بعد انتظار دام عدة أشهر بدا خلالها أن انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" سيبقى معلقًا إلى ما لا نهاية، بسبب الخلافات بينها وبين كلٍ من تركيا والمجر؛ صوّت البرلمان المجري يوم أمس الإثنين لصالح انضمام الدولة الاسكندنافية إلى الحلف.
ويأتي التصويت بعد عدة أسابيع على موافقة البرلمان التركي على انضمام السويد إلى الحلف عقب سلسلة مفاوضات بين أنقرة وستوكهولم أفضت إلى الموافقة على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي.
ومن المقرر أن يُرفع علم السويد خارج مقر "الناتو" في العاصمة البلجيكية بروكسل خلال أيام قليلة. ولكن، ماذا يعني انضمام السويد إلى الحلف بالنسبة لها وللعالم عمومًا؟
تقول صحيفة "الغارديان" البريطانية، في تقرير نُشر اليوم الثلاثاء، إن انضمام السويد إلى "الناتو" يجعل من بحر البلطيق "بحر الناتو" كونه أصبح محاطًا بالدول الأعضاء: ليتوانيا، إستونيا، لاتفيا، فنلندا، بولندا، والسويد أخيرًا.
يمثّل انضمام السويد إلى حلف "الناتو"، بعد عقود من الحياد، تغييرًا جذريًا في الهوية الوطنية
وبحسب إيما روزنغرين، زميلة الأبحاث في المعهد السويدي للشؤون الدولية، فإنه من المرجح أن تكون السويد بمثابة مركز لوجستي للتخطيط الدفاعي: "بما في ذلك نقل الأفراد والعتاد إلى جبهة حرب مستقبلية متخيلة".
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن السويد كانت تتصرف، خلال الأشهر السابقة، على أنها عضو كامل العضوية في الحلف، حيث وقعت اتفاقًا مع الولايات المتحدة يتيح لها الوصول الكامل إلى 17 من قواعدها العسكرية، وأعلنت كذلك عن خطط لإرسال قوات إلى لاتفيا.
وأوضحت أنه بالنسبة للدولة المحايدة تاريخيًا، فإن ذلك يمثّل تغييرًا جذريًا في الهوية الوطنية. ولفتت، في هذا السياق، إلى دعوة رئيس وزراء السويد أولف كريستيرسون السويديين، الذين اعتادوا على رؤية أنفسهم كأمة مسالمة، للاستعداد لاحتمال نشوب حرب.
كما أدت التحولات التي ترتبت على عملية انضمام السويد إلى الحلف، إضافةً إلى الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى إعادة العمل بالخدمة المدنية الإلزامية التي ألغيت عام 2008، وبالتالي استدعاء نسبة صغيرة من السكان إلى الخدمة العسكرية، إضافةً إلى زيادة الإنفاق على التسليح والدفاع.
ولفتت "الغارديان" إلى أن فكرة عضوية "الناتو" لم تكن مطروحة في الحزب الديمقراطي الاشتراكي السويدي، حيث أعلن وزير الدفاع السابق، بيتر هولتكفيست، في خريف عام 2021، أنه يستطيع "ضمان" أنه لن يشارك أبدًا في عملية الانضمام إلى الحلف.
ولكن الغزو الروسي لأوكرانيا دفع بالحزب، كما الرأي العام السويدي عمومًا، إلى تغيير موقفه. وبعد بضعة أشهر فقط على الغزو، شرعت زعيمة الحزب الديمقراطي الاشتراكي، رئيسة الوزراء آنذاك ماجدالينا أندرسون، في عملية انضمام السويد إلى عضوية "الناتو".
ووصف ماغنوس هيورت، المدير العام لوكالة الدفاع النفسي السويدية، ما حدث بأنه لحظة تاريخية بالنسبة للبلاد. بينما قال روبرت دالسيو، مدير الأبحاث في وكالة أبحاث الدفاع السويدية، إن تصويت المجر قد يجعل السويد عضوًا في حلف شمال الأطلسي بحلول نهاية الأسبوع.
وقال دالسيو إن هذه الخطوة كانت جزءًا من شيء أكبر بكثير، كونها أكملت: "وداع السويد الطويل للحياد"، وهي العملية التي بدأت بعد انتهاء الحرب الباردة عندما تقدمت بطلب رسمي للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي.