"ما لا نبوح به" (دار دوّن، 2018) هي الرواية الثانية للكاتبة المصرية ساندرا سراج بعد "سأرحل". تتناول الرواية الحب بكل مزاجيته وتقلباته وأحلامه وانكساراته، في رؤية أدبية لا تختلف كثيرًا عما تقدمه الكاتبة على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي، كونها مدونة شهيرة في الأصل.
تتناول رواية "ما لا نبوح به" الحب بكل مزاجيته وتقلباته وأحلامه وانكساراته، في رؤية لا تختلف كثيرًا عما تقدمه الكاتبة على صفحاتها في السوشيال ميديا
خلال أحد المؤتمرات الصحفية صرّحت ساندرا بأن شخوص رواية "ما لا نبوح به" من وحي الخيال، وأن أكثر الشخصيات التي تشبهها هي التي تتعبها في الكتابة عنها، ولا يوجد شخصية واحدة في الرواية تشبهها كلية، بل هناك بعض الصفات من كل شخصية تشبهها.
اقرأ/ي أيضًا: أدب رديء.. واقع أردأ
تبدأ الرواية بهروب إيلين من حب قديم، تترك مصر وتسافر إلى إنجلترا بحثًا عن حياة جديدة لا تعاني فيها خيباتها القديمة، ولكن رياح الحب تأتي بما لا تشتهيه سفن القلب، في إيقاع سريع وتقريبًا بمجرد وصولها، تذهب لتشرب القهوة فتلتقي بـ آدم، الذي يهب الحياة لمشاعر الحب عندها مرة أخرى.
تسلسل الأحداث بدا غير منطقيًا في كثير من الأحيان، يهدي آدم كتاب "كافكا على الشاطئ" لـ إيلين، ويطلب منها أن تتواصل معه إذا أعجبها كتابه، تقع هي في حبه من الوهلة الأولى وبلا مبررات منطقية أو دوافع أدبية، وكأنها فقط هربت من مصيرها المصري إلى مصيرها البريطاني. آدم ذو أصول عربية أيضًا!
عبر فصول قصيرة بعضها لا يتجاوز الصفحتين تستمر أحداث القصة، تعمل إيلين في شركة آدم، يلتقيان كثيرًا داخل العمل وخارجه، تنتظر إيلين لحظة الاعتراف بالحب بفارغ من الصبر، يعترف لها آدم، تسافر إلى مصر فتفاجأ به خلفها يطلبها للزواج من أمها، وفي يوم الزفاف وقبل الحفلة يصعقها بأنه كان متزوجًا وبأن زوجته انتحرت، تذهب إلى غرفته تخلع ملابسها أمامه وتطلب إقامة علاقة جنسية، ثم تطلب الطلاق، وكأننا نشاهد فيلمًا ولا نقرأ رواية.
يسافر آدم إلى لندن، تموت والدة إيلين وعندما يعلم آدم يعود إلى مصر، تشعر أنها في حاجة إليه، يصيبها المرض فتكتشف أنها حامل، إثر تلك العلاقة الوحيدة التي حدثت بينهما، نعلم جميعًا ما سيحدث بعد ذلك، يتزوجان وينجبان قبيلة من الأطفال، في بيت تغمره السعادة.
استحوذت قصة آدم وإيلين على السواد الأعظم من الرواية، بناء الشخصيات ذاته لم يكن مبهرًا فهم ليسوا هؤلاء الأبطال الذين يوقعون القارئ في غرامهم، ولكن بالأكثر يعبرون عن ما نعيشه في قصص حبّنا، في حين بدت الشخصيات الفرعية مثل ياسمين وليكسي باهتة للغاية، لا تعرف دوافعها لأفعالها وكأنها روبوتات.
من الوهلة الأولى بدت ساندرا واضحة في مقصدها، تخاطب جمهور الشباب ممن لا تستهويهم القراءة ولا يجذبهم عمق الشخصيات، بل سرعة الأحداث وقصر الرواية وتزويدها بكل الكلمات التي تصلح لأن تُكتب على مواقع التواصل الاجتماعي، لتعبر عن مأساة جيل هزمه الحب.
"ما لا نبوح به" رواية مسلية ذات إيقاع سريع، وقادرة على أن تشاركك قهوة الصباح أو تهوّن عليك طريق سفر طويل
هذه الرواية هي دعوة للتأمل أكثر منها للقراءة، مسلية ذات إيقاع سريع وقادرة تمامًا على أن تشاركك قهوة الصباح أو تهون عليك طريق سفر طويل، رواية تصنف على أنها من أدب pop art بامتياز، وكأنها كتبت لتعرف طريقها إلى صفوف الأكثر مبيعًا.
اقرأ/ي أيضًا: فيلم "هيبتا".. حكاية الأدب التجاري والسينما
يبدو أدب الشباب حاليًا مزيجًا من الحب والقهوة والفراق والعتاب، كثير من الكلمات المسيلة للدموع، وقليل من الصنعة الأدبية، يحسب للكتاب أنهم يجذبون بعض من لا يقرؤون إلى عالم القراءة، لدى ساندرا ولدى جيلي من الشباب حكايات كثيرة لم تروَ بعد.
اقرأ/ي أيضًا: