تتوارد معلومات عن نية الجيش الإسرائيلي الإعلان عن انتهاء الحرب على غزة، بعد إكمال العملية العسكرية في رفح خلال الأسابيع القادمة، والتركيز على عمليات مداهمة لمواقع للمقاومة في القطاع، بادعاء أنّ ذلك "يمنح فرصة لخطوات أخرى"، بحسب تحليل لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نُشر اليوم الجمعة.
وذكرت مصادر أنّ الجيش الإسرائيلي سيطلب خفض قواته في محوري فيلادلفيا ونيتساريم، كما سيتم إعادة تحريك الاتصالات حول وقف لإطلاق النار في غزة وصفقة لتبادل المحتجزين والأسرى، رغم أن "احتمالات ذلك لا تبدو مرتفعة حاليًا"، وفق الصحيفة الإسرائيلية.
وبحسب المحلل العسكري في "هآرتس"، عاموس هرئيل، فإن نجاح هذه الخطوة، سيسمح للجيش باستغلالها لإعادة تنشيط عناصره، فيما ستحاول الولايات المتحدة التوصل إلى "اتفاق سياسي"، لإنهاء القتال بين إسرائيل وحزب الله، يهدف إلى إبعاد عناصر الحزب عن الحدود الشمالية.
لكن في حال لم تنجح هذه الخطوة، فإن الجيش الإسرائيلي سيستعد لشن حرب شاملة ضد لبنان، رغم أنّ كافة التقديرات تشير إلى أنها ستكون حربًا إقليمية متعددة الجبهات تشارك فيها إيران.
تشير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن نهاية الأسبوع الماضي شهد مقتل 11 جنديًا من إسرائيليًا في قطاع غزة، 8 منهم من فيلق الهندسة برفح، عندما انفجرت ناقلة جنود مدرعة من طراز "النمر" كانت تقلهم بلغم أرضي. وهذه الخسائر مؤشر على حجم وشدة القتال في القطاع.
في الصورة الأساسية للوضع، لم يطرأ أي تغيير فعلي على الجبهتين. الحكومة والجيش الإسرائيلي لم ينجحا في الخروج من المأزق الاستراتيجي العميق منذ 7 أكتوبر
ولفتت "هآرتس" إلى أنّ الجيش الإسرائيلي لا يستطيع تقدير الوضع عند حماس، إذ أعلن منذ بداية العملية العسكرية في رفح عن قتل حوالي 550 مقاتلًا، وأن عددًا كبيرًا من مقاتلي الحركة توجهوا شمالًا، وسيشكلون "قوة احتياطية تعيد ترسيخ سيطرة حماس في القطاع بعد الانسحاب الإسرائيلي".
ويشارك عدد أقل نسبيًا من مقاتلي الحركة الذين لا يزالون في رفح بهجمات تستهدف القوات الإسرائيلية، ويوثقون عملياتهم في مقاطع مصورة يتم نشرها في وسائل إعلام عربية وعلى شبكات التواصل الاجتماعي. فيما تعتبر "هآرتس" أنّ شدة المعارك في رفح محدودة مقارنة بالمعارك بشمال القطاع في بداية الحرب.
هذا، وتشير تقديرات قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي أنّ حوالي 14 ألف مقاتل من حماس قتلوا منذ بداية الحرب، من أصل 30 ألف مقاتل يقول الجيش الإسرائيلي أنهم القوة التي تشكل الجناح العسكري للحركة، وأن نصف قادة كتائب حماس 24 قد تمت تصفيتهم، وإن استمرت "الخسائر" في صفوف الحركة فقد يهيئ ذلك لقيام سلطة بديلة بالقطاع، لكن "هآرتس" شككت في هذه التقديرات ووصفها بأنها "متفائلة".
أما فيما يتعلق بالمحتجزين بغزة البالغ عددهم 120 محتجز، فإن التقديرات تشير إلى مقتل 70 منهم، ولفت المحلل العسكري للصحيفة أن وسائل الإعلام الإسرائيلية بالكاد تطرقت إليهم، هذا الأسبوع، والمظاهرات المطالبة بإنقاذهم لا تنجح في حشد جمهور كبير.
كما أن إدارة بايدن ادعت أن حماس رفضت مقترح وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين والأسرى، ومن خلال هذه المعطيات لا توجد وسائل ضغط حقيقية على الحكومة الإسرائيلية للإسراع لعقد اتفاق ينهي الحرب.
أما بخصوص نتنياهو فإنه يعلم بموقف الجيش، وليس متوقعًا أن يوافق عليه، كما أن نتنياهو يواصل الحديث عن حرب ضارية ضد حماس دون تحديد وقت لها، إذ أنّ هدف نتنياهو الأول هو البقاء في الحكم وتجاوز دورة الكنيست الصيفية، ويأمل بفوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة التي ستجري بعد خمسة أشهر، وهذا أفضل بالنسبة له من وقف إطلاق نار دائم، الذي يعني اعترافًا فعليًا بالفشل في تحقيق أهداف الحرب وانسحاب مؤكد لأحزاب اليمين المتطرف وانهيار الحكومة، وفق التحليل الذي قدمته "هآرتس".