على الرغم من العجز المالي الكبير في موازنة إسرائيل لعام 2025، فإن مشروع الموازنة الذي سيقدمه وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش لحكومة الاحتلال الخميس المقبل للموافقة عليه، يتضمّن زيادةً كبيرة في ميزانية جيش الاحتياط الإسرائيلي.
إذ من المتوقع أن يخدم الجنود في جيش الاحتياط العام المقبل لمدة أربعة أشهر تقريبًا، أي بنفس معدّل الخدمة هذه السنة. وبموجب هذا التصور قفزت ميزانية جيش الاحتياط في موازنة 2025 إلى 12 مليار شيكل، أي ما يعادل 3.2 مليار دولار أميركي.
وتعود أسباب رفع ميزانية جيش الاحتياط إلى هذا الرقم الكبير ـ حسب موقع كالكاليست، إلى محاولة حكومة نتنياهو "إيجاد حلول مبتكرة من شأنها أن تسمح لعشرات الآلاف من اليهود المتشددين من الحريديم أساسًا بمواصلة التهرب من الخدمة"، فلتحقيق ذلك الهدف تُخطط "الحكومة الإسرائيلية لاستمرار جزء صغير من المجتمع الإسرائيلي في تحمّل العبء الأمني لوحده".
وتؤكد مصادر إسرائيلية، أنّ المخطط الحالي للنظام الأمني، "سيؤدي فيه جنود الاحتياط العام المقبل 2025 أيامًا من الخدمة العسكرية لا تقل عن التي تمّت تأديتها العام الجاري 2024، ومن المتوقع أن تكون أكثر من 100 يوم من العمل التشغيلي. وهذا فقط في سيناريو لا يتضمن المزيد من تفاقم الوضع الأمني" حسب المصادر الإسرائيلية.
قادة الائتلاف الحاكم غير آبهين بالعبء والتكلفة المالية لجيش الاحتياط لأنهم يعملون ليل نهار للحفاظ على الإعفاء التجنيدي لنحو 70 ألف من شباب "الحريديم" الذين هم في سن التجنيد
ونقل موقع كالكاليست عن مصدرٍ وصفه بالمطلع على المفاوضات الدائرة بين وزارة المالية وزارة الحرب الإسرائيلية، قوله "إنه وفقًا لخطة الجيش، سيظل هناك 7-8 مرات استخدام جنود الاحتياط أكثر مما كانت عليه قبل العدوان على غزة"، وأضاف المصدر الإسرائيلي أنه "كان من المفترض أن يقوم جنود الاحتياط في المتوسط بـ18 يومًا احتياطيًا سنويًا، لكنهم الآن سيعملون حوالي ما بين 120 إلى 140 يومًا احتياطيًا في السنة".
كما قال مسؤول أمني إسرائيلي وصفته كالكاليست بالكبير "إنّ الحاجة الهائلة لجنود الاحتياط لن تتوقف، حتى لو انتهت الحرب بشكلها الحالي، ويرجع ذلك جزئيًا إلى حقيقة أن الجيش قام بتكثيف جميع خطوط الدفاع بشكل كبير، وأنه حتى وفي عام 2025، سيضطرون إلى تعزيز الأمن وربما لمواصلة إدارة قطاع غزة بطريقة أو بأخرى"، مضيفًا "حيثما كانت هناك كتيبة واحدة قبل 7 أكتوبر، توجد الآن كتيبتان".
لكنّ الطلب الكبير على جنود الاحتياط لا يأتي فقط من زيادة المهام الموكلة إليها، وإنما يأتي أيضًا من تقليص القوة البشرية في الجيش الإسرائيلي، حيث يتم الحديث عن نقصٍ بنحو 10 آلاف مقاتل.
يشار في هذا السياق إلى ما أعلنته وزارة الحرب أمس الأربعاء من أنه منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، استقبل قسم إعادة التأهيل التابع لوزارة الأمن نحو 12 ألف جريح من الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن، وأنه منذ بداية العملية البرية في لبنان، أصيب نحو 900 مقاتل. ووفقًا لبيانات قسم إعادة التأهيل، فإن 51% من الجرحى هم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18-30 عامًا، وحوالي 8500 منهم يعانون من إصابات جسدية. وحتى يوم أمس الأربعاء، قُتل 776 جنديًا من الجيش الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
لكنّ المفارقة حسب المنتقدين لحكومة نتنياهو، تكمن في أنّ العبء الهائل على جنود الاحتياط والجنود النظاميين، والذي من المتوقع أن يستمر حتى عام 2025، لا يزعج ـ على ما يبدو ـ الائتلاف الحاكم، بالنظر إلى أنّ قادته يعملون ليل نهار للحفاظ على الإعفاء التجنيدي لنحو 70 ألف شاب أرثوذكسي متشدد من الذين في سن التجنيد، في إشارة لشباب الحريديم.
كما يرى منتقدو سياسة حكومة نتنياهو وائتلافه، أنّ قيام الحكومة وجيش الاحتلال "بتغيير السياسة بالعمل على تجنيد اليهود المتشددين، كفيل بأن يؤدي إلى توفير اقتصادي هائل يمكن أن يقلل من العجز أو الرسوم الضريبية المتوقع فرضها على الجمهور، وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ من شأنه أن يقلل من العبء على ضباط الاحتياط".
ميزانية وزارة الحرب:
تُمثّل المفاوضات المتعثرة بين وزارة المالية ووزارة الحرب الإسرائيلية خلفيةً للجدل الذي طفا على السطح، حول موازنة جيش الاحتياط. إذ تحاول الوزارتان منذ فترة التوصل إلى اتفاق حول حجم ميزانية الحرب لعام 2025.
وعلى الرغم من اقتراب موعد عرض مشروع الموازنة، لا تزال الفجوات بين الطرفين كبيرة جدًا، وفي المناقشات الأخيرة، تتراوح ميزانية وزارة الحرب للعام المقبل من 110 مليارات شيكل إلى 150 مليار شيكل
لكن وعلى الرغم من الفجوة الكبيرة، بين الرقمين المطروحين، قال وزير المالية بتسلئيل سموتريش أمس الأربعاء "إنه يعتقد أن الوزارتين ستتوصلان إلى اتفاقات قريبا".