شهدت العاصمة اللبنانية بيروت، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية المخصصة للتضامن مع أهالي القطاع المنكوب، وتسليط الضوء على ما يتعرضون له، وما تعرّض له الفلسطينيون عمومًا على مدار 75 عامًا من الاحتلال.
ضمن هذا الإطار، افتتحت "مؤسسة رمزي وسعيدة دلّول للفنون"، ببيروت مساء الأربعاء الفائت، الحادي والعشرين من كانون الأول/ديسمبر الجاري، معرضًا فنيًا مخصصًا لأطفال غزة الأبرياء الذين قضوا ضحية العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ 86 يومًا، على أن يستمر حتى الخامس عشر من شباط/فبراير القادم.
يسلط المعرض الضوء على معاناة الفلسطينيين والأصوات التي غالبًا ما لا تجد من يسمعها في ذروة الصراع، أي: أصوات الأطفال
يحمل المعرض عنوان "أمير غزة الصغير" المستوحى من عنوان تمثال البرونز "الأمير الصغير: طفل غزّة" (2010) للنحّات والفنان التشكيلي اللبناني شوقي شوكيني (1946). ويسلط، بحسب المنظمين، الضوء على: "القضية الفلسطينية بعمومها، وعلى الظروف التي يعيشها الأطفال الفلسطينيون على وجه التحديد".
كما يقدّم المعرض، في سياق العدوان الإسرائيلي الوحشي المتواصل على قطاع غزة، منصة تسلّط الضوء على معاناة الفلسطينيين والأصوات: "التي غالبًا ما لا تجد من يسمعها في ذروة الصراع: أصوات الأطفال". إنه، لذلك، ليس: "عرضًا فنيًا فحسب، إنما هو تذكار، وسرد، وتحية إجلال لأكثر من 8.500 روح فتيّة بين عمر اليوم و18 عامًا، فقدناها"، وكذلك: "لصمود ثقافة ما تزال قادرة على الأمل رغم كل الصعاب.
يضم المعرض مجموعة واسعة من الأعمال الفنية لعدد من التشكيليين العرب، مثل يوسف عبد لكي، وضياء العزاوي، وسليمان منصور، ونبيل عناني، وأيمن بعلبكي، وعامر الشوملي. بالإضافة إلى إسماعيل شموط (1930 – 2006)، وليلى الشوا (1940 – 2022)، ونذير نبعة (1939 – 2016)، وغيرهم.
وبين أعمال هؤلاء، وغيرهم من الفنانين، يقف تمثّال "الأمير الصغير: طفل غزة" الذي يمثّل، وفق ما جاء في بيان المنظمين، قلب المعرض، إذ يقدّم: "تمثيلًا ماديًا ملموسًا لمن وما تدمّره الهجمات الحربية التي يتعرّض لها قطاع غزة". وأضاف: "التمثال المصنوع من البرونز، والذي يتجاوز طوله المتر بقليل، يحكي قصّة متداخلة ومتشابكة تعكس تقطُّع حياة أطفال غزّة وتفتُّتها، وتأثير تشظّيها فيهم".
يجسّد التمثال طفلًا مذهولًا يحدّق في ما قد يبدو أنه، وللوهلة الأولى، فراغ ممتد. لكنه في الواقع يحدّق في المذبحة القائمة في غزة. وهو، بطريقة تجسيده، يبدو في حالة صدمة أبدية لا يمكن تجاوزها. يقول المنظمون: "إذ كان المغزى من هذه الموادّ أن تعكس التداعي والتفكّك الذي يعيشه الأطفال تحت الاحتلال، فقد تجسّدت الآن كأطراف مبتورة، ودمار للبيوت الآمنة، ومزيد من التشريد للفلسطينيّين في أرضهم".
وبينما يمثّل بعض أوجه هذا التمثال الواقع التراجيدي، فإن قلبه المنحوت، مع ذلك، يخبرنا: "بأن هناك ما هو أكثر من ذلك: بعينه المحفورة ينظر الصغير باتجاه المستقبل، بينما يصرّ قلبه – الحاضر أبدًا – على التشبث بالحياة".