لا شك أن تربية الأطفال عملية صعبة ومعقدة إلى حد ما، وبالذات في أيامنا هذه حيث لم تعد الأسرة هي المصدر الوحيد للتربية ناهيك عن أنها في معظم الأحيان لم تعد في المرتبة الأولى حتى. ما تواجهه الأسر الآن من صعوبات وتحديات في سبيل إنشاء جيل سليم النفس والبدن كبيرة جدًا، ونخص هنا بالذكر الأمهات حيث يلقى الحمل الأكبر في التربية على كاهل الأم، ونحن في هذا المقال سنحاول تقديم بعض النصائح المهمة في تربية الأطفال، فما هي أهم النصائح للأمهات في تربية الأطفال؟
نصائح للأمهات في تربية الأطفال
ثمة بعض النصائح الهامة التي يجب على الأم التنبه إليها أثناء التعامل مع أطفالها، وأهم هذه النصائح:
-
تقديم القدوة الجيدة
يتعلم الطفل بالاكتساب أكثر من أي طريقة أخرى، وإدراك هذه الحقيقة يوجب على الأهل ملاحظة ومراقبة كل تصرفاتهم وكلامهم أمام أبنائهم، فالأطفال هم المرآة التي تعكس صورتنا أمام المجتمع، وهم نتاج أسلوبنا في التعامل معهم أو مع المحيطين وبالذات الأمهات، لذا ومن أهم النصائح للأمهات في تربية الأطفال مراعاة تصرفاتهن أمام الأبناء.
-
الإنصات للطفل
تقول الكاتبة بوني هاريس في كتابها أهل واثقون أبناء مميزون: "من خلال التواصل، نكسب الوصول المباشر إلى جذر أي مشكلة، وجذر أي عقبة تواجه طفلنا"، غير أنه لا يمكن الوصول إلى مشكلات الطفل الداخلية إلى لم نبنِ من البداية معه جسرًا من الثقة، وهذه الثقة إنما توجد أولًا من إنصاتنا للطفل واستماعنا له. لسنا ملائكة بطبيعة الحال، ولن نتمكن دائمًا من إتاحة وقت فسيح لأطفالنا لسماعهم والتحدث إليهم، ولكن المقصود من هذه النصيحة تحديدًا وبالذات الأمهات هي محاولة عدم صد الأطفال إذا ما حاولوا الحديث، حتى إن لم تفرد الأم للطفل وقتًا مخصصًا لظروف خارجة عن إرادتها عليها دمج أطفالها بحياتها عامة، في المطبخ أو أثناء القيام بالواجبات المنزلية وغير ذلك والتحدث إليهم والاستماع منهم، وهذه من أهم وأكثر النصائح للأمهات في تربية الطفل نفعًا وأهمية، لأنها ستقلل بطبيعة الحال من نوبات غضب الطفل والتي سيحاول من خلالها لفت نظر الأم له نتيجة لتجاهلها له.
-
تشجيع الطفل على القراءة
تقول رائدة أدب الطفل السويدية أستريد ليندغرين "الأطفال يصنعون المعجزات عندما يقرأون لهذا يحتاج الأطفال الكتب". تؤكد الدراسات المتعددة التي أجراها الباحثون التربويون على أن الطفل الذي اعتاد القراءة منذ صغره يتمتع بقدرة أكبر من غيره على التفاعل الإيجابي مع المجتمع المحيط، أضف إلى ذلك المعجم اللغوي الغني والخيال الواسع الذي سيتيح للطفل مجالًا رحبًا من الإبداع والابتكار. للأسف تعاني مجتمعاتنا العربية من عزوف كبير عن القراءة عامةً وتضع قراءة أدب الطفل بالحدود الدنيا من الأهمية، برأيي، حتى نتمكن من رأب هذا الصدع الخطير الذي يهدد مجتمعنا بانهيار وشيك يتوجب علينا إعادة النظر حول فكرتنا نحن أولًا بكل ما يتعلق بالقراءة عامة وقراءة الأدب خاصة وبالذات أدب الطفل، فالقراءة من أهم وأكثر الوسائل نفعًا في تربية الأطفال عامة، ومن خلالها يمكن إيصال نصائح هامة بشكل سلس وغير مباشر للطفل، كما أنها تساعد على تشكيل معجم لغوي ثري خاص به، وهذه من أنفع النصائح للأمهات في تربية الأطفال.
-
أظهار المشاعر أمام الطفل
إن من أهم النصائح المقدمة للأمهات في تربية الأطفال هي إظهار المشاعر لهم، كثير منا يعتبر أن الجمود في المشاعر وكبتها يعتبر ضربًا من ضروب تربية الأطفال بشكل صحيح، وأن إظهارها يعتبر نوعًا من الدلال الزائد فتكون النتيجة للأسف نشأة طفل بمشاعر باردة، قد يتسببون لاحقًا بأذية أنفسهم ومن حولهم كذلك، أو طفل عنيد لا يمكن السيطرة عليه.
إن إبداء المشاعر للطفل يساهم في خلق نفسية سوية واتزان عاطفي ينعكس أثره على الطفل استقرارًا وهدوءًا، ويشجعه على الانطلاق نحو حياة مستقبلية أفضل.
-
تعليم الطفل الاحترام
ذكرت سابقًا أن الأطفال مرآتنا نحن ويعكسون طريقتنا في التعامل مع الناس ومعهم كذلك، لذا، لا يعقل انتظار الاحترام من طفل لا يقدم له أهله الاحترام. كلمات مثل "لو سمحت" "لطفًا" "شكرًا" تساهم كثيرًا في رفع ثقة الطفل بنفسه وأيضًا تعكس له طريقة لطيفة في التعامل مع الناس يكتسبها الطفل من الأم أو الأب، لذا فإن تقديم الاحترام للطفل من أهم النصائح للأمهات في تربية الأطفال التي يجب عليهن أخذها بعين الاعتبار.
-
مديح الطفل
ينطوي المديح على شعور الطفل بأهميته ووجوده، ولكن أي نوع من المديح هو المفيد يا ترى؟
يرى علماء النفس أن مدح الطفل لذكائه ومواهبه الفنية مثلًا يعيقهم لاحقًا من الشعور بلذة التعلم والسعي وراء التفوق، ذلك أن هذه مواهب فطرية تولد مع الطفل، ولكن المديح لطريقة استخدام هذا الذكاء بأسلوب احترافي من قبل الطفل، أو بذله للجهد في إنجاز عمل ما هنا يكون المديح في مكانه.
سرعة البديهة في حل المشكلات مثلًا واختيار طريقة الكلام المناسبة عند تعرض الطفل لأزمة ما هي ما يجب مدح الطفل عليها، حيث يحفز هذا المديح الطفل على تحمل مسؤولية نفسه، ويعتبر تقديم المديح من أهم النصائح للأمهات في تربية الأطفال التي يجب عدم تلافيها لما لها من أثر قوي على نفسية الطفل.
-
المشاركة في الواجبات المنزلية
إن عزوف الأم عن توزيع مهمات بسيطة من المهمات المنزلية على الأطفال يعتبر مشكلة كبيرة ينطوي عليها شعور الأطفال باللامسؤولية وعدم المبالاة مع كل ما يفعلونه في المنزل. فيجب إشعار الطفل بمسؤوليته تجاه بيته ونظافته وعليه فهم أهمية دوره في هذه أداء هذه الواجبات، هذا يسهل على الأطفال تحمل مسؤولية أنفسهم ويشعرهم كذلك بأهمية وجودهم وضرورته. قد تعتبر بعض الأمهات أن هذا أمر يصعب تحقيقه أو تجعلهم رغبتهم في تدليل أبنائهن يتجنبن إشراكهم في أعمال المنزل، إلا أن هذا من أكبر الأخطاء التي قد يتعرض لها الطفل والتي ينعكس عليها لاحقًا اعتياد الطفل على الإهمال.
-
تقديم المساندة للطفل عند احتياجه لها
لا شك أنه من المهم أن يتعود الطفل على حل مشكلاته بنفسه، ولكن، لا ضير من المساندة عند الاحتياج إليها. مثلًا يعتبر التنمر واحدًا من أكبر المشكلات التي قد تواجه الأطفال من أقرانهم أو الأكبر منهم أو غير ذلك، وخلافًا لكون هذه مشكلة تدل على وجود خلل تربوي معين وتحتاج إلى دعم نفسي كبير للطفل، لكن بالإضافة إلى هذا الدعم النفسي على الأم والأب تقديم دعم مادي ملموس للطفل حتى يشعر بالأمان.
من الممكن أن يتمثل هذا الدعم بالتدخل المباشر مع المتنمرين إذا ما حاولوا إيذاءه بدنيًا، أو دعم الطفل من خلال إشراكه بمراكز للدفاع عن النفس مثلًا لرفع ثقته بنفسه، إن المساندة بالنسبة بالطفل المادية أو المعنوية تشعره بالأمان وهي من أكثر النصائح الغائبة التي يجب أخذها بعين الاعتبار.
-
أخذ آراء الأطفال بعين الاعتبار
في مقال نشر على موقع (Child Development) إشارة إلى أهمية احترام رأي الطفل بصرف النظر عن مدى صعوبة التعامل معه، إلا أن إشراكه في الرأي سيجعله أكثر ثقة وتقديرًا لذاته ولوالديه، ففي تربية الأطفال ليس المهم أن نثبت لأنفسنا أننا على صواب بقدر أهمية إثباتنا أننا قادرون على الوصول إلى الصواب بطريقة صحيحة.
قد تظن الأمهات (والآباء) أحيانًا -وذلك من فرط محبتهن لأبنائهن- أنهن على حق دائمًا وهن وحدهن القادرات على فعل الصواب لأجل أطفالهن، غافلات عن رأي أطفالهن بما يريدونه واختياراتهم كذلك، وهذا من الأخطاء الشائعة، وبهذا المقال أعتبر أن أهم النصائح للأمهات في تربية الأطفال تتمحور حول هذه النصيحة تحديدًا، وإن خشينا على أبنائنا من اختيارات خاطئة نقدم لهم النصيحة وبالمناقشة والحوار سنكون قادرين على إقناهم ولكن ليس بالفرض أبدًا. ويعتبر هذا الأمر من أفضل الطرق في التربية وتقويم السلوك.
-
الثواب والعقاب
يتناول الكاتب الدكتور عبد الله محمد عبد المعطي في كتابه "كيف تصنع طفلًا مبدعًا" الحديث عن ضرورة وضع قوانين منظمة في البيت حيث يقول " من المهم أن يكون للبيت قوانين وقواعد يلتزم بها الجميع، وهذا بدوره سيقلل من الخلافات ويزيد النظام ويمنح الجميع الراحة والاستقرار". تستخدم صديقتي أسلوبًا مميزًا في التعامل مع أطفالها، حيث تجدول الأعمال التي يجب على الأطفال تنفيذها وتضعها بمكان مرئي منهم، أما العمل الذي ينجزونه تشير عليه بعلامة "صح" وما لا ينجزونه تشير عليه بعلامة "خطأ"، ثم تحصي في نهاية اليوم عدد ما تم إنجازه وتكافئهم عليه وما لم ينجز من الأعمال يحرمون بسبب عدم إنجازه بشيء ما.
أسلوب الثواب والعقاب هذا يساهم كثيرًا في تجنب الصراعات مع الأطفال، فعلمهم المسبق بالمكافأة أو الحرمان يشعرهم بأنهم مسؤولون عن القرار التي سيتخذ وأنهم وحدهم من يمتلكون وقفه أو تنفيذه، عداك عن أن وجود هذا الجدول مكتوبًا أمام أعينهم يساعدهم في تذكر واجباتهم دائمًا، فلتكن هذه النصيحة المهمة للأمهات في تربية الأطفال على رأس قائمة أولويات الأم.
يقولون إن التربية جذورها مرة وثمارها حلوة، فعلى الرغم من صعوبة التربية خاصة في أيامنا الحالية، إلا أن تجاوز هذه الرحلة بالأطفال إلى بر الأمان بأقل الخسائر الممكنة يشعر الأهل في آخر المطاف بأن تجربتهم تكللت بالنجاح، وبأن ما سبق من سنوات التربية لم تكن غير رحلة جميلة سرعان ما تنتهي.