18-أكتوبر-2024
التهجير القسري شمال غزة

صورة أرشيفية لآلاف الفلسطينيين المهجرين من شمال غزة إلى الجنوب في نوفمير الماضي (رويترز)

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية في بيان لها، اليوم الجمعة، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي انتهك ثلاثة أوامر مؤقتة من "محكمة العدل الدولية" على مدى عام كامل، بعدما سمحت سلطات الاحتلال بـ"دخول قدر ضئيل فقط من المساعدات إلى غزة، مما أعاق البعثات الإنسانية، وخاصة إلى شمال غزة".

وأضافت "رايتس ووتش" في بيانها موضحة أن الاحتلال الإسرائيلي "دمّر البنية الأساسية المدنية، وقتل عمال الإغاثة" في القطاع المحاصر منذ أكثر من عام، لافتة إلى أنه "يكافح الجميع تقريبًا في غزة للحصول على الغذاء الكافي، وبالنسبة لنصف مليون شخص النقص كارثي"، مبيّنة أن "سوء التغذية قتل الأطفال، ومعظم المستشفيات لا تعمل، وانتشرت الأمراض المعدية، بما فيها شلل الأطفال".

وأكدت المنظمة الحقوقية أن "هناك أدلة متزايدة على أن الجيش الإسرائيلي يسعى بشكل غير قانوني إلى إجبار المدنيين على الخروج من شمال غزة، ولا يوجد مكان آمن للذهاب إليه، ولا توجد طريقة آمنة للوصول إلى هناك، ولا توجد خطط مفترضة للسماح لهم بالعودة".

قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بانتهاك ثلاثة أوامر مؤقتة من "محكمة العدل الدولية" على مدار عام كامل، الأمر الذي تسبّب بدخول قدر ضئيل فقط من المساعدات إلى غزة

وأعاد بيان المنظمة الحقوقية بأوامر الإخلاء الأولى التي أصدرها جيش الاحتلال لسكان شمال غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023، بعد أسبوع من شن العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من الشهر ذاته، مؤكدةً أنه "حتى الآن، منع الجيش الإسرائيلي معظم السكان النازحين من العودة إلى الشمال".

وأضافت "رايتس ووتش" في بيانها أنه "في الوقت نفسه، اقترح كبار المسؤولين الحكوميين (الإسرائيليين) علنًا أن أراضي غزة قد تتقلص، وأن سكانها يجب أن يغادروا ويعاد توطينهم، وأن هذه الحرب ستكون نكبة أخرى"، في إشارة إلى نكبة عام 1948 التي هجّرت مئات آلاف الفلسطينيين قسريًا.

وفقًا بيانات الأمم المتحدة، فقد "تضررت أو دُمرت 87 بالمئة من الوحدات السكنية والمدارس في غزة، وكذلك 68 بالمئة من أراضيها الزراعية، و80 بالمئة من المرافق التجارية، و68 بالمئة من شبكة الطرق"، وتضيف الأمم المتحدة أن "البنية التحتية للمياه والطاقة في حالة خراب، ودُمرت جميع الجامعات".

وتشير المنظمة الحقوقية إلى أن "أوامر الإخلاء (التي أصدرها الاحتلال الإسرائيلي) تغطي الآن 85 بالمئة من قطاع غزة، ونزح نحو 1.9 مليون فلسطيني من سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون، لجأوا إلى منازل أقاربهم والمباني العامة والخيام والبيوت الزراعية وتحت سقوف من المشمعات البلاستيكية"، لافتةً إلى أن موسم هطول الأمطار يبدأ خلال الشهر الجاري.

ووفقًا للأمم المتحدة، فإنه "مازال أكثر من 400 ألف شخص في شمال غزة. بعضهم من كبار السن أو من ذوي الإعاقة، وبعضهم في المستشفيات"، وقالت المنظمة الحقوقية إنه: "تمكن البعض من العودة إلى الشمال بعد نزوح سابق. ليس لدى كثير منهم مكان يذهبون إليه، وقالوا إنهم لا يعتقدون أنهم سيكونون أكثر أمانًا في ما يسمى بالمناطق الإنسانية التي حددها الجيش الإسرائيلي".

وتنقل "رايتس ووتش" عن مدير مستشفى "كمال عدوان" في شمال غزة، حسام أبو صفية، قوله: "إن نقص الغذاء والوقود والإمدادات الطبية مرعب ويعرض حياة المرضى للخطر، بمن فيهم الأطفال حديثي الولادة"، ويضيف أبو صفية أن "الحليب ينفد أيضًا، والطعام ينفد، وكل شيء متاح ينضب".

وقالت "رايتس ووتش": "تشبه أوامر الإخلاء الأخيرة وعرقلة المساعدات الإنسانية التدابير المقترحة في خطة يُقال إن ضباطًا إسرائيليين متقاعدين قدموها للحكومة الإسرائيلية مؤخرًا، لإجبار المدنيين على الخروج من شمال غزة من خلال منع الغذاء والمياه وغيرها من الإمدادات"، في إشارة إلى "خطة الجنرالات" التي اقترحها الجنرال السابق في جيش الاحتلال، غيورا آيلاند، وأيدها كبار الجنرالات.

وأضافت المنظمة الحقوقية أن جيش الاحتلال "لم يسمح بإدخال المساعدات الغذائية إلى شمال غزة منذ الأول من تشرين الأول/أكتوبر (الجاري)"، مشيرةً إلى أنه "خلال تلك الفترة (منذ السابع من أكتوبر 2023) أمر بإخلاء المستشفيات هناك وسط تكثيف الهجمات القاتلة، بما فيها على مركز لتوزيع الأغذية. أغلقت آبار المياه والمخابز والنقاط الطبية والملاجئ في الشمال، وتوقفت منظمات الإغاثة عن تقديم خدماتها".

وأكدت المنظمة الحقوقية في بيانها "يعيش الناس في شمال غزة بين الخوف من الهجوم والموت جوعًا والخوف من عدم السماح لهم بالعودة إذا غادروا منازلهم"، وأضافت أن "أغلبهم من اللاجئين وأحفاد اللاجئين الذين فروا أو أجبروا على ترك منازلهم عام 1948، فيما أصبح يُعرف الآن إسرائيل، ولم يُسمح لهم بالعودة أبدً".

وقالت "رايتس ووتش" إن: "الحفاظ على التفوق الديموغرافي اليهودي في مساحات شاسعة من الأراضي الواقعة بين نهر الأردن والبحر المتوسط، بما فيه من خلال التهجير القسري، يشكل عنصرًا أساسيًا في الجريمة ضد الإنسانية المستمرة المتمثلة بالفصل العنصري التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية، والتي تهدف إلى الحفاظ على هيمنة اليهود الإسرائيليين على الفلسطينيين"، واصفة مطالبة وزراء حكومة الاحتلال بإعادة إنشاء مستوطنات في شمال غزة يرقى إلى "جريمة حرب".

وختمت المنظمة الحقوقية بيانها بالإشارة إلى التقارير التي ذكرت أن الولايات المتحدة طلبت من الحكومة الإسرائيلية السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مشددة على أنه "حان الوقت لكي تتخذ الولايات المتحدة إجراءات ملموسة وتُعلق المساعدات العسكرية إلى إسرائيل، لتجنب التواطؤ في الانتهاكات المتصاعدة ضد المدنيين في غزة، وخاصة في الشمال".