أقلّت طائرة عُمانية أمس الخميس وفدًا حوثيًا من العاصمة صنعاء باتجاه العاصمة السعودية الرياض، في أول زيارة معلنة لوفد حوثي رسمي إلى السعودية. وتأتي زيارة الوفد الحوثي بعد مرور نحو خمسة أشهر على زيارة وفد سعودي إلى صنعاء لبحث عملية السلام في اليمن الغارق في حرب اندلعت عام 2014 وتسببت بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي عرفتها البشرية، وفقًا للأمم المتحدة.
ويضم الوفد الحوثي 10 أشخاص بالإضافة لخمسة عمانيين، وتستمر مدة الزيارة إلى الرياض 5 أيام، وفقا لما أكّده مصدر حوثي لوكالة فرانس برس.
تسعى المحادثات الحالية، إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار بشكلٍ نهائي، مع جمود الحالة على الأرض
وكان الوفد العماني الذي يلعب دور الوساطة بين الحوثيين والرياض، قد وصل العاصمة صنعاء أمس الخميس أيضا برفقة المتحدث الرسمي باسم الحوثيين وعضو الفريق المفاوض محمد عبد السلام المقيم في السلطنة، وفقًا لما نقلته وكالة سبأ المحسوبة على الحوثيين.
ونقلت ذات الوكالة عن رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط قوله خلال لقاء مع الوفد العماني قبل إقلاع الطائرة المتوجهة إلى الرياض، إنه "استجابة لوساطة سلطنة عُمان الشقيقة سيتوجه الوفد الوطني برفقة الوفد العماني إلى الرياض لاستكمال المشاورات مع الجانب السعودي".
مردفًا القول: "السلام كان ولا يزال خيارنا الأول والذي يجب العمل عليه من قبل الجميع".
أجندة الزيارة
يحتل ملف اتفاق وقف إطلاق النار مكانة متقدمة في المحادثات التي ستتم بين الحوثيين والسعوديين، وفي هذا الصدد يتوقع متابعون للشأن اليمني أن تتناول المباحثات "الصيغة النهائية لوقف شامل ودائم لإطلاق النار، على أن يباشر أطراف النزاع بعد ذلك التفاوض مباشرة للتوصل إلى حل سياسي برعاية الأمم المتحدة وبدعم من السعودية وعُمان".
ملف آخر يحتل مكانة متقدمة في أجندة الزيارة هو الملف الاقتصادي والإنساني، وبحسب مسؤول حكومي يمني مطّلع تحدث لوكالة فرانس برس فإنّ الغاية من الزيارة تتمثل في "عقد جولة مفاوضات مع السعودية والتوصل لاتفاق نهائي بشأن تفاصيل الملفين الإنساني والاقتصادي".
وفي تفاصيل هذين الملفين يدور النقاش حول نقطتين، الأولى قضية تسديد رواتب موظفي حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليًا عن طريق الحكومة الشرعية، والنقطة الثانية تتمثل في تدشين وجهات جديدة من مطار صنعاء الذي ظل مغلقًا لسنوات قبل أن يسمح العام الماضي بفتح أجوائه للطائرات إلى الأردن ومصر.
يشار إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ منذ نيسان/إبريل 2022، وانتهت مدته في تشرين الأول/أكتوبر 2022، إلا أنّ الوساطة العمانية نجحت في الحفاظ على حالة الهدنة.
وكان القيادي الحوثي علي ناصر قرشة، المقرب من زعيم الجماعة، قد كشف، في تغريدة عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، أن "وفدًا من جماعة الحوثي بصحبة الوسيط العُماني سيزور المملكة العربية السعودية"، وعبّر عن تفاؤله بالزيارة، وأن تعود بما فيه الخير لمصلحة الطرفين.
وأفاد القيادي الحوثي المقرب من زعيم الجماعة، في تغريدة على منصة "إكس"، بأنه أُبلِغ من قبل زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بأن "الزيارة إذا لم تنجح... فهي إقامة حجة وبراءة للذمة"، على حد تعبيره.
وقال رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ماجد المذحجي لـ"فرانس برس"، إن زيارة الوفد الحوثي للسعودية "أشبه بنقل العلاقة بين الحوثيين والسعودية من الغرف الخلفية إلى صالة المنزل، أي شرعنة هذه العلاقة ومنحها دفعًا إضافيًا".
وتابع: "على الصعيد السياسي، هي خطوة متقدمة لإنهاء الدور المباشر للسعودية في اليمن وإقرار الحوثيين بدورها كوسيط" إلى جانب كونها أحد أطراف النزاع.
تراجع المساعدات الإنسانية
في وقت يعاني فيه اليمن من كارثة إنسانية على شتى الأصعدة تراجعت المساعدات المقدمة للشعب اليمني بسبب نقص التمويل.
وفي هذا السياق، دعت فعاليات دولية ومحلية عددها 98 بينها منظمات تابعة للأمم المتحدة في بيان جماعي نشر أمس الخميس إلى زيادة التمويل لمواصلة مساعدة "أكثر من 21,6 مليون شخص، أي 75 بالمئة من سكان اليمن".
17 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي في اليمن، وهذا العدد يشمل 6,1 ملايين شخص دخلوا بالفعل مرحلة خطيرة في نقص الغذاء وسوء التغذية الحاد
وبحسب بيان المجموعة فإن "17 مليون شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي في اليمن، وهذا العدد يشمل 6,1 ملايين شخص دخلوا بالفعل مرحلة خطيرة في نقص الغذاء وسوء التغذية الحاد".
ووفقًا لذات البيان فإنه على الرغم من "حجم الاحتياجات الإنسانية، فإنّه بحلول آب/أغسطس 2023، لم تتلق خطة الاستجابة الإنسانية سوى 31,2 بالمئة من إجمالي الاحتياجات البالغة 4,34 مليارات دولار للعام 2023، مما أدى إلى تخفيضات جذرية ومثيرة للقلق في المساعدات".