيل واحدة من أكثر الأماكن احمرارًا في العالم"، في إشارة لدعم الرئيس الجمهوري دونالد ترامب الذي يكافح للفوز بولاية ثانية، في ظل منافسة شديدة من الديمقراطي جو بايدن.
يرى هالبفينجر أن انتخابات الرئاسة الأمريكية التي تستحوذ دائمًا على الاهتمام الدولي، ستكون هذا العام استثنائية
يعود هالبفينجر في تقريره للتذكير بالخدمات السياسية التي قدمها ترامب لحكومة اليمين الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو، وبلغت ذروتها مؤخرًا بإعلان ثلاث دول عربية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لافتًا إلى أن فوز بايدن في الانتحابات سيمثل خسارة كبيرة لنتنياهو.
اقرأ/ي أيضًا: كيف استعدت المجموعات اليمينية المتطرفة لانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
ويرى هالبفينجر أن انتخابات الرئاسة الأمريكية التي تستحوذ دائمًا على الاهتمام الدولي، ستكون هذا العام استثنائية بالنظر لسيطرة ترامب على النشرات والتقارير الإخبارية، إضافةً لـ"إثارته أعصاب كل زاوية من زوايا العالم" بطريقة فعلها قلة من الرؤساء على مر التاريخ، حيثُ تسود العالم حالة من القلق الشديد بانتظاره نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية الحالية.
يبدأ هالبفينجر قراءته لتأثير انتخابات الرئاسة الأمريكية على المستوى العالمي من ألمانيا، بإشارته إلى أن الألمان يعيشون "حالة من الهوس" مرتبطة بالانتخابات الأمريكية التي تهيمن على العناوين الرئيسية للصحافة الألمانية، عبر إنتاجهم عددًا لا يحصى من تقارير البودكاست والبرامج الوثائقية، تضمنت عناونين مثل "ترامب المجنون والكارثة الأمريكية"، فيما تراهن التوقعات في أستراليا على فوز بايدن في الانتخابات، وهو ما يبدو محاولة "للتغلب على القلق". أما أوكرانيا التي ورد اسمها في التحقيقات التي قادها الكابيتول هيل بشأن عزل ترامب من منصبه، فإن بعض المسؤولين هناك يشعرون بالقلق من محاولة ترامب ممارسة ضغوط مباشرة للحصول على دعم في المعركة الانتخابية، بناء على الضغوط الممارسة سابقًا على الرئيس الأوكراني فولدومير زيلنسكي بشأن الحصول على خدمة شخصية لتحقيق مكاسب سياسية.
لكن الحال في الصين يختلف عن الدول السابقة وفقًا لقراءة هالبفينجر، الذي أشار إلى أنه لا توجد دولة في العالم تراقب الانتخابات الأمريكية مع شعور بالغضب والمظلومية مثل الصين، فقد أدت التوترات المتصاعدة بين بكين وواشنطن بشأن التجارة والتكنولوجيا وفيروس كورونا الجديد بوصول العلاقات بين البلدين إلى أسوأ مستوى لها منذ اعتراف واشنطن بجمهورية الصين الشعبية في عام 1979.
لكن التقرير ينوه في مقابل ذلك إلى وجود عدد قليل من المسؤولين الصينيين الذين يأملون أن تؤدي هزيمة ترامب في الانتخابات الرئاسية لتحسن العلاقات بين البلدين، فيما ينظر آخرون إلى منافسه بايدن على أنه تحد "أكثر تعقيدًا"، على خلفية الخطاب الصارم الذي تبنته حملته الانتخابية اتجاه بكين.
وفيما أثارت مجلة كايغين الحكومية سؤالًا مرتبطًا بالمناظرة التي نظمت بين ترامب وبايدن، بقولها "لماذا تبدو المناظرة بين ترامب وبايدن مثل مشاجرة في سوق؟"، فإن الرئيس الصيني شي جينبينغ قال في تصريحات أطلقها الأسبوع الماضي "في العالم المعاصر لم تعد القرارات من طرف واحد ولم تعد الحمائية تنجح فيه"، وهو ما فسره معلقون بأنه هجوم مباشر على ترامب.
وينتقل هالبفينجر للحديث عن روسيا مذكرًا بتوصل الاستخبارات الأمريكية إلى شن موسكو حملة دعائية دعمت من خلالها حملة ترامب الانتخابية التي أوصلته إلى البيت الأبيض في انتخابات 2016، مضيفًا بأن الإعلام المؤيد لسياسات الكرملين يصب اهتمامه على إنتاج تقارير تتحدث عن إمكانية حدوث أعمال عنف وفوضى في الانتخابات الحالية، فقد كتبت صحيفة كوموسوليسكيا برافدا الروسية مقالًا بعنوان "هل تقترب أمريكا نحو الحرب الأهلية؟".
أما فيما يخص القادة الأوروبيين، يرى هالبفينجر أن إعادة انتخاب ترامب لولاية ثانية يعني بالنسبة لهم تخلي واشنطن عن دورها كقائد للتحالف مع الدول الغربية، إذ إنه بالإضافة لتشكيك ترامب بدور حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، فقد قام بوصف الاتحاد الأوروبي بالمنافس للولايات المتحدة، وحاول أن يزرع بذور الخلاف بين الدول الأوروبية عبر دعمه خروج بريطانيا من الاتحاد، إلى جانب تساؤله بشأن إمكانية خروج ألمانيا وفرنسا، وتشجيعه للجماعات الشعبوية.
في حين يبرز موقف المسؤولين البريطانيين متناقضًا فيما بينهم، وذلك في ضوء دعم ترامب "الحماسي" لعملية خروج بريطانيا من الاتحاد، وعلاقته مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، كما يخشى المسؤولون البريطانيون من إهمال بايدن أولويتهم الأولى المتمثلة باتفاقية التجارة بين البلدين، فضلًا عن وجوب إصلاح جونسون للعلاقة مع مساعدي بايدن، بعدما كان قد هاجم في تصريحاته الرئيس السابق باراك أوباما في عام 2016.
لكن ترامب وفقًا لهالبفينجر يحظى بدعم من زعماء دول الكتلة الشرقية في أوروبا بعدما عزز من وجود القوات الأمريكية على طول الحدود التي تربطهم مع روسيا، مذكرًا بتصريحات رئيس صرب البوسنة ميلوراد دوديك التي هاجم فيها بايدن بوصفه "كارهًا للصرب"، وحث الأمريكيين على التصويت لصالح الرئيس ترامب.
أما بالنسبة لدول الأمريكيتين، فإنه على طول الحدود األأمريكية–المكسيكية يتابع المهاجرون الانتخابات بترقب، فيما يراهن الفنزويليون على مساعدة ترامب لدعم المعارضة الفنزويلية للإطاحة بالرئيس نيكولاس مادورو، في حين تشهد نيجيريا انقسامًا بشأن انتخابات الرئاسة الأمريكية بين السكان المسلمين والمسيحيين.
ويمضي هالبفينجر في تقريره مشيرًا إلى أن الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي–إن، يميل للاعتقاد بأن فرصة التوصل إلى صفقة تظل أفضل مع ترامب، لكن الرأي العام الكوري تسوده حالة من القلق بسبب تملق ترامب من "ديكتاتور أعدم خاله وقتل مواطنًا كوريا جنوبيًا وفجّر كامل مكتب التنسيق"، في إشارة للتصريحات التي حاول خلالها ترامب التقرب من زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، فقد أظهرت استطلاعات الرأي بين الكوريين أن كل أربعة مقابل واحد يفضلون فوز بايدن بالانتخابات.
وفي حديثه عن أفريقيا، يرى هالبفينجر أن ترامب استمر باستعداء العالم قبل موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية، حين أشار لإمكانية تفجير مصر لسد النهضة الكبير الذي كلف الحكومة الإثيوبية 4.6 مليار دولار، حيثُ أدت هذه التصريحات لتفاقم الخلافات بين الدولتين الأفريقيتين، وفي الانتقال لمنطقة الشرق الأوسط، ينقل الكاتب عن كاتب العمود في صحيفة النهار البيروتية هشام ملحم قوله إن المنطقة كانت من أكثر المناطق العالمية تأثرًا بسياسة ترامب، مضيفًا أن فوز الديمقراطيين بانتخابات الرئاسة سيترك للقادة الاستبداديين في مصر والسعودية وتركيا عددًا قليلًا من الأصدقاء في واشنطن.
يبرز موقف المسؤولين البريطانيين متناقضًا فيما بينهم، وذلك في ضوء دعم ترامب "الحماسي" لعملية خروج بريطانيا من الاتحاد، وعلاقته مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون
ويختم هالبفينجر تقريره مشيرًا إلى أن فوز ترامب بولاية ثانية لا يعني تقديم المزيد من الضمانات لإسرائيل، لافتًا إلى إمكانية اندفاع ترامب لإجراء مفاوضات مع إيران، خصيصًا بعدما منح الجماعات الإنجيلية الموالية لإسرائيل ما تريد، وهو ما يؤكده سفير إسرائيل السابق في واشنطن سالاي ميردور بقوله إن ترامب كان بالتأكيد جيدًا لإسرائيل لكن الأخيرة تعامت عن حقيقة تراجع القيادة الأمريكية في العالم وخلال السنوات الماضية، لأن "ما تهتم به إسرائيل هو أمريكا قوية".
اقرأ/ي أيضًا: