منذ بدء الحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، نظّم العديد من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين والعرب عدة معارض تشكيلية تسلط الضوء على ما يجري في غزة، وتستعيد ما جرى في فلسطين وما تعرض له الشعب الفلسطيني على مدار أكثر من 75 عامًا من الاحتلال.
في هذا الإطار، افتتحت الفنانة التشكيلية المصرية هبة حلمي الثلاثاء الفائت، 21 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، معرضًا فنيًا يحمل عنوان "بقاء"، ويتواصل حتى الثاني من كانون الأول/ ديسمبر القادم في قاعة الباب سليم بمتحف الفن الحديث في دار الأوبرا المصرية.
تسعى هبة حلمي من خلال معرضها إلى مقاومة تحوّل الشهداء في قطاع غزة إلى أرقام
أقامت حلمي معرضها الحالي بدلًا من آخر كانت تستعد لافتتاحه قبل بدء العدوان، لكن الأخير وما انطوى عليه من مجازر وجرائم وحشية بحق الشعب الفلسطيني، دفعها إلى استبدال الأعمال التي كانت تنوي عرضها بأخرى تتناول معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة.
تقول حلمي: "أثناء التحضير لهذا المعرض، وأنا على مشارف الانتهاء، حدثت أمور كبرى. أمور كبرى على مقربة من النَفْس والجغرافيا. بين ليلة وضحاها، وَجَد بني البشر أنفسهم أمام موبايلاتهم وشاشات تلفزيوناتهم يتابعون إبادة جماعية للفلسطينيين على الهواء مباشرةً، فتحوّل الشهيد إلى رقم، وأصبحت الدقائق عدّادات للموت، وغروب الشمس إنذارًا للدخول في مملكة الظلام وعالم سفلي تحت الركام، وشروقها كشف سافر عن وجه هذا الكوكب الوحشية".
وتضيف التشكيلية المصرية: "فإذا بي في مأزق.. ما عساي فاعلة؟ هل أكمل العمل على معرضي وكأن شيئًا لم يكن؟ أم أن كياني هذا الذي يعيش هذا المأزق يحتاج هو الآخر إلى قناة من قنوات التعبير عن غضبه وحزنه؟ ليس في مقدوري أن أقضم الحسرة وأبتلعها.. لن تُهضم. لذا أضفت إلى المعرض بعض الأعمال الجديدة بقدر ما أتاح الوقت وحذفت أخرى".
ينقسم المعرض إلى قسمين، يضم الأول جدارية ضخمة من القماش، تتدلى من السقف وتمتد على الأرض لمسافة أكثر من 20 مترًا، مسجّلٌ عليها أسماء عدد كبير من الشهداء الذين ارتقوا جراء القصف الإسرائيلي على غزة.
أما القسم الثاني، فيشتمل على عدد من قطع الفخار المكسور، التي قدّمت هبة حلمي من خلالها معالجة فنية لشخصية حنظلة التي ابتكرها فنان الكاريكاتير الفلسطيني الشهيد ناجي العلي، وتُعد اليوم أيقونة من أيقونات المقاومة الفلسطينية.
وفي تصريح صحفي، أوضحت هبة حلمي أن الغاية من تدوين أسماء الشهداء على الجدارية هو حفظها في مكان آمن من النسيان، بوصفهم: "بوصلة إنسانيتنا للنجاة".
وأوضحت التشكيلية المصرية في كلمة كتبتها عن المعرض أنها تسعى من خلاله إلى: "مقاومة تحوّل الشهيد إلى رقم"، مشيرةً أيضًا إلى أن المقصود بعنوان المعرض، "بقاء"، هو: "بقاء الحياة، بقاء القضية العادلة، بقاء المقاومة، بقاء الشعب العنيد، بقاء غزة حرة".