كلما استجد طارئ دولي، أو عملية لإعادة خلط الأوراق وتحديد مناطق النفوذ، شهدت مناطق النزاعات والحروب أحداثًا بارزة، قادرة، مع نشاط إعلامي على مستوى الرأي العام الدولي، أن تغطي وتمنح طرفًا من أطراف النزاع ما يريد. كلما اجتمع مجلس الأمن بخصوص سوريا مثلاً، تحدث مجزرة! قد تكون صدفة لمرة، أو مرتين.. ولكن المجنون فقط يبقى على اقتناعه أن ذلك محض صدفة بعد تكرار هذه المجازر في كل مرة يجتمع فيها مجلس الأمن، شاهدًا على معاناة الأطفال في الحروب ومعاناة من هم دونهم أو فوقهم في الهشاشة والضعف.
يكون الأطفال مادة استغلال في الحرب مع غياب تام لأي وازع لتجنيبهم آثار النزاع
الأطفال في الحروب، لم يسلموا من الاستغلال أيضًا، في كل يوم، يقتلون في مناطق الحروب والنزاعات، ولا أحد يذكرهم على اعتبار أن هكذا خسائر "جانبية" تعتبر أمرًا منطقيًا في أي حرب، من الحرب العالمية الأولى، إلى أحدث حرب تحصل اليوم في اليمن. يتم استغلال الأطفال، أيضًا عند الحاجة إلى خلط الأوراق! وقتها فقط يجري تصويرهم، وبناء البروباغاندا على أشلائهم لعرضها على الرأي العام الدولي وتحريكه بحيث يتقبل من بعدها أي إجراء يقوم به من صنع تلك الدعاية الإعلامية، إن كان لقصف أهداف هنا، أو حتى تدخل عسكري كامل هناك.
من الواضح أن الأطفال في مناطق الحرب والنزاع، يتعرضون لشتى أنواع الأذى الجسدي، إن كان لدفعهم للمشاركة في تلك الحروب (أفريقيا-سورياـالعراق) أو من خلال تعرضهم للقتل والإصابة أثناء الحرب، ويبقى دائمًا الأثر المعنوي المدمر لكل حرب تحصل قائمًا، ويحدث أيضًا أن يتم استغلال معاناة الأطفال إعلاميًا بأبشع الوسائل.
معاناة الأطفال في الحرب.. من المأساة إلى الدعاية
من مادة دعائية على وسائل التواصل الاجتماعي هدفها حصد أكبر عدد ممكن من التعليقات والإعجابات، إلى مادة للنقاش وتبادل الاتهامات والتشكيك بحقيقة الصورة، كأن المطلوب من الطفل أن يبرز شهادة وفاته أو إفادة من الطبيب الشرعي كي يصدق الناس أنه يتألم، بينما يجلس هؤلاء خلف شاشات أجهزتهم الذكية، ويحللون ويتناقشون، ثم بعد فترة، تنخفض حرارة النقاش، وتختفي صورة الطفل من كل مكان، في انتظار مادة جديدة!
تؤكد تقارير متقاطعة، نشرتها عدة شبكات معنية بحقوق الإنسان والأطفال، مقتل ما يزيد عن 10 آلاف طفل في سوريا خلال السنوات الخمس الماضية
في سوريا، يعيش الأطفال أسوأ مأساة إنسانية عرفتها البشرية، إذ تؤكد تقارير متقاطعة، نشرتها عدة شبكات معنية بحقوق الإنسان والأطفال، مقتل ما يزيد عن 10 آلاف طفل في سوريا خلال السنوات الخمس الماضية، بينهم 2305 دون العاشرة، و376 رضيعًا، عدا عن حالات تعذيب عنيفة لا تختلف عن تلك التي يتعرض لها الكبار. الشبكة السورية لحقوق الإنسان ذكرت في تقرير لها نوعًا آخر من العذاب المعنوي الذي تعرض له أطفال في سوريا بعد مشاهدتهم لمقتل ذويهم أمامهم. والممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة أشارت إلى أن عدد الأطفال اللاجئين أو المشردين داخل سوريا وصل إلى ثلاثة ملايين طفل.
وقد سلط تقرير منظمة "أنقذوا الأطفال" الدولية الضوء على حجم المعاناة والمأساة والكارثة الإنسانية التي يتعرض لها أطفال سوريا، واستعرض تقرير المنظمة الدولية الصادر بعنوان: "الطفولة تحت النار"، ظروف الأطفال السوريين الذين يعيشون في ظروف الحرب، حيث أكد التقرير أن ثلاثة من كل أربعة أطفال سوريين فقدوا أحد ذويهم، وأن طفلاً من بين كل ثلاثة أطفال، تعرض للأذى الجسدي، مبينًا أنهم يعيشون في ظروف إنسانية قاسية، وحرمان معظمهم من الرعاية الصحية.
كما نبهت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، في أحد تقاريرها، من خطر تواصل العنف والنزوح المتزايد على الأطفال، مشيرة إلى أن "تواصل العنف والنزوح المتزايد، يدمر البنية التحتية والخدمات الأساسية نتيجة النزاع، ويهدد جيلاً كاملًا من الأطفال، ويصيبهم بجروح جسدية ونفسية قد تؤثر فيهم مدى الحياة".