05-يونيو-2024
مسيرة الأعلام الإسرائيلية في القدس

(Getty) تتحول مسيرة الأعلام الإسرائيلية في القدس إلى مسيرة كراهية ضد الشعب الفلسطيني

يستعد الاحتلال الإسرائيلي لتنظيم مسيرة الأعلام الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، عصر اليوم، التي تتحول بشكلٍ مستمر إلى مسيرة كراهية للفلسطينيين والعرب. ومنذ ساعات الصباح، بدأت مجموعات من المستوطنين باقتحام المسجد الأقصى مع استفزاز الفلسطينيين، ورفح الأعلام الإسرائيلية في البلدة القديمة بالقدس، في ظل العدوان على قطاع غزة.

وينظم الاحتلال مسيرة الأعلام الإسرائيلية بشكلٍ سنوي، في ذكرى احتلال الشق الشرقي من مدينة القدس عام 1967.

وفي سنوات الماضية، تحولت مسيرة الأعلام إلى نقطة تصعيد إسرائيلي. إذ أدت إلى في عام 2021 لحرب استمرت لمدة 11 يومًا بين قطاع غزة والاحتلال مع هبة فلسطينية واسعة شملت كافة فلسطين التاريخية، في أيار/مايو 2021، مما أدى إلى تغيير مسار المسيرة.

تتزامن مسيرة الأعلام الإسرائيلية في القدس المحتلة مع العدوان على قطاع غزة

وفي عام 2022، لم يتم تغيير المسار على الرغم من تحذيرات عدة جهات، بما في ذلك السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل، توم نايدز، من أنه قد تؤدي إلى مزيد من العنف.

ومرت مسيرة العام الماضي، والتي جاءت بعد أيام من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لإنهاء خمسة أيام من العدوان على غزة، دون وقوع أي حادث. وتأتي المسيرة هذا العام في ظل عدوان الاحتلال على قطاع غزة.

وقال وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، المسؤول عن شرطة الاحتلال، الأسبوع الماضي، إنه سيشارك في المسيرة وشجع أنصاره على الانضمام.

وقالت شرطة الاحتلال الإسرائيلي، يوم الثلاثاء، إنه سيتم نشر حوالي 3000 ضابط في البلدة القديمة والمناطق المحيطة بها بعد ظهر الأربعاء وسيتم إغلاق العديد من الطرق الرئيسية.

بدورها، أكدت حركة حماس أن "سماح حكومة الاحتلال الفاشية لقطعان المستوطنين، بتنظيم ما يسمى بمسيرة الأعلام، في شوارع القدس المحتلة، وما يرافقها من اعتداءات وانتهاكات بحق شعبنا ومقدساتنا، وبحماية كاملة من شرطة الاحتلال؛ هو تأكيدٌ لعنجهية هذه الحكومة الفاشية، ونهج الاحتلال الساعي لتهويد المقدسات، وعدوان على مشاعر مئات الملايين من المسلمين حول العالم".

وحذَّرت الحركة "الاحتلال من مغبّة مواصلة هذه السياسات الإجرامية بحقِّ مقدّساتنا، وفي القلب منها المسجد الأقصى المبارك".

وقال حماس: "المقاومة التي تسطّر البطولات في معركة طوفان الأقصى الممتدة على أرضنا الفلسطينية، وتلاحِق الاحتلال ومستوطنيه في الضفة الغربية؛ ستجد طريقها لإيلام هذا العدو المجرم، بما يضمن لجم قادته من المستوطنين المتطرفين".

ودعت الشعب الفلسطيني في الضفة والداخل "للنفير العام"، وجعل يوم الأربعاء "ظيوم غضب ونصرة" للمسجد الأقصى.

مسار مسيرة الأعلام الإسرائيلية

وتقرر فتح المسجد الأقصى منذ ساعات الصباح لاقتحامات المستوطنين، وقد أطلق أعضاء من المنظمات المتطرف التي تدعم "هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل" حملة لزيادة وتيرة الاقتحامات خلال اليوم. 

ويدعم وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير هذه الجهود، قائلًا في مقابلة مع إذاعة جيش الاحتلال: "سوف يسير اليهود عبر باب العامود ويذهبون إلى جبل الهيكل [المسجد الأقصى] على الرغم من حماس، إذ يجب أن يُضربوا في أهم موقع لهم"، وفق تعبيره.

وفي فترة ما بعد الظهر، تبدأ مسيرة الأعلام الإسرائيلية التي تقوم بها المعاهد الدينية الصهيونية من القدس الغربية. وسيسير المشاركون إلى البلدة القديمة، وسينظمون مسيرة حاشدة في ساحة حائط البراق في النهاية.

يشار إلى أن الالتماسات التي قدمت في الماضي ضد مسار المسيرة عبر باب العامود والحي الإسلامي قد تم رفضها من قبل المحاكم الإسرائيلية.

وخلال المسيرة، ستقام مراسم رسمية حول ما يسمى إسرائيليًا بـ"توحيد القدس" في تلة الذخيرة، التي شهدت واحدة من المعارك البارزة خلال حرب 1967. وقرر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو التغيب عن المشاركة في هذه المناسبة.

ما هي مسيرة الأعلام الإسرائيلية؟

ومسيرة الأعلام هي جزء من "الاحتفالات" الإسرائيلية في ما يطلق عليه "يوم توحيد القدس"، الذي يعود إلى يوم 7 حزيران/يونيو 1967، عندما تمكن الجيش الإسرائيلي من استكمال احتلال فلسطين ودخوله إلى شرق مدينة القدس. 

وبعد عام من الاحتلال تم الاحتفال في أول ذكرى لـ"توحيد القدس" باعتباره يومًا وطنيًا إسرائيليًا، بحسب التقويم العبري. يذكر أن التقويم العبري هو التقويم الرسمي للأعياد الوطنية الإسرائيلية. وكان المبادر وراء هذا اليوم مجموعة من الحاخامات بالتعاون مع حكومة الاحتلال.

هذا القرار الذي اتخذ بعد عام من الاحتلال تم تثبيته في قانون عام 1998، باعتباره يوم عطلة وطنية. وضمن فعاليات "يوم القدس"، وكان بهدف تنظم مسيرة سنوية للمجتمعات الاستيطانية مثل الكيبوتسات والمدن البعيدة التي تحضر إلى المدينة من أجل المشاركة في احتفالات "التوحيد" وإحياء ذكرى جنود جيش الاحتلال القتلى أثناء معارك احتلال القدس. بالإضافة إلى تجمع كبير يقام في المدرسة الدينية مركاز هاراف، يشارك فيه حاخامات وشخصيات سياسية وقوميون متدينون.

ويحصل الحدث على دعم مالي من قبل بلدية القدس ووزارة التربية والتعليم وجمعيات أخرى، ووصلت تكلفته عام 2018 إلى حوالي 300 ألف دولار. وخلال المسيرة، يتحرك مستوطنون مع أعلام إسرائيلية في شوارع المدينة برفقة فرق موسيقية تعزف أغنيات دينية يهودية. 

ومنذ عام 2010 حتى عام 2016، منعت المسيرة من دخول بوابة الحي الإسلامي في داخل البلدة القديمة، كما تعرض مسارها للتغير خلال السنوات العشر الأخيرة، حتى وصلت إلى لحظة حاسمة عام 2017 في الذكرى الـ50 لاحتلال القدس، وفي حينه طوقت المسيرة كافة أسوار البلدة القديمة. أما العام الأبرز للمسيرة فقد كان عام 2021، عندما تقاطعت مع شهر رمضان واقتحامات المسجد الأقصى، بالإضافة إلى محاولة تطهير حي الشيخ جراح عرقيًا. حيث إن اجتماع هذه الأحداث أطلق هبة أيار التي شملت كافة فلسطين، واندلعت بالترافق معها معركة سيف القدس، التي ساهمت في تأجيل الحدث، وإقامته في يوم آخر ومسار مختلف تمامًا عن الذي أقر، وتم تجنب المرور من باب العمود والبلدة القديمة.

وبحسب مصادر إسرائيلية، فإن حكومة الاحتلال تسعى اليوم إلى المصادقة على مقترح بهدف "إيجاد بدائل لنشاطات الأونروا في القدس"، كي يتزامن مع "يوم القدس" الإسرائيلي.

ويستهدف القرار، خدمات الأونروا التي تقدم في مجالات التعليم والصحة وغيرها من الخدمات، في مناطق شرق القدس، التي تحتوي على مخيمات للاجئين. يذكر أن كنيست الاحتلال وافق الأسبوع الماضي بشكل متزامن على ثلاثة مقترحات في قراءة أولية، لإنهاء العلاقات بين إسرائيل والوكالة الأممية.

بلطجية بن غفير

وتناولت افتتاحية صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مسيرة الأعلام الإسرائيلية، وجاءت بعنوان "آخر ما تحتاجه إسرائيل هو عرض بن جفير الخطير للبلطجة اليهودية".

وافتتحت، بالقول: "وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير عازم ومصمم على تصعيد التوترات الأمنية في الشرق الأوسط ويستخدم كل أداة في ترسانته لإثارة الحرب على جبهات إضافية. وكأن الجبهات القائمة والتحديات العسكرية والدبلوماسية القائمة التي تواجهها إسرائيل لم تكن كافية، أصر بن غفير –الآن أكثر من أي وقت مضى– على إقامة مسيرة العلم السنوية في القدس على طول طريقها المعتاد القابل للاشتعال، ومن المتوقع أن يشارك هو نفسه مع نشطائه لضمان حدوث الاستفزازات".

وأضافت، بشكلٍ ساخر: "هذا هو بالضبط ما نحتاجه الآن: مهرجان للبلطجة اليهودية القبيحة، حيث يسعى، سنة بعد سنة، مئات من الشباب اليهود الغاضبين، معظمهم من الحركة الصهيونية الدينية، إلى خلق استفزازات من خلال ترديد الأغاني والشعارات العنصرية في القلب البلدة القديمة، بما في ذلك أغاني مثل ’شعفاط تحترق’، ’العربي ابن عاهرة’، ’الموت للعرب’، ’محمد مات’ و’لتحترق قريتهم’".

واستمرت في انتقاد بن غفير، بقولها: "إن رغبة الوزير المهووس بإشعال الحرائق وفي إثارة الاستفزازات ليست مسألة تفسير. وفي مقابلة مع إذاعة الجيش يوم الثلاثاء قبل مسيرة الأربعاء، قال صراحة أن هذا هو هدفه، موضحًا: سوف نسير عبر باب العامود وسنصعد إلى جبل الهيكل [المسجد الأقصى] بالرغم منهم. علينا أن نؤذيهم في المكان الأكثر أهمية بالنسبة لهم، وعلينا أن نأتي ونقول إن جبل الهيكل [المسجد الأقصى] لنا والقدس لنا’".

وتابعت الصحيفة الإسرائيلية: "مارس بن غفير، الوزير المسؤول عن الشرطة، ضغوطًا، ووافقت الشرطة على المسار وقررت نشر 3000 شرطي على طوله. تحث الشرطة الجمهور على التصرف بمسؤولية والامتثال لتعليمات السلامة الخاصة بهم، حتى عندما يتصرف مسؤول منتخب بشكل غير مسؤول من خلال محاولته إثارة حرب دينية على الحرم الشريف في ذروة الحرب المستمرة".

وطال نتنياهو الانتقاد من قبل "هآرتس"، بقولها: "مع ذلك، فإن المشكلة الحقيقية ليست في بن غفير، بل في الشخص الذي أضفى الشرعية على الكاهانية وسلم الوزارة الأكثر حساسية في الحكومة إلى مثل هذا الشخص الخطير الذي يفتقر إلى الكفاءة، وهو على وجه التحديد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ثم قرر نتنياهو نفسه ترك بن غفير في هذا المنصب الحساس، ومنحه المسؤولية والسلطة على الأمن الداخلي لإسرائيل، حتى بعد اندلاع الحرب".

تناولت افتتاحية صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مسيرة الأعلام الإسرائيلية، وجاءت بعنوان "آخر ما تحتاجه إسرائيل هو عرض بن جفير الخطير للبلطجة اليهودية"

وأضافت: "لا شيء يستطيع نتنياهو فعله سيطهره من المسؤولية واللوم عن سلسلة الكوارث التي ألحقها بإسرائيل من خلال سياساته المعيبة وقيادته المسمومة. وفي هذه الحالة أيضًا، كان بإمكانه أن يأمر بتغيير مسار المسيرة. ولكن كعادته اختار الشر على الخير. بن غفير رجل خطير، ولم يكن من المفترض أن يُعهد إليه بأي صلاحيات وزارية، ناهيك عن السيطرة على الشرطة".

وختمت بالقول: "الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله هو الأمر بتغيير مسار المسيرة. علينا أيضًا أن نأمل أن يأمر مفوض الشرطة كوبي شبتاي -الذي تحدث علنًا ضد عدم مسؤولية الوزير الذي يتبعه- الشرطة بعدم السماح للبلطجية اليهود والمهووسين بإشعال الحرائق بإثارة أعمال شغب وإيذاء سكان المدينة".