سيتعين على شركات وسائل التواصل الاجتماعي التي تعمل في ولاية كاليفورنيا أن تأخذ باعتبارها صحة وسلامة ورفاه الأطفال بشكل تطبيقي واضح، وذلك بموجب مشروع قانون هو الأول من نوعه في العالم، تم إقراره يوم الخميس، 15 أيلول/سبتمبر، ليصبح قانونًا ساريًا في الولاية، ويتوقع تبني نماذج مماثلة له في ولايات ودول أخرى، في ظل تزايد التخوف من قبل المشرعين من تأثير هذه الوسائط على الأطفال واليافعين.
القانون الجديد في كاليفورنيا يعرف باسم "قانون التصميم اللائق للأطفال" (Age-Appropriate Design Code Act)
القانون الجديد في كاليفورنيا يعرف باسم "قانون التصميم اللائق للأطفال" (Age-Appropriate Design Code Act)، ومن شأنه أن يلزم الشركات المطورة لتطبيقات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وتيك توك وإنستغرام وغيرها، أن تدرس منتجاتها ومزاياها وأدواتها بشكل يضمن الحدّ من أي ضرر محتمل على الأطفال والقصّر، وذلك اعتبارًا من العام 2024.
وتعليقًا على إقرار هذا القانون، قال غافن نيوسوم، حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي، "لقد اتخذنا إجراءات صارمة في كاليفورنيا لحماية صحة ورفاهية أطفالنا".
وقد حصل مشروع القانون على دعم بالإجماع من الحزبين في كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ الأمريكيين، في حين أعربت شركات التواصل الاجتماعي من طرفها عن معارضته لها، على اعتبار أن التباين في القوانين الناظمة لعملها بين الولايات سيجعل الامتثال لها أمرًا صعبًا، علمًا أن المجلس التشريعي للولاية كان قد أوقف الشهر الماضي تعديلًا قانونيًا منفصلًا ذا هدف مماثل لصالح الأطفال، كان من شأنه أن يسمح بمقاضاة هذه الشركات في حال ادعاء تسبب تطبيقاتها بإلحاق الأذى بالأطفال أو التأثير على سلوكهم على نحو ضار بصحتهم الذهنية أو الجسدية، مثل تعرضهم للإدمان أو الاستغلال الجنسي.
لغة يفهمها الأطفال
القانون الجديد سيلزم الشركات بصياغة سياسات الخصوصية الخاصة بها بلغة يمكن للأطفال فهمها، كما سيحظر جمع المعلومات عنهم، أو استخدام الأدوات التي تشجع الأطفال على مشاركة بياناتهم الشخصية. إضافة إلى ذلك، سيحظر القانون على الشركات استخدام أدوات تحديد الموقع الجغرافي ما لم يتم إخطار الطفل صاحب الحساب بذلك، مع منع استخدام أي معلومة شخصية يتم الحصول عليها على نحو قد يلحق الأذى به.
وفي حال خرق الشركات لهذه القواعد، فإنها ستواجه إنذارات قضائية ضدّ منتجاتها، مع فرض غرامات عليها قد تصل إلى 7500 دولار أمريكي لكل طفل متأثر إذا تبين أن الانتهاك كان متعمدًا أو ناجمًا عن الإهمال والتقصير في فرض الإجراءات المعيارية اللازمة.
ارتباك بين الشركات الكبرى
عارضت الشركات التقنية المعنية هذا التطوّر القانوني في ولاية كاليفورنيا، وكان من بين أبرز ردود الفعل المبكرة ما صدر عن المتحدثة باسم شركة "ميتا" المالكة لتطبيق فيسبوك وإنستغرام، والتي عارضت مشروع القانون مشيرة إلى تخوفات لدى الشركة بشأن بعض أحكام القانون، معبرة في الوقت ذاته عن رغبة "ميتا" بالتوصل إلى تفاهمات حكومية أوسع لوضع معايير تضمن سلامة المستخدمين القصّر.
نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن المتحدثة باسم "ميتا" قولها: "نعتقد بضرورة أن يتمتع صغار السن بحماية عامة عبر جميع التطبيقات والخدمات التي يستخدمونها عبر الإنترنت، وهذا هو السبب في أننا نطالب بالتعامل مع معايير واضحة وعامة.. نحن نأمل الحفاظ على حق المراهقين بالاتصال بالإنترنت، مع الحفاظ في الوقت ذاته على سلامتهم".
أما الموقف الأكثر تصلبًا إزاء القانون، فجاء من طرف مؤسسة "نيت تشويس" (NetChoice)، وهي مؤسسة أمريكية تنشط في تمثيل مصالح شركات الإنترنت والتقنية، وتضم في عضويتها شركات كبرى مثل "ميتا" و"تويتر" و"تيك توك". المؤسسة قالت على لسان أحد مستشاريها البارزين، كريس مارشيز (Chris Marchese)، إن القانون الجديد سيترتب عليه الكثير من التبعات التي تتمثل في وضع قيود على كيفية استخدام المواطنين للإنترنت، كبارًا وصغارًا.
و نقلت الجورنال عن مارشيس قوله: "هذا القانون ينتهك التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة، إذ أنه يقوض حرية التعبير، التي يحميها الدستور، ويعتدي على الحقوق التحريرية للمواقع والمنصات والتطبيقات المختلفة في أحجامها وتوجهاتها".
يذكر أن ولاية كاليفورنيا قد أقرت مؤخرًا كذلك قانونًا جديدًا يطالب شركات وسائل التواصل الاجتماعي بالكشف علنًا عن سياسات منصاتها بشأن خطاب الكراهية والمعلومات المضللة والمضايقات والتطرف، وسيتعين على الشركات بموجب هذا القانون مشاركة البيانات مع الهيئات المعنية في الولاية حول تطبيق هذه السياسات.
تسعى العديد من الحكومات حول العالم، ولاسيما في الاتحاد الأوروبي، إلى فرض المزيد من القيود على الشركات التقنية الكبرى
هذا وتسعى العديد من الحكومات حول العالم، ولاسيما في الاتحاد الأوروبي، إلى فرض المزيد من القيود على الشركات التقنية الكبرى، في صالح المستخدمين وحماية حقهم في الخصوصية، بالإضافة إلى تطوير قوانين تضمن حماية الأطفال واليافعين وكبح تغوّل هذه التطبيقات، في ظل تزايد التقارير التي تتحدث عن الآثار النفسية والجسدية الوخيمة جراء الإفراط في استخدامها.