ألترا صوت – فريق التحرير
أعلنت الحكومة البريطانية إجراءها تعديلًا على جهاز الاستخبارات البريطانية SIS عبر تعيينها الدبلوماسي ريتشارد مور رئيسًا لجهاز الاستخبارات الخارجية MI6، وهو الجهاز المسؤول عن جمع المعلومات الاستخباراتية خارج بريطانيا، ويقول إن أهدافه الثلاثة تتلخص في مكافحة الإرهاب، وعرقلة أنشطة الدول المعادية لبريطانيا أو حلفائها، فضلًا عن منح لندن أفضلية في الحرب السيبرانية.
لجهاز الـMI6 الاستخباري البريطاني سمعة عريقة في عالم التجسس والتجسس المضاد اكتسبها منذ وقت الحرب الباردة
فيما وصف وزير الخارجية دومينيك راب تعيين الدبلوماسي البريطاني في منصبه الجديد بأنه سيعود "بخبرة هائلة" على الاستخبارات البريطانية، بينما أعرب مور الذي سيعرف باسم C عن تطلعه لممارسة عمله "جنبًا إلى جنب مع فريق شجاع ومخلص في SIS، وهو يشغل في الوقت الراهن منصب المدير العام للشؤون السياسية في وزارة الخارجية منذ نيسان/أبريل 2018، فضلًا عن عمله بمناصب دبلوماسية في تركيا وفيتنام وباكستان وماليزيا.
اقرأ/ي أيضًا: بريطانيا والقذافي.. العراب توني بلير وجرائم لندن نيابة عن العقيد (2-1)
بحسب السيرة الذاتية لرجل الاستخبارات البريطاني فإنه ولد في ليبيا، وحصل على شهادة بالبكالوريوس في الفلسفة والسياسة والاقتصاد من جامعة أكسفورد، فضلًا عن حصوله على منحة من جامعة كينيدي للدراسات العليا في كلية كينيدي للإدارة الحكومية بجامعة هارفارد، وانضم إلى وكالة الاستخبارات الخارجية في عام 1987، كما أنه شغل منصب نائب وكالة الاستخبارات، ونائب مستشار الأمن القومي للحكومة البريطانية.
بينما تشير صحيفة التلغراف البريطانية إلى أن مور الذي يتحدث التركية بطلاقة، يستخدم بشكل منتظم حساباته الرسمية عبر منصات التواصل الاجتماعي، لذلك من غير المحتمل أن يحتفظ مور بحساباته الرسمية على منصات التواصل بمجرد استلامه مهامه الجديدة، بالنظر إلى أن عملاء الاستخبارات البريطانية لا يستخدمونها.
كما تقول الصحيفة البريطانية بأن مور كان من بين ثلاثة مرشحين لشغل منصب رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية من بينهم مور، إضافة للمدير العام لمكتب الأمن ومكافحة الإرهاب توم هيرد، نجل وزير الخارجية السابق دوغلاس هيرد، بالإضافة لاسم سفيرة بريطانيا في واشنطن كارين بيرس. فيما كانت التوقعات تصب في جانب هيرد الذي يملك أفضلية أعلى بسبب معاصرته لرئيس الحكومة بوريس جونسون في دراسته الجامعية.
وتشير التلغراف إلى أن تعيين مور في منصبه الجديد، بالإضافة لإجراء تعديل آخر بتعيين كين ماكالوم رئيسًا لجهاز الاستخبارات الداخلية MI5 في نيسان/أبريل الماضي، يأتي نتيجة للأوقات الصعبة التي يعيشها جهازي الاستخبارات البريطانيين مما له تداعيات سلبية على الأمن القومي، بالأخص بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وجائحة فيروس كورونا الجديد، بالإضافة للتوترات الدبلوماسية مع روسيا والصين.
في سياق متصل، كانت لجنة المخابرات والأمن في مجلس العموم (البرلمان) البريطاني قد كشفت في وقت سابق من الشهر الجاري، عن محاولة روسيا مرارًا التدخل في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في كانون الأول/ديسمبر الماضي، عبر نشرها وثائق مسربة تتعلق باتفاق للتجارة الحرة بين لندن وواشنطن قبل موعد الانتخابات عينها، فيما قال تقرير منفصل إن قراصنة يتبعون موسكو حاولوا قرصنة لقاحات خاصة بفيروس كورونا، تعمل عليها جهات وجامعات طبية بريطانية وكندية وأمريكية.
تشير تقديرات وكالة بلومبيرغ إلى أن تركيز لندن الاستخباري في هذه المرحلة تحول من مواجهة الإرهاب إلى مواجهة الصين
ووصف محللون اطلعوا على تقرير اللجنة الأمنية البريطانية بأن الهجمات السيبرانية التي أثرت على نتائج الانتخابات العامة تشير إلى أنها "تقنية قياسية روسية"، تم استخدامها سابقًا ضد الحزب الديمقراطي الأمريكي، وحملة الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون لانتخابات الرئاسة في عام 2017، مع الإشارة لفعاليتها في "تشويه سمعة الأهداف التي تختارها روسيا، سواء أكانوا أشخاصًا أو مؤسسات أو أحزابًا سياسية أو دولًا كاملة".
اقرأ/ي أيضًا: الفن الحديث كان سلاحًا للمخابرات الأمريكية
بينما تقول وكالة بلومبيرغ الأمريكية إن مور يتولى مهامه في الجهاز الاستخباراتي في الوقت الذي بدأت لندن بتحويل تركيزها عن مكافحة الجماعات الإسلامية المتطرفة، بالأخص بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، إلى التهديدات القادمة من الصين وكوريا الشمالية وروسيا، فيما قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن الصين ستكون أكبر تحد لمور، على اعتبار تحديدها بأنها العدو الجيوسياسي الرئيسي.
وركزت بلومبيرغ على أن مور كان أكبر ممثل دبلوماسي لبريطانيا في تركيا لمدة أربعة سنوات، إذ شغل منصب سفير لندن في أنقرة ما بين عامي 2014 – 2017، مشيرةً إلى أنه لعب دورًا هامًا في ترتيب زيارة وزير حكومي في أعقاب عملية الانقلاب الفاشل في 15 تموز/يوليو 2016، كان لها دور في تعزيز العلاقات الدبلوماسية البريطانية – التركية، فضلًا عن أنه كان من الشخصيات الدبلوماسية المحبوبة في أنقرة.
بهذا تكون لندن قد وضعت خيارها للمسمى الاستخباري الجديد أمام شخص يتمتع بالكثير من الصلات الدولية والخبرات الدبلوماسية، التي قد لا تقل أهميتها في عصر الحروب الهجينة عن أي خبرات أخرى يتطلبها منصب مماثل.
اقرأ/ي أيضًا:
ثقافة المخابرات: من يدفع للعازف يخترِ اللحن
الاعتذار لعبد الحكيم بلحاج.. تكفير بريطانيا المتأخر عن إرث توني بلير الإجرامي