شهد افتتاح مونديال قطر 2022 التواصل الأول بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والمصري عبد الفتاح السيسي، حيث تصافح الرئيسان على هامش افتتاحيات نهائيات المونديال الجاري تنظيمه في الدوحة، في ظل توقّعات أن تكون تلك المصافحة بمثابة اللحظة الفعلية لتجاوز حالة الفتور التي طبعت علاقة البلدين منذ تولي السيسي رئاسة مصر في عام 2014 والإطاحة بمحمد مرسي في انقلاب الثالث من يونيو/ حزيران 2013. كما جرى ربط هذا التقارب المصري التركي، بتقارب آخر بين تركيا والنظام السوري، حيث صدرت عدة مؤشرات من أنقرة في هذ الاتجاه الذي بات وشيكا حسب بعض المتابعين.
شهد افتتاح مونديال قطر 2022 التواصل الأول بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والمصري عبد الفتاح السيسي
وأعطى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشكل صريح الضوء الأخضر لذلك التقارب على هامش مشاركته في قمة العشرين التي عقدت في جزيرة بالي الإندونيسية الأسبوع الماضي عندما قال إنه "لا خلاف أبديّ في السياسة"، مرجّحًا أن تكون فترة ما بعد الانتخابات المقبلة في تركيا تموز/ يوليو 2023 فترة مناسبة لإعادة بلاده النظر في "علاقاتها مع كل من مصر وسوريا".
التقارب المصري التركي
على مستوى العلاقات المصرية التركية التي شهدت تراجعًا كبيرًا منذ الإطاحة بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي من طرف الجيش، أفادت وكالة الأناضول في تعليقها على المصافحة اللافتة بين الرئيس التركي ونظيره المصري في الدوحة إلى أن الرئيسين أجريا "لفترة وجيزة محادثات بينية".
وبالرجوع إلى الأشهر القليلة الماضية، تذكر المصادر أن البلدين دخلا في مشاورات سياسية منذ فترة "على مستوى كبار المسؤولين في وزارتي الخارجية العام الماضي". وسبق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن اعتبر في تموز/يوليو الماضي "أنه لا يوجد سبب لعدم إجراء محادثات رفيعة المستوى مع مصر"، مؤكّدًا أن "المباحثات التركية المصرية متواصلة عند المستوى الأدنى وليس هناك ما يمنع ارتقاءها إلى المستوى الرفيع"، في إشارةٍ إلى مستوى الرؤساء.
وفي هذا الصدد، كشفت مصادر تركية، أن ممثلين عن الجانبين التركي والمصري عقدوا "جولتين من المحادثات"، ذلّلت بعض العقبات، لكن بعض الملفات بقيت عالقة وحجر عثرة أمام استئناف العلاقات. وتتطلب هذه الملفات، التي قد يكون من بينها ملف المعتقلين السياسيين خاصةً من الإخوان المسلمين بالإضافة للمعارضة المصرية في تركيا، تدخلًا على مستوى الرئيسين التركي والمصري.
التقارب التركي مع النظام السوري
بخلاف ما كان من لقاء بين الرئيس التركي ونظيره المصري في العاصمة القطرية الدوحة، أكّد أردوغان مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي أنه لا توجد حاليًا ترتيبات لعقد لقاء بينه وبين رأس النظام السوري بشار الأسد، إلا أنه في ذات التصريح أكّد أن مثل "هذا اللقاء ليس مستحيلًا"، على حدّ قوله. ومؤخرًا، فتحت بالفعل قنوات التواصل بين الحكومة التركية والنظام السوري على عدة مستويات أمنية ودبلوماسية بحسب مصادر متعددة بعضها رسمي. ففي أيلول/سبتمبر الماضي نقلت مصادر صحفية، عن أن رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان زار العاصمة السورية دمشق وعقد سلسلة لقاءات مع المسؤولين في النظام السوري، لتذليل العقبات أمام استعادة العلاقات.
ومن بين المؤشرات الدالة على إذابة الجليد بين الطرفين ما كشفته صحيفة "تركيا" المقربة من الحكومة التركية بأن الطرف التركي "أنهى الاستعدادات لفتح بوابتين جديدتين باتجاه سوريا من أجل نقل البضائع والمساعدات الإنسانية، وهما بوابة الباب - أبوزندين وبوابة إدلب – سراقب". مرجّحةً، أن تكون "الخطوة التالية هي إعادة فتح معابر غازي عنتاب-كيليس-هاتاي".
الطرف التركي أنهى الاستعدادات لفتح بوابتين جديدتين باتجاه سوريا من أجل نقل البضائع والمساعدات الإنسانية
وتعليقًا على تقارب أنقرة مع مصر والنظام السوري نقلت وسائل إعلام تركية عن رئيس حزب الحركة القومية التركي دولت بهتشلي قوله: "اللقاء الذي أجراه رئيسنا مع السيسي في قطر هو لقاء صحيح. ومع ذلك، لا ينبغي أن نكتفي بذلك، بل يجب لقاء بشار الأسد. يجب تشكيل إرادة مشتركة ضد المنظمات الإرهابية" وفق تعبيره، في إشارة إلى التنظيمات الكردية المسلّحة المصنّفة على قائمة الإرهاب من طرف الحكومة التركية.