تبدأ في العاصمة الفرنسية باريس اليوم الخميس فعاليات "المؤتمر الدولي لدعم لبنان" الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مسعًى منه لإثبات الدور الفرنسي في رسم مستقبل لبنان، وذلك في ظلّ الحرب القائمة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني التي أسفرت حتى كتابة هذا التقرير عن سقوط أكثر من 2400 شهيدًا.
وتصدّرت باريس في الفترة الماضية جهود البحث عن حلول لأزمة الشغور الرئاسي، وتحاول أن تُحافظ على نفس الدور الذي يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية تتصدى له من خلال المفاوضات التي بدأها مبعوثها آموس هوكشتاين في بيروت مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري.
ولعلّ هذا ما يفسّر عدم حضور الولايات المتحدة الأميركية ـ حليف إسرائيل الأول ـ "لمؤتمر دعم لبنان" في باريس، مع الإشارة طبعًا إلى توتر العلاقة بين ماكرون والمسؤولين الإسرائيليين على خلفية تصريحاته الأخيرة بشأن تزويد دولة الاحتلال بالأسلحة وما أثارته تلك التصريحات من انتقادات إسرائيلية وصلت إلى حدّ إعلان تل أبيب متابعة الرئيس الفرنسي.
يغيب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن مؤتمر باريس الدولي لدعم لبنان
تُقدّم فرنسا نفسها من "خلال المؤتمر الدولي لدعم لبنان بأنها " مسؤولةً عن "ضمان أمن واستقرار لبنان ودعم شعبه وسيادته"، مع تأكيد باريس أنها "تدعم حلًّا "على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي أنهى حرب العام 2006 بين حزب الله وإسرائيل".
ويشارك في مؤتمر باريس الدولي لدعم لبنان أكثر من 70 دولة ومنظمة دولية، وستبدأ فعاليات المؤتمر بكلمة للرئيس الفرنسي ماكرون، يليها عقد جلسة عامة تتضمن مداخلات للأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيرش وأخرى لرئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الذي التقى ظهر أمس الأربعاء الرئيس ماكرون في قصر الإليزيه.
حيث كرّر ماكرون التزام بلاده بما "قطعه للقادة اللبنانيين منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، واصفًا ما جرى بأنه "كان حوارًا ومطالبات في غاية الأهمية سواء مع الرئيس ميقاتي أو غيره من القادة الذين لهم تأثير في السياسة اللبنانية".
وذكر ماكرون أنّ مؤتمر باريس الدولي لدعم لبنان سيناقش "الأوضاع الأمنية ووقف إطلاق النار الذي يعد أولوية، بالإضافة للمساعدات الانسانية وتطبيق قرار مجلس الأمن 1701". مضيفًا أنّ "هذا الالتزام يأتي نتيجة للالتزام التاريخي من فرنسا ووقفها دائمًا إلى جانب لبنان".
أمّا رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي فأكّد أمام موعد المؤتمر الدولي أنه "يأمل الحصول على دعمٍ للشعب اللبناني"، مضيفًا القول "سنطلب مساعدات إنسانية ومساعدة أمنية".
وفي ظل غياب واشنطن وطهران عن المؤتمر، وهما جهتان مؤثرتان في المشهد اللبناني، تقلّ فرص نجاح مؤتمر باريس الدولي في وقف إطلاق النار، "وإن كان قد يسفر عن مبادرات على صعيد المساعدات الإنسانية" بحسب مصدر دبلوماسي فرنسي أكد أنه "ينبغي عدم توقع أيّ إعلان كبير حول إنهاء النزاع".
خطة نيويورك:
نهاية أيلول/سبتمبر الماضي طرحت باريس وواشنطن خطة دولية لوقف إطلاق نارٍ مؤقت في لبنان، لكن هذه المبادرة لم تكلل بالنجاح، ومع ذلك قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان الجمعة الماضية إن الخطة التي طرحت في نيويورك "لا تزال على الطاولة".
يشار إلى أنّ باريس تدفع نحو حل على أساس قرار مجلس الأمن 1701 الذي ينصّ على الانسحاب الكامل لإسرائيل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية والعمل على عودة النازحين.
وترى باريس أن عنصر القوة في هذه التسوية أنّ إنفاذها يعني "العودة إلى الوضع الذي كان قائما قبل الحرب الأخيرة".
لكنّ هذه التسوية لم تعد مقبولةً عند الإسرائيليين وحلفائهم الأميركيين من ورائهم على ما يبدو، فذلك ما يُفهم من وصف الشروط التي قدِم بها المبعوث الأميركي هوكشتاين إلى بيروت بالقاسية والصعبة.