يتوقع أن تشهد فترة رئاسة السويد للاتحاد الأوروبي، تراجعًا كبيرًا في مسألة بحث خطط الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي. وسترأس السويد الاتحاد في 1 كانون الثاني/ يناير القادم، وسط توقعات بانتكاسة كبيرة في المقترحات المعروضة لتقاسم إدارة طالبي اللجوء.
يتوقع أن تشهد فترة رئاسة السويد للاتحاد الأوروبي، تراجعًا كبيرًا في مسألة بحث خطط الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي
وفي هذا الإطار، قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير لها، إن الاتحاد الأوروبي وصل إلى طريق مسدود بشأن الخطط المعروضة لتقاسم إدارة طالبي اللجوء، منذ الأزمة السياسية بين دول الاتحاد بعد وصول 1,3 مليون لاجئ إلى أوروبا في العام 2015.
وتشهد مناقشات تقاسم اللاجئين تقدمًا بسيطًا في مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي، بعدما كانت آخر المقترحات في أيلول/ سبتمبر 2022، وقد تخلت عن فكرة إلزام الدول الأعضاء في الاتحاد بحصص معينة لاستقبال اللاجئين، وذلك في محاولةٍ لتجاوز فكرة رفض استقبال المهاجرين بشكلٍ كامل، وذلك بعد انتقادات "نظام دبلن".
ومع تولي السويد الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، تبخرت آمال التقدم، التي كانت بالأساس ضعيفة، إذ تعهد حزب الديمقراطيين السويديين اليميني المتطرف بمساندة حكومة ائتلاف يمين الوسط المكون من ثلاثة أحزاب في السويد، مقابل السماح له بالمشاركة في تشكيل رؤية سياسية للبلاد.
هذا، وقال النائب السابق بمكتب الخدمة الخارجية للسويد في الاتحاد الأوروبي كريستيان ليفل، إن الحكومة السويدية الحالية "لا مصلحة لها في دفع تنشيط برنامج الهجرة، لن يسعوا من أجل هذا البرنامج، إلا لأن ذلك ما تتطلبه الإدارة الجيدة لمجلس الاتحاد، لكن لن يفعلوا ذلك بأيّ قدر من الحماس".
وبحكم رئاستها الدورية للاتحاد، من المتوقع أن تضع السويد، "جدول الأعمال المتعلق بآلاف الاجتماعات التي تتناول تقرير سياسات الاتحاد الأوروبي، وأن تكون وسيطًا نزيهًا لا يدفع بالسياسات أو التوجهات التي يميل إليها"، بحسب ما قالت الصحيفة.
من جهتها، أعربت زعيمة الاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي، الإسبانية إيراتكس غارسيا بيريز، عن مخاوفها من "التأثير السلبي لحزب الديمقراطيين السويديين اليميني المتطرف على رئاسة الإتحاد".
وغردت عبر حسابها في تويتر، "الدفاع عن سيادة القانون في جميع أنحاء أوروبا، وتعزيز المساواة، والتقدم في سياسات الهجرة واللجوء المشتركة، تبدو أمورًا صعبة مع حكومة سويدية، يملك اليمين المتطرف نفوذًا مؤثرًا عليها".
بينما قالت مراسلة الشؤون الأوروبية في صحيفة "Svenska Dagbladet" السويدية تيريزا كوشلر، إن "الهجرة هي المعركة الوحيدة التي من المؤكد أن الديمقراطيين السويديين سيصارعون من أجلها، الأمر الذي لا يمكنهم التهاون فيه، وما انتُخبوا من أجله".
ويتحدث مدير المعهد السويدي للشؤون الدولية جاكوب هالغرين للصحيفة بأن سياسة الاتحاد الأوروبي ليست جزءًا من اتفاقية الائتلاف بين الأحزاب الثلاثة الحاكمة والديمقراطيين السويديين، لكن الاتفاقية تشمل سياسات مثل الهجرة والبيئة، والتي صاغها القانون الأوروبي بشكلٍ كبير، وأضاف هالغرين أن اتفاقية الائتلاف تضمنت تقليص سياسات اللجوء السويدية إلى "الحد الأدنى المطلق"، وأراد الديمقراطيون السويديون تطبيق "سياسات تقييدية للغاية" على الهجرة، على الرغم من وجود استثناء كبير للاجئين الأوكرانيين، إلّا أنّ مدير المعهد السويدي للشؤون الدولية، أوضح بأنه من السابق لأوانه معرفة التأثير الذي قد يحمله الديمقراطيون السويديون في الحكومة، فهم "يريدون أن يكون لهم نفوذ كبير، إلا أنهم قد لا يحاولون فرض هذا النفوذ في جميع المجالات على الفور".
وفي هذا الإطار، يشار إلى الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، أمام البرلمان هذا الشهر، حيث لم تظهر فيه قضية سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي في أولويات الرئاسة الدورية للسويد، حيث تركز الخطاب على الحرب في أوكرانيا، والقدرة التنافسية لأوروبا والتحول الأخضر والقيم الديمقراطية.
الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، أمام البرلمان هذا الشهر، حيث لم تظهر فيه قضية سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي
ومع ذلك، وبعيدًا عن موقف الديمقراطيين السويديين من موضوع الهجرة، كان الاتفاق بين دول الاتحاد على آلية لتقاسم التكلفة، والجوانب التنظيمية لإدارة طالبي اللجوء "أمرًا محفوفًا بالصعوبات"، واستعصى الأمر على العديد من الحكومات الأوروبية التي تعاقبت على رئاسة الاتحاد، فقد أشار بعض الدبلوماسيين الأوروبيين إلى أن ما يسمى باقتراح "التضامن" بين دول الاتحاد في تقاسم أعباء اللجوء قد مات بالفعل، وأن كانت مصادر أخرى أبدت بعض التفاؤل.