عملت السعودية على تسريع عملية التطبيع مع نظام الأسد خلال الأيام الماضية، ولم تفصل سوى أسابيع معدودة عن قول وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان: "نحن نعمل مع شركائنا لإيجاد طريقة للتعامل مع الحكومة في دمشق بطريقة تقدم تحركات ملموسة نحو حل سياسي"، وصولًا إلى نية السعودية ونظام الأسد تبادل السفراء ودعوة رئيس النظام السوري لحضور القمة العربية المقبلة في الرياض، وهي الجهود التي انتهت يوم الأربعاء إلى استقبال وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد في جدة.
عملت السعودية والإمارات في الأشهر على الأخيرة على دفع في عملية التطبيع مع نظام الأسد
ورغم تسريع عملية التطبيع مع نظام الأسد، وهي جهود تدعمها السعودية والإمارات من جهة، والجزائر وتونس من جهة أخرى، كما توافق عليها الأردن ودول إقليمية أخرى مثل تركيا، إلّا أنّ هذه العملية ما تزال تواجه معارضةً من دول عربية أخرى، بحسب تقرير صدر عن صحيفة وول ستريت جورنال.
وتقول الصحيفة الأمريكية إن جهود التطبيع السعودية مع نظام الأسد تواجه مقاومة من عدة دول عربية أخرى، مشيرةً إلى أن ذلك قد يمثل "انتكاسة لجهود المملكة لقيادة إعادة ترتيب جيوسياسية أوسع جارية في الشرق الأوسط"، وفق تعبير الصحيفة.
وتشير الصحيفة إلى خطوة إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، باعتبارها خطوةً "من شأنها إضفاء الشرعية على بناء العلاقات مع الأسد، بعد عقد من نبذ الأسد لحملته الوحشية" على الثورة السورية، هي خطوة بهدف تعزيز نفوذ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في دمشق والمنطقة.
وتنقل وول ستريت جورنال، عن مصادر عربية رفض خمسة أعضاء من جامعة الدول العربية، من بينهم المغرب والكويت وقطر واليمن، عودة نظام الأسد إليها، بالإضافة إلى مصر التي ترفض ذلك بشكلٍ حذر.
وقالت المصادر العربية إن بعض هذه الدولة "تريد من الأسد التعامل أولاً مع المعارضة السياسية السورية بطريقة تمنح جميع السوريين صوتًا لتقرير مستقبلهم".
وحول الموقف المصري، قال متحدث باسم وزارة الخارجية المصرية إن وزير الخارجية المصري سامح شكري أبلغ الأمم المتحدة، يوم الإثنين، بأنه يؤيد تنفيذ قرار أممي يطالب بخريطة طريق لإجراء انتخابات حرة في سوريا.
وتوضح الصحيفة، أن الأغلبية البسيطة ستكون كافية لإعادة قبول النظام السوري في جامعة الدول العربية، أي من ناحية إجرائية، ولكنها تضيف " الإجماع فقط سيوفر الشرعية اللازمة للضغط على المجتمع الدولي بشأن رفع العقوبات عن النظام السوري".
وسبق للأمن العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، القول في مؤتمر صحفي الشهر الماضي، إنه "لا يوجد إجماع عربي في الوقت الحالي بشأن قضية إعادة قبول سوريا المحتملة في جامعة الدول العربية".
قال المسؤولون العرب إن بعض الدول التي تعارض إعادة قبول سوريا ضاعفت من مطالبها، بما في ذلك دعوات موجهة لنظام الأسد بقبول قوات عربية لحماية اللاجئين العائدين، وقمع تهريب المخدرات، ومطالبة إيران بالتوقف عن توسيع نفوذها في سوريا.
ومع ذلك ، لا يزال الزعيم السوري حريصًا على إصلاح العلاقات مع جيرانه العرب لأن ذلك يمكن أن يصقل صورته في الداخل وربما يؤدي إلى المساعدة في إعادة بناء البلاد ، كما يقول المسؤولون العرب. في الأسابيع الأخيرة ، زار السيد الأسد عمان والإمارات كجزء من حملة أوسع لتطبيع العلاقات الدبلوماسية.
في غضون ذلك ، تحاول المملكة العربية السعودية التغلب على مقاومة إعادة قبول حكومة الأسد في جامعة الدول العربية.
وفي هذا السياق، أكد المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، وبشكلٍ متكرر على مدار الأسابيع الماضية، على أن موقف بلاده لم يتغير من نظام الأسد، قائلًا: "الأسباب التي دعت إلى تجميد عضوية سوريا في جامعة الدول العربية لا تزال قائمة"، وأكد الأنصاري في حديث سابق على "ثبات الموقف القطري" تجاه النظام، مشيرًا إلى أنه "لا يوجد إجماع عربي على التطبيع مع النظام في الوقت الحالي"، مؤكداً أن قطر لن تخون دماء ضحايا الأزمة السورية.
تتباين أسباب المعارضة لعودة نظام الأسد، وبحسب مصادر مغربية، فإن الرباط تريد من نظام الأسد إنهاء دعم جبهة البوليساريو التي تسعى للاستقلال في الصحراء.
بحسب تقرير وول ستريت جورنال، فإنه لا يوجد إجماع عربي حول التطبيع مع نظام الأسد
أمّا الحكومة اليمنية (المعترف بها دوليًا)، المرتبطة في السعودية، فهي تعارض التطبيع مع النظام السوري، بسبب العلاقة مع جماعة الحوثي.
وتختتم الصحيفة الأمريكية تقريرها، بالإشارة إلى أن التطبيع مع الأسد لن يمهد الطريق بشكلٍ سريع من أجل رفع العقوبات عنه، من خلال إقناع الولايات المتحدة وأوروبا بذلك، مشيرةً إلى أن مجموعة الخبراء والمسؤولين الأمريكيين السابقين بشأن سوريا كتبوا رسالة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن، قائلين: "إن المحاولات العربية لتطبيع العلاقات مع النظام دون إصلاحات سياسية تتعارض مع برامج الأمن وحقوق الإنسان الأمريكية".