أواجه نفسي غالبًا بسؤال: لماذا أكتب؟؟ لا أجد إجابات ناجعة وشافية، تأخذني إلى الاقتناع بأن هذا العمل، هو مهنة ويجب الالتزام بقواعدها، وها أنا أنفر من مجرد الفكرة مجددًا.
لطالما اعتبرت حرفة الكتابة ملاذًا آمنًا من الواقع البائس، أو هروبًا في أغلب الأوقات من كارثة
إذ لطالما اعتبرت هذه الحرفة ملاذًا آمنًا من الواقع البائس، أو هروبًا في أغلب الأوقات من كارثة ما، أو سببًا كافيًا للبقاء على تواصل مع ذوات الأقلام، أو طريقًا لإثبات الذات، أو الهوية، وطريقًا سريعًا للشهرة، أو حيلة من الحيل الكثيرة التي نخترعها للاستمرار وتقبل فكرة الوجود، أو لفرض الرأي.
اقرأ/ي أيضًا: 5 مجموعات أساسية في تاريخ قصيدة النثر العربية
أقف عند الاحتمال الأخير، أتفحصه وأفنده، وأسأل كيف وصلت إلى هذه الفرضية؟
هل الكاتب دكتاتور لعين، يستدرج القارئ بكل الوسائل المتاحة، السرية والعلنية، المسموحة والممنوعة، لاحتلال القرّاء؟
نعم.
فهو يسبك نصوصه مداعبًا أوجاع القارئ وأحلامه، متلاعبًا بمشاعره، ليصل به إلى الايمان المطلق برؤيته التي فرضها فرضًا عليه، يسرقه من ذاته ليؤمن بما كتب وقال.
لا.
الكاتب كائن خارج السرب، يسكن خياله، يستشف الحلول لتحسين الواقع، نبي يحمل روحه بين أوراقه، ولا يهتم بالنتائج، يكتفي من الوجود بحيزه الضيق جدًا، ولا يعبأ إذا كشف ما بداخله على الملأ، لا يحتاج من هذا العالم سوى القليل من لفافات التبغ، وبضع كؤوس، ليدهش العالم بأفكاره المبدعة.
نعم.
كائن خارج السرب، يتعالى على مشاعر القارئ، ويطالبه بالرضوخ لنزواته الفكرية، معللًا ذلك بالمزاج الابداعي، يناوره، يحاربه، يجره إلى ساحته بالخديعة " الإبداعية" لينتصر عليه بضربة قاضية في نهاية المطاف، حين يحتله بخيلاء أفكاره المكرسة على طول طريق الكتاب، هو إله الزمان ولا أحد سواه.
لا.
كائن خارج السرب، يقول صوت الحقيقة، يدافع عن المظلوم والمقهور، يقاتل ليصل صوت المستضعفين في كل مكان، يدفع ضريبة الحياة قلقًا وحزنًا وحبرًا ممنوعًا، لا ينام ولا يهدأ حتى ينجز نصوصه المنسوجة بآلامه وآلام مجتمعه.
ويدوم هذا الصراع، وقد يدوم إلى أبد الآبدين، ولا إجابة حاسمة، إلا حين أنتبه لفكرة شافية، قد تكون شافية.
هل هناك قارئ حقًا، ليتحقق كل ما تقدم؟
هذا سؤال أمتلك إجابة سريعة عليه.
ليس هناك قراء، لأن دور النشر تقوم بعملها على أكمل وجه، وتصل لنتائج مذهلة، مفادها لا تقرأ هذا الكتاب.
اقرأ/ي أيضًا: