يقول الخبر إننا تجاوزنا يوم الأربعاء، 2 آب/أغسطس 2023، حدود ما تستطيع الكرة الأرضية توفيره لنا من غذاء، لأنّ مواردها السنوية انتهت فعليًّا يوم 4 أيار/مايو الماضي من السنة الجارية، أما في السنة الماضية فكان اليوم الأخير لاستنفاذ الموارد هو يوم 28 تموز/يوليو، وهذا يعني أنّ البشرية استهلكت عام 2023 موارد أقلّ من عام 2022، وفق حسابات المنظمة البيئية الأمريكية "Global Footprint Network".
على هذا فإننا، في النصف الثاني من عام 2023، نأخذ من الأرض أكثر مما يمكنها أن تُعطي، ونستهلك من الموارد الطبيعية أكثر مما هو متاح بالفعل.
إلى جانب ذلك، لا تزال انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في تصاعد مستمر، فلم نشهد وجود نوايا وجهود حقيقية لإزالته، أو الحدّ منه، فلا يزال الاعتماد على الوقود الأحفوري في التدفئة المنزلية قائمًا، إلى جانب كل الكوارث التي يسببها نمط الحياة الاستهلاكي، من طريق الأكل واللبس والمواصلات، وحتى إنتاج كميات هائلة من النفايات.
يقول الخبراء إنه يجب علينا العمل على تأجيل يوم تجاوز الأرض لحدها الأقصى من الموارد لمدة 19 يومًا كل عام، وعلى مدى السنوات السبع المقبلة، وسيكون ذلك ممكنًا إذا جرى التقليل من هدر الطعام إلى مستوى النصف
يقول الخبراء إنه يجب علينا العمل على تأجيل يوم تجاوز الأرض لحدها الأقصى من الموارد لمدة 19 يومًا كل عام، وعلى مدى السنوات السبع المقبلة، وسيكون ذلك ممكنًا إذا جرى التقليل من هدر الطعام إلى مستوى النصف في جميع أنحاء العالم، كي نكسب وقتًا إضافيًّا للموارد.
طبعًا يحتاج ذلك إلى العمل على نمط عيش متوازن مع الطبيعة، ويقوم بشكل أساسي على الحد من الانبعاثات.
أما موضوع الطعام فيبقى مرعبًا، ليس لجهة استنفاد الموارد وحسب، بل أيضًا للكميات الهائلة من الهدر التي تتحول الى عبء كبير على الكوكب، فلا تزال الشركات الكبرى تُنتج كميات كبيرة في أسواق الغرب التي لا تستهلكه كله، ويحدث أن تتلف، بشكلٍ يوميّ، ملايين الأطنان من الفاكهة والخضار لأنّ كثيرًا من حبات الطماطم والباذنجان أو قرون الموز.. وغيرها لا تتمتع بالشكل الجذّاب الذي يؤهلها لتنال شرف العرض على رفوف السوبرماركت.
ولا نحتاج هنا إلى أن نتحدث عن الوجه المقابل لهذا العبث اللامسؤول، من شعوب كثيرة تعاني في أصقاع الأرض من الجوع.
لطالما كان لدى الأرض فائض من الموارد والخيرات بما يكفي للجميع، وعلى مدار وقت طويل، لكن نمط الرفاهية أوصل كوكبنا إلى استنزاف مخيف، لم تعد الأرض معه قادرة على مدنا بحاجاتنا الأساسية إلى منتصف السنة، وبالتأكيد سيؤدي استمرار الأساليب القائمة إلى مزيد من التراجع، ولن يكون بعيدًا الوقت الذي سيصل فيه الاستنفاد إلى ربع سنة الأول، ثم إلى شهر.. ثم يحلُّ الرعب على عالم صفرِ الموارد!
عمليًّا بتنا نستدين من الطبيعة ولا نرد لها شيئًا من الدين، بل على العكس نقوم بإنتاج نفايات وسمومًا وتلوثًا، مُسرّعين من القضاء عليها، وها هي العلامات باتت واضحة: معدلات مخيفة للحراة في دول الجنوب مع شح كبيرة في المياه العذبة. وذوبان في جليد الأرض وازدياد في منسوب مياه البحار، مع تهديد مروع لجزر كثيرة بالغرق، وحديث عن هجرة مناخية، وغذاء يتلاشى.
الحديث عن الانتقال إلى خطط لتجاوز الوضع القائم، من اعتماد الطاقة البديلة وتقليل النفايات والسموم؛ حديث كاذب، والشيء الوحيد الصادق والواضح أن النهاية آخذة في رسم السيناريو الأخير.
اللاعادل في القصة أن الذين تسببوا في كل هذا سيكونون آخر من سينالهم بأضراره.