يعيش السوريون حالة خوف وترقب في انتظار ما سيُسفر عنه مؤتمر بروكسل الثامن لـ"دعم مستقبل سوريا والمنطقة"، الذي سيُعقد غدًا الإثنين، 27 أيار/مايو الجاري، في العاصمة البلجيكية، وسط مخاوف المنظمات الأممية والإنسانية من تقليص المساعدات.
وتواجه وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية صعوبات متزايدة في الاستجابة للأزمة الإنسانية في سوريا نتيجة تقلص المساعدات المقدّمة من قِبل الدول المانحة لأسباب مختلفة، منها جائحة كورونا، والصراعات والحروب في أوكرانيا والسودان وقطاع غزة.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه الجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي للحرب مجمدة، وقع ملايين السوريين في براثن الفقر، ويكافحون يوميًا من أجل الحصول على الغذاء والرعاية الصحية مع تدهور الاقتصاد وتراجع حجم المساعدات الدولية، بحسب وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية.
تخشى وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية من تقليص المساعدات المقدّمة لمساعدة السوريين سواء داخل سوريا أو وفي دول اللجوء
وإضافةً إلى الفقر المتزايد، وانعدام الأمن الغذائي، يواجه اللاجئون السوريون عداءً متزايدًا في البلدان المجاورة، وخاصةً في لبنان حيث بدأت السلطات بترحيل السوريين قسرًا إلى مناطق النظام معرَّضةً حياتهم للخطر.
وبينما تقدِّم منظمات الإغاثة عروضها السنوية للمانحين قبل مؤتمر جمع التبرعات، غدًا الإثنين، فإنها تعتقد بأنه من المرجح أن تكون التعهدات غير كافية، وأن حجم المساعدات المقدمة سيُقلّص مرة أخرى.
وقال كارل سكاو، نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، لـ"أسوشيتد برس": "لقد انتقلنا من مساعدة 5.5 مليون شخص سنويًا إلى حوالي 1.5 مليون شخص في سوريا". وأضاف: "عندما أنظر إلى جميع أنحاء العالم، فإن هذا هو برنامج (المساعدات) الذي تقلص أكثر من غيره في أقصر فترة زمنية".
وذكر ديفيد كاردين، نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سوريا، أن ما جرى تأمينه من نداء الأمم المتحدة لتقديم المساعدة لسوريا في 2024 لا يتجاوز 6 بالمئة من المطلوب. وهذا يعني، بالنسبة لشمال غرب سوريا، أن الأمم المتحدة لن تكون قادرة إلا على إطعام 600 ألف شخص من أصل 3.6 مليون شخص يواجهون انعدام الأمن الغذائي. فيما يبلغ عدد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد نحو 12.9 مليون شخص.
وتحتاج الأمم المتحدة إلى أكثر من 4 مليارات دولار من " المساعدات المنقذة للحياة" لدعم ما يقرب من ثلثي الـ16.7 مليون سوري سواء داخل سوريا، أو في تركيا ولبنان والأردن. وتأمل المنظمة أن يتمكن مؤتمر بروكسل من تأمين المبلغ المطلوب.
وفي مناطق شمال غرب سوريا الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، فإن المساعدات: "هي حرفيًا مسألة حياة أو موت" هذا العام، حسبما قال كاردين لـ"أسوشيتد برس" خلال زيارة قام بها مؤخرًا إلى محافظة إدلب، مضيفًا أنه بدون التمويل ستغلق 160 منشأة صحية بحلول نهاية شهر حزيران/يونيو القادم.
وقالت رئيسة لجنة الإنقاذ الدولية في سوريا، تانيا إيفانز، إن الاحتياجات: "في أعلى مستوياتها على الإطلاق"، خاصةً مع تزايد أعداد السوريين الذين يلجأون إلى عمالة الأطفال ويستدينون لدفع ثمن الغذاء والأساسيات للبقاء على قيد الحياة.
ومنذ أكثر من 6 أشهر، لم تشهد العديد من المخيمات في شمال غرب سوريا وصول أي مساعدات إنسانية على الإطلاق، علمًا أن معظم سكان هذه المناطق الذين يتجاوز عددهم 5 ملايين شخص، يعتمدون على المساعدات الدولية للبقاء على قيد الحياة.
وفي لبنان، حيث يعيش ما يقرب من 90 بالمئة من اللاجئين السوريين في فقر مدقع، فإن تقليص المساعدات الإنسانية – إلى جانب الاستياء المتزايد والدعوات المتصاعدة لترحيلهم من لبنان إلى مناطق سيطرة النظام، حيث ينتظرهم السجن أو التجنيد الإجباري وبل والموت أحيانًا – يهدِّد حياة الكثيرين منهم.